«أنا أحمد سيف الإسلام حمد، بتاع اليسار مش الإسلاميين، محامي بمركز هشام مبارك للقانون، عجوز الناس بتعرفني بجد خالد، وأبوسناء، منى، علاء، وجوز ليلى سويف».. كلمات وصف بها الناشط الحقوقي، سيف الإسلام، نفسه، الذى يعاني من أزمة صحية، ويتلقى العلاج بمستشفى المنيل الجامعي.
أحمد سيف، أب لأسرة كانت من بين أول المشاركين في ثورة 25 يناير، حيث وقفوا ضد حكم الرئيس الأسبق، محمد حسني مبارك، ومن بعده الرئيس المعزول، محمد مرسي، وكرر الأمر نفسه مع المجلس العسكري، الذي قاده المشير محمد حسين طنطاوي.
وتعرض أفراد أسرة «سيف الإسلام» للسجن والاعتقال لمرات في عهد مبارك ومرسي والرئيس السابق، عدلي منصور، والرئيس عبدالفتاح السيسي، كما أنها تجاهد في الدفاع عن معتقلي الرأي.
تخرج «سيف الإسلام» في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة 1977، وحصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة، 1989، أثناء قضائه لفترة الاعتقال لـ5 سنوات في قضية رأي، كما حصل على دبلوم العلوم الجنائية من نفس الجامعة.
وشارك في تأسيس مركز هشام مبارك للقانون في 1999، وتولى إدارته منذ إنشائه، وأحد مؤسسي تجمع المحامين الديمقراطيين، وهو من مواليد حوش عيسى بالبحيرة، كما شارك في قيادة الحركة الطلابية في السبعينيات، واعتقل4 مرات، 2 في عهد الرئيس الراحل، محمد أنور السادات، والثالثة والرابعة في عهد مبارك.
كان أول اعتقال له لمدة يومين 1972، على إثر مظاهرات الطلبة من أجل تحرير سيناء، وكان آخرها أيضًا ليومين، سنة 2011، وبينهما كان اعتقاله سنة 1973، بعد مشاركته في الاحتجاجات على خطاب السادات وتأخره في اتخاذ قرار بالحرب مع إسرائيل، وأفرج عنه مع زملائه قبل تحرير سيناء بأيام، بعد أن قضى 8 أشهر في السجن يقر أحمد سيف أنه لم يتعرض خلالها لضرب أو تعذيب.
وكانت أطول فترات اعتقاله، عام 1983، حيث قضى 5 سنوات في سجن القلعة، الذي يصفه «سيف» بأنه كان أبشع بكثير من سجن طرة في التعذيب، بتهمة الانتماء إلى تنظيم يساري، وتعرض أثناء هذه الفترة للضرب والتعذيب بالكهرباء والعصي وكسرت قدمه وذراعه، وتقدم وقتها ببلاغ للتحقيق في تلك الواقعة ولكن لم يحقق أحد فيه، وولدت ابنته «منى» أثناء وجوده في السجن.
«كانت أمامي فرصة للهروب إلى لندن ـ حيث كانت زوجتي الدكتورة ليلى سويف وابني علاء ـ ولكنني تراجعت، على الرغم من أن الأمن نفسه كان سيساعدني على الهرب للتخلص مني كناشط نهائيًا».. هكذا يشرح «سيف»، تجربة أطول اعتقال، مضيفًا: «رغم ذلك اتفقت مع زوجتي أن أسلم نفسي رغم كل هذه الظروف ورغم أنها كانت حاملا في ابنتي الثانية منى، اخترت أن أقضي في السجن 5 سنوات في بلدي أفضل من أن أهرب خارج مصر وأظل محروما من بلدي 15 سنة على الأقل، وسلمت نفسي وقضيت المدة واستغللت تلك السنوات في الدراسة وحصلت على ليسانس حقوق، وأنا في الأصل معي بكالوريوس اقتصاد وعلوم سياسية، وولدت ابنتي منى وأنا في السجن مثلما حدث مع علاء ابني الذي ولد ابنه خالد وهو أيضًا في السجن كأن التاريخ يعيد نفسه».
ودفعت تجربة الاعتقال والتعذيب أحمد سيف إلى تكريس أنشطته للدفاع عن حقوق الإنسان، وكان أحد المحامين المدافعين عن الـ13 المتهمين بتفجيرات طابا سنة 2004 المنتمين لكتائب عبدالله عزام، والصادر ضدهم أحكام بإعدام 3 منهم والسجن المؤبد لآخرين، كما كان عضوًا في فريق المحامين، الذي دافع سنة 2008 عن 49 شخصاً حوكموا أمام محكمة أمن الدولة العليا طوارئ في طنطا، بتهمة الاشتراك في الاحتجاجات الشعبية، التي خرجت في 6 أبريل 2008 تضامناً مع التحرك العمالي في مدينة المحلة، الذي نظمّه عمال النسيج وشابته أعمال عنف.
وفي إشارة إلى المحاكمة الخاصة باحتجاجات المحلة، يعرب أحمد سيف الإسلام عن اعتزازه بأنه عضو في فريق للدفاع يضم أكثر من 20 محامياً شاباً يقومون بمرافعاتهم لأول مرة في قضية رئيسية تهم الرأي العام. ويقول: «أعتقد أن هذا أكثر شيء أسعدني، وهو أن أسمع مرافعات الزملاء الشباب لأول مرة وأشعر بالإنجاز والثمرة، وأعتقد أننا انتصرنا في قضية المحلة، فبغض النظر عن الحكم، فنحن انتصرنا على الصعيد المهني، وأظن أن هذا جائزة كبيرة بالنسبة لي».
استمر سيف الإسلام، ابن الـ63 عامًا، خلال السنوات الثلاث التي أعقبت ثورة 25 يناير في التصدى لانتهاكات حقوق الإنسان، وقدم استقالته من المجلس القومي لحقوق الإنسان في 2012 عقب إصدار الرئيس المعزول محمد مرسى الإعلان الدستوري في نوفمبر 2012.
ودفعت أحمد سيف وأسرته ثمن كفاحها، بين حبس ابنه علاء في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي 15عامًا بتهمة التظاهر دون تصريح وسرقة لا سلكي والاعتداء على ضابط، وقبلها اعتقل في عهدالمجلس العسكري السابق وعهد مرسي، و«منصور»، ومحاكمة ابنته منى في قضية حرق مقرات رئيس الوزراء الأسبق أحمد شفيق.
ولم يعلم أحمد سيف أنه سيستقبل حفيده «خالد» أثناء حبس نجله «علاء»، في ديسمبر 2011، لاتهامه بسرقة مدرعة على خلفية أحداث ماسبيرو، ليتشابه الحدث مع ولادة عمته منى، التي خرجت للدنيا وأبيها سيف الإسلام في سجون مبارك.
ولم تغب مشاعر الأبوة عنه، وحزنه على اعتقال نجله في عهد مرسي، قائلًا: «أنا آسف إنى ورثتك الزنازين اللى أنا دخلته، لم أنجح في توريثك مجتمعا، يحافظ على كرامة الإنسان، وأتمنى أن تورث خالد حفيدى مجتمعا أفضل مما ورثتك إياه»، وكانت رسالة وجهها لنجله في أحد المؤتمرات الصحفية بعد القبض عليه في نوفمبر 2013.
ظل الأب يتحمّل الظروف التي تواجه من حبس لابنه علاء، وابنته الصغرى سناء، ويدافع عن حقوق المعتقلين، ويقف ضد أي ظلم يواجه من شاركوا في الثورة، ليسقط مريضًا منذ أسبوع في مستشفى المنيل الجامعي، ولتخرج ابنته منى سيف، مساء الجمعة 15 أغسط الجاري، معلنة بقولها: «امبارح الظهر بابا تعب وقلبه توقف لمدة دقايق عملوله إنعاش وقلبه رجع اشتغل لكن من ساعتها بابا فاقد الوعي».
وأضافت: «حاولنا ما نتكلمش كتير عن الموضوع لأن من حوالي 10 أيام قدمنا طلب للنائب العام للتصريح بزيارة من علاء ومن سناء لبابا في العناية المركزة وكنا عايزين أقل دوشة ممكنة عشان نعلي احتمالات أن الزيارة تتم، بعد نص الليل النهاردة فعلا قوة نقلت سناء وزارت بابا في العناية المركزة. وبعد اما مشيت بنص ساعة قوة تانية نقلت علاء لزيارته، رغم كل الوجع بس الحمد لله أنهم شافوه، ماعنديش أي فكرة بابا حالته هتوصل لفين ولسة مانعرفش امتى هيفوق وإذا كان هيفوق أصلا، بس أنا متأكدة أنه حاسس بينا، وبكم الحب اللي محاوطه، والدعاوي اللي بتتبعتله، ومتأكدة أنه سمع سناء وعلاء وهم بيكلموه».
وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، عبر روادها عن حبهم للرجل، الذي يعتبرونه أستاذًا لهم، وهو ما أوضحته منى سيف، في حسابها بكلمات قليلة، قائلة: «منبهرة بطاقة الحب اللي بتلازم تحركات بابا».