هدوء يناقض ما كان عليه الميدان حين استقر اعتصام أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي والمنتمين لجماعة الإخوان، واستقر قرار الإدارة السياسية للبلاد على فض ميدان رابعة، وبعد عام كامل كان الصوت الأعلى فيه للتفجيرات، والصورة الأكثر تداولاً لشهداء قتلوا بيد الإرهاب، تعود العين مرة أخرة صوب ميدان رابعة العدوية بعد أن أعلن الإخوان تنظيم تظاهرات في ذكرى فض اعتصامهم.
يتخلل صوت آذان الفجر صوت المركبات التابعة للقوات المسلحة وهي تدك أرض شارع الطيران لتستقر مجموعة منها أمام مقر هيئة التأمين الصحي بمدينة نصر، يهرول الجنود إلى الطريق الأسفلتي ويجذبون شريطا صغيراً من السلك الشائك ليشكلوا بذلك أول كمين لتفتيش السيارات وفحص التراخيص الخاصة بها، فيما يبدأ صوت مروحية والتي تستقبلك مدرعات الجيش إلى لقوات التدخل السريع في التداخل مع صوتي المركبات والآذان.
يرفع الجميع شعار «ممنوع الاقتراب أو التصوير» فيما يستقبل أصحاب المحال والسكان مدرعات الجيش والشرطة بحفاوة وترحيب بالغين، فيقول «سعد عثمان» حارس أمن «خربوا بيتنا، من سنة بالظبط ماكناش قادرين لا نشتغل ولا نعيش، وأرزاقنا كانت هاتتقطع بسبب الاعتصام، لكن الحمد لله مولد مرسي انفض، وربنا سترها على البلد، وأقل حاجة نقدر نعملها مع الشباب اللي بيموت في سيناء وهو بيخدمنا ويأمننا إنننا نفهمهم إننا متشكرين وحاسين بتعبهم».
الطريق من مدخل شارع الطيران إلى مبنى مسجد رابعة لم يخلوا من ترحيب بنقاط التأمين المستمرة التي تمركزت بين مدخلي ميدان رابعة بشارعي الطيران والنصر، أحد المرحبين بتأمين الجيش كان «محمد عبدالهادي» مالك أحد الأكشاك، والذي بادر قائلاً «ماحدش يعرف الرعب اللي كنا عايشينه في أيام الاعتصام، وأنا قفلت باب رزقي أيام كتير وغيري ياما بيوتهم اتخربت علشان يحافظوا على حياتهم ومايحتكوش بالإخوان».
يسرد «محمد» حادث تعرض له قائلاً «كانوا بيشاكلونا زي ما نكون عدوهم، وكثرتهم شجعتهم يفتروا على الناس»، وأضاف «في إحدى المرات ركل أحد المعتصمين المؤازرين لمرسي كراتين البضاعة من أمام الكشك، وكان شاباً صغيراً فطلبت منه الابتعاد عن الكشك والسير في الطريق، ولو أن رجل كبير طالبه وأصدقاءه اللذين صاحبوه إلى الميدان لكنت أنا أيضاً أحد الجثث التي اكتشفها الأمن تحت المنصة».
«ماكتش باجي الشغل لحد ما اتفض الاعتصام، وسكان كتير سابوا بيوتهم واتكسرت واحتلها الإخوان، وأصدقاء لينا انقطع عيشهم بسبب والاعتصام، لان الاختيار كان بين حياتك لو حد من المعتصمين شك إنك مش معاه، وبين إنك تقعد ف بيتك وتضحي باالشغل»، هكذا كانت كلمات «ابراهيم» عامل البوفية بأحد معارض السيارات الكائنة بالقرب من مسجد رابعة.
أحد سكان العقار رقم 31 بشارع الطيران، قال: «احنا شفنا جهنم الحمرا، ومافيش حد هايتصور قيمة فض الاعتصام قد سكان رابعة، كفاية ان بناتنا وولادنا كانوا بيتهانوا لو خرجوا من البيت، ويتعرضوا لتفتيش من ناس احتلت حيهم، وقتل أي واحد فينا كان أسهل حاجة ممكن تحصل، وماكانش هايبقى لينا دية، والنهاردة احنا نازلين الشارع، والجيش والشرطة حاميينا، وكل اللي نقدر نقولهيارب يعينهم على الإرهاب، ويحفظهم علشان يفضلوا محافظين علينا وعلى بلدنا».