أكبر رأس فى مصر «المخنوقة» طبيب بيطرى اسمه «محمد بديع».. يليه مهندس بحكم الشهادة التى يحملها، وتاجر «مانيفاتورة» بعد الظهر اسمه «خيرت الشاطر».. وثالثهما طبيب بشرى مغمور اسمه «محمود عزت».. ويلى هؤلاء أستاذ بكلية الزراعة اسمه «محمود غزلان».. وبعدهم يأتى «سعد الكتاتنى» الذى ترأس مجلس شعب منعدما، ويعمل أستاذا للنباتات.. ووفق الترتيب ذاته نصل إلى عالم الفضاء الدكتور «محمد مرسى» الذى يحكم مصر من فوق القمر!!.. فقد أخذه الصندوق إلى تلك الرحلة بتذكرة ذهاب دون عودة!!
إذا كانت تلك «التوليفة» لا تلفت انتباهك، فأدعوك إلى التدقيق فى أن وزير الشباب يعمل طبيبا للأطفال.. ورئيس مركز دعم واتخاذ القرار تاجر وطبيب أمراض جلدية.. أما رئيس مجلس الشورى فهو صيدلى.. ومن دواعى الأدب يجب أن أذكر أن فى مصر متخصصا فى الرى يعمل رئيسا للوزراء.. ومن المؤسف أن وزارة الخارجية يديرها طبيب أمراض جلدية – بغض النظر عن أن الوزير دبلوماسى – وربما كان وزير المالية هو الوحيد الذى له علاقة بمنصبه، دون داع للإشارة إلى أنه سرق بحثا علميا من الدكتور «أحمد النجار»!!
مئات من المدرسين أصبحوا رؤساء للمدن والقرى.. عشرات من البيطريين تحولوا إلى وكلاء لوزارة التعليم.. وهذا ليس غريبا على وطن حصل فيه مسؤول الوقود فى حملة الدكتور «محمد مرسى» على منصب وزير التموين.. هذه الطبخة الفاسدة يقدمونها «للشعب المصرى الشقيق» على أنها «الأخونة» فى زمن الاستعمار الإخوانى.
لا يدهشنى وفق تلك التركيبة أن يكون الدكتور «محمد البلتاجى» هو المسؤول الأمنى الأول فى البلاد، فهو صاحب خبرات «قتالية» خلال أحداث موقعة الجمل وما بعدها.. وسبق لقرينه الدكتور «أسامة ياسين» أن بشرنا بقدراته فى صناعة المولوتوف وتجنيد البلطجية.. كما لا يدهشنى إطلاقا أن ينقلب نائب رئيس الجمهورية إلى سفير فى «الفاتيكان».. وبالقدر ذاته لا تدهشنى شخصية النائب العام الذى استقال وأعلن أنه لا يحب الاستمرار فى منصبه، ثم عاد لتنفيذ ما يملى عليه من قرارات فوقية.. أقصد تأتيه من القمر حيث رائد الفضاء المصرى الدكتور «محمد مرسى»!!
كلما راجعت مع نفسى هذه المضحكات المبكيات.. أذهب إلى تعاطى المهدئات وأخلد إلى نوم عميق وذلك أفضل بالنسبة لأمثالى من الملايين الذين يهيمون على وجوههم فى الشوارع منذ ثمانية أشهر تقريبا.
آلاف الجرحى.. عشرات الشهداء.. مئات الأيام ننفقها فى الكر والفر، خلال المعارك بين الشعب وكتائب الاستعمار الإخوانى من جانب.. وبين الشعب والمتأخونين فى الشرطة المصرية من جانب آخر.. بينما محطات السولار والبنزين تقف أمامها الشاحنات والسيارات على امتداد الكيلومترات، ويحدث ذلك تطبيقا لشعار: «بالدستور العجلة تدور».. تمهيدا لدخول مرحلة: «قوتنا فى وحدتنا»..
وهو الشعار الذى اعتمدوه لدخول معركة التزوير الكبرى لتشكيل مجلس النواب.. ودون داع للضحك أو البكاء، فهم اختاروا القوة عندما أصبحت مصر عليلة ومريضة لا تقوى على الوقوف.. فضلا عن عجزها عن أن تمشى ببطء.. ويحدثونك عن الوحدة بعد أن مزقوا الوطن، فأصبح الإخوان يواجهون السلفيين.. وكلاهما يقاتل الوطنيين المصريين..
وكلهم لا علاقة لهم بما يعانيه المواطن البسيط.. هذه المعادلة لم يعد يفهمها غير الخواجة «جون كيرى» الذى زار مصر، وغادرها على بحر من دماء الشهداء.. وشاهدنا خلالها رائد الفضاء المصرى الدكتور «محمد مرسى» يضحك من قلبه قبل أن تأتيه صفعة المحكمة الإدارية بإلغاء قراره بالدعوة لانتخابات مجلس النواب.
لا تسألنى عما أريد أن أقوله.. ولن أسألك عما فهمته مما سبق.. فتلك هى حالة الوطن عند اللحظة الراهنة.. أما ماذا سيحدث فى المستقبل فأستطيع أن أبشرك به.. ستنجح مصر فى التخلص من الاستعمار الإخوانى فى لحظة فاصلة وقريبة جدا.. سنكتشف أننا كنا بلهاء عندما اعتقدنا أن أولئك أقوى من الاستعمار الإنجليزى أو الإسرائيلى.. سيعود كل شىء لأصله، وسنرجع لأيام الضحك والعمل والإنتاج والإبداع.. ستدخل الفئران إلى جحورها.. لكننا يجب أن نغلق عليهم الأنفاق كما تفعل القوات المسلحة على الحدود ما بين مصر وغزة..
ستعود لميدان التحرير سيرته العطرة التى حاول الاستعمار الإخوانى تشويهها.. ستعود بورسعيد حرة.. ستتحدث المنصورة عن دورها العظيم كما سبق أن فعلت مع الفرنسيين.. وسنذكر بكل فخر الإسكندرية والسويس والغربية وكفر الشيخ والمنيا والأقصر والفيوم.. أبشركم بمستقبل رائع عندما يذهب الطبيب البيطرى الذى يحكمنا وأعوانه.. واعتقادى أننا فى وسط تلك الحالة التى نحلم بها، لن نفكر فى استعادة عالم الفضاء ابن ناسا المخلص وصديق شيمون بيريز الوفى.. لأننا سنكون أحوج إلى فقدان الذاكرة تجاه تلك المرحلة!!
N_elkaffas@hotmail.com