من الطبيعى أن يقارن الناس ما شاهدوه فى هذا العهد، وبين ما جرى فى عهد الرئيس السادات، لأن الحزب الذى أسسه الرئيس الراحل عام 1978 مازال يحكم مصر حتى الآن، كما أن جوهر خيارات الرئيس السادات مازالت مصر تسير عليه، وأن الفارق بين العهدين فى الأساليب والطريقة.
وقد يرى الكثيرون أن الفرق فى الأساليب ليس أمراً مهما طالما أن الجوهر واحد، والحقيقة نحن نرى عكس ذلك، فالفارق فى الأساليب يشكل فى حد ذاته موقفا جوهريا، بل إن شكل «إدارة التفاصيل» فى أى مجتمع قادر فى حد ذاته على تحديد كل ما هو جوهرى واستراتيجى، نظرا لكون التغيير - على عكس ما يتصور البعض - لا يمكن أن يأتى قفزا على هذه التفاصيل إنما نتائج لتراكماتها.
ومع أن معظم خيارات الرئيس السادات رفضته فى حينه وإن كان بعضه تفهمته بعد ذلك إلا أنه فى النهاية كان رجلاً صاحب رؤية وتصور وأسس ما يمكن وصفه بمدرسة اليمين العربى، التى قامت على فكرة التسوية السلمية للصراع العربى - الإسرائيلى، وتوقيع اتفاقية سلام منفرد فى كامب ديفيد عام 1979.
وقد عارض هذه الاتفاقية 13 نائباً فى مجلس الشعب، وهو الأمر الذى لم يتحمله الرئيس السادات فحل بعدها البرلمان وأجرى انتخابات 1979 التى زورت من أجل إسقاط هؤلاء النواب وكل رموز اليسار، وفلت نائب واحد هو الراحل العظيم ممتاز نصار الذى حمى أنصاره الصناديق بالسلاح.
ولإحداث توازن فى شكل المجلس الجديد طلب الرئيس السادات من وزير زراعته الراحل إبراهيم شكرى أن يشكل حزب «المعارضة الشريفة» عوضاً عن قوى اليسار والناصريين الذين عارضوه فاستبعدهم، وأخلى لشكرى وحزبه العمل الاشتراكى مجموعة من الدوائر فى سابقة كانت محل نقد الكثيرين. ولأن الرجل كان محترف سياسة وليس هاويا عرف أهمية أن تكون هناك معارضة حتى لو كانت صنيعته.
والمؤكد أن الدولة بهيبتها وصرامة أجهزتها الأمنية كانت حاضرة فى الأمرين: «الاستبعاد والإحلال»، فهى التى نظمت عملية الاستبعاد بتزوير صريح ضد 13 نائبا ولكنه تزوير غير متدن لم يستخدم فيه البلطجية ولم يشتر فيه رجال الأعمال قيادات فى الدولة، وهى التى نظمت دخول كثير من مرشحى حزب العمل «المعارض» إلى البرلمان.
بالتأكيد التزوير فى 1979 و2010 مرفوض ومدان ولكن «تزوير الهواة» يختلف عن المحترفين، فالأول قرر استبعاد الإخوان المسلمين ولكنه عوضهم بالبلطجة وشراء الأصوات وكثير من المرشحين المطيعين والفاسدين وليس بنواب للمعارضة المدنية، بل حتى إعلان النتائج اتسم بالتخبط والعشوائية حتى «تستوى الطبخة».
ويكفى أن الدكتورة منى مكرم عبيد مرشحة حزب الوفد عن كوتة المرأة ظلت ناجحة ليوم كامل ونشر الخبر فى الصحف إلى أن قررت قيادات الحزب الوطنى إسقاطها وإعطاء منافستها مرشحة الحزب 370 ألف صوت لتتحول إلى ناجحة فى غمضة عين.
نعم الانتخابات الأخيرة كانت كارثية وأعادت البلاد لما هو أسوأ بكثير مما نعتبره سيئاً، وهو انتخابات 1979، التى كان وراءها رئيس يدافع عن مشروعه السياسى، وليس صاحب شركة يرغب فى تحويل بلد كامل إلى عزبة خاصة.
amr.elshobaki@gmail.com