قد يكون الموت خيارًا إجباريًا في بعض الأحيان تصاحبه خيارات أخرى، إلا أنه لدى الإيزيديين في العراق ليس كذلك، فالهروب من الموت بسلاح «داعش»، الذي خيرهم بين اعتناق الإسلام أو القتل، يؤدي إلى موت آخر في جبل سنجار عطشًا وجوعًا وألمًا.
في طريق فرارهم من مدينتهم سنجار التي سيطر عليها «داعش» إلى جهة غير معلومة عبر الصحراء العراقية الحارقة، وكان العطش والجوع أسرع إلى الكثير منهم من الحياة خاصة الأطفال والعجائر وذوي الأمراض، رغم المساعدات التي ألقتها لهم طائرات أمريكية.
روايات الناجين مرعبة أشبة بفيلم رعب خيال علمي، فما شاهده الإيزيديين من أهوال في رحلة نجاتهم من «مصيدة الموت» كما أطلقوا عليها، لا تحتاج للكثير من الشرح، فكل كلمات الخوف لن تعبر عن ملامح الأطفال والشيوخ والنساء من الخوف والعطش والجوع والانصهار تحت أشعة الشمس الحارقة، وكل تعبيرات الاحتضار لن تعبر عن موت بطئ لأشخاص تحولوا إلى لاجئين ومشروع موتى بين ليلة وضحاها.
داخيل، راعي غنم فر مع أسرته إلى أخاديد صخرية عند المراعي المحيطة بسنجار ولكن عندما بدأ رحلته الشاقة والخطيرة بحثا عن ملاذ أمن بعيدا عن جبل سنجار ترك والدته البالغة من العمر 95 عاما. يقول:«تركت والدتي على الجبل في كهف. قالت لي أريد البقاء هنا. انجوا بأنفسكم».
ويقول ناج أخر: «حين صعدنا لقمة الجبل أطلق القناصة الرصاص علينا. وألقت الفتيات بأنفسهن من فوق قمة الجبل. لم نعد نثق بالعراق. أسروا الآلاف من نسائنا، ولم يستطع الفارون سوى حمل كميات قليلة من الغذاء والمياه والإسعافات الطبية معهم ولم يجدوا ما يقيهم حرارة الشمس القائظة.
وقال مورال رجل الشرطة: «على الجبل... مات أكثر من 30 شخصا جوعا. عاد بنا الزمن أكثر من 100 عام فوق الجبل»، وروي كيف استبد اليأس برجل ما دفعه ليقتل نفسه وشقيقاته الخمس هربا من المعاناة».