جيش مصر خارج الحدود.. 3 حروب في 3 عقود

كتب: أحمد حمدي الأحد 03-08-2014 18:28

مع اشتعال الأوضاع والاقتتال الداخلي في ليبيا، قالت الصحافة الجزائرية أن جيش بلادها يستعد بجانب الجيش المصري للدخول إلى ليبيا، في حالة ظهور تنظيم دولة الإسلام في العراق والشام «داعش» في الدولة الصحراوية، فما هو تاريخ التدخلات العسكرية الخارجية للجيش المصري؟

حرب اليمن 1962:

منذ ثورة يوليو 1952، وانقسام السودان عن مصر، دخلت مصر طرفًا في ثلاثة مواجهات عسكرية خارج حدودها، وكانت البداية بحرب اليمن والتي اندلعت عام 1962، والتي دخلتها مصر مساندة لـ«الثورة اليمنية»، في مواجهة الحكم الملكي للإمام البدر، الذي كان مسؤولًا عن قتل مشايخ القبائل، حين كان وليًأ للعهد، ثم تقلد السلطة بعد مقتل أبيه الإمام أحمد في سبتمبر 1962، وفيما أدرك اليمنيون أن الملك الجديد لا يختلف عن سابقه، فكانت فكرة الثورة، والتي كان يقودها رجل مدني يدعى الدكتور عبدالرحمن البيضاني، إلا أنه استعان بالعسكريين لتنفيذ المهمة، وفيما وضعت خطة الإنقلاب على الإمام في ألمانيا، سافر «البيضاني» إلى القاهرة، عارضًا الخطة على الرئيس المصري حينها جمال عبدالناصر، والذي وافق على دعمهم.

وبالفعل نفذت الخطة وتم الإطاحة بالإمام، بعد بعض الإشتباكات بين الجيش اليمني والحرس الملكي، وتم إعلان وفاة الإمام بدر رغم كونه مازال على قيد الحياة، بينما هرب هو من العاصمة إلى مدينة حجة في شمال اليمن، مستنجدًا بالقبائل في مواجهة الجيش، ومع تطور الأحداث، دعمت عدة دول الإمام الهارب، أهمها السعودية التي حركت قواتها إلى حدود اليمن، وقامت بإرسال مساعدات إلى القبائل الموالية لبدر إلا أن أبرز ما حدث في سياق المساعدات السعودية للقبائل، شحنات من السلاح أرسلتها لهم دولة آل سعود، إلا أن الطيارين هبطوا بها في مطار أسوان. كذلك ساند القبائل كل من الأردن وبريطانيا، التي أرسلت قوات عسكرية في الجنوب، وإيران.

وعلى الجانب الآخر، تدخلت مصر لحماية «ثورة اليمن»، فيما دعمها الاتحاد السوفيتي، فأرسلت بقوات عسكرية لقتال رجال الإمام المخلوع، وقد شارك في الحرب من مصر قرابة 70 ألف جنديًا، فيما استمر القتال لسنوات تكبدت فيها مصر خسائر كبيرة في أرواح أبنائها، فقتل 26 ألف مصري، بينما تكبدت القوات السعودية التي حاربت بجانب الإمام المخلوع فقط قرابة ألف قتيل، ورغم نجاح القوات الجمهورية في حسم المعارك في الأخير عام 1970، إلا أن مصر كانت أكبر الخاسرين، فقد استنزفت الحرب القوات المصرية والتي كانت من أهم أسباب حدوث نكسة يونيو عام 1967.

القوات المصرية في اليمن:

حرب اليمن:

الحرب الأهلية النيجيرية أغسطس 1967:

كانت مصر في مرحلة انكسار، فطعم الهزيمة في يونيو لم يزل بعد فلم يمر سوى شهرين على الفاجعة، الجيش يحاول أن يبعث للحياة مجددًا بعمليات خاطفة بعضها عن بعد وبعضها خلف خطوط العدو، أطلق عليها «حرب الاستنزاف»، وفي هذا الجو المشحون تصل تلك الرسالة لـ«عبد الناصر»، نيجريا تطلب المساعدة بعدما أعلن الحاكم العسكرى لإقليم شرق نيجيريا، الجنرال أوجوكو، الإنفصال عن الدولة والاستقلال في أخر مايو من نفس العام، وأطلق على الإقليم «جمهورية بيافرا»، وفيما حاولت الدولة النيجيرية مواجهة الإنفصاليين، وقفت دول الاستعمار الغربي في صف «أوجوكو» وأمدته بالسلاح والمال والمرتزقة، فما كان من نيجيريا إلى الإستعانة بكبير أفريقيا «عبدالناصر» لنجدتهم.

ورغم الوضع الصعب الذي كانت تعيشه الدولة المصرية، رفض «عبدالناصر» التخلي عن الدولة الإفريقية المستغيثة، فأصدر أوامره بالمساعدة عن طريق إرسال طيارين مصريين إلى نيجيريا، فقط بشرط أن يكونوا من الطيارين المتقاعدين، وقد تم ذلك بالفعل، وبعد أيام من الرسالة، وصلت وفد الطيارين إلى لاجوس وسط حفاوة من الشعب النيجيري، وسرعان ما أثبتوا كفاءتهم واحتلوا السماء النيجيرية فيما اختفت طائرات «أوجوكو» وانتهت غاراتهم.

ومن حالة الدفاع إلى حالة الهجوم، نقل الطيارون المصريون المعركة إلى «بيافرا»، فقاموا بقصف المطار الرئيسي للجمهورية الحديثة، فانقطعت المساعدات عن قوات «أوجوكو»، لكن الحرب استمرت، واستمر إمداد نيجيريا بالطيارين المصريين الذين أنشئوا كلية طيران في لاجوس لتدريب النيجيريين، واستمر أبطال سلاح الجو المصري في معركتهم حتى انهزمت قوات «أوجوكو» عام 1970، ورغم مساندة العديد من الدول للدولة النيجيرية بمساعدات كبريطانيا والاتحاد السوفيتي والسودان وتشاد وسوريا والسعودية، إلا أن مصر كانت الوحيدة المشاركة بقوات عسكرية، فيما كانت فرنسا الداعم الأساسي لـ«أوجوكو».

عبد الناصر مع قادة نيجيريا:

حرب الخليج 1991:

الخلافات تتصاعد بين العراق الكويت، الأخيرة التي ساندت العراق بكثير من الأموال في حربها ضد إيران، تريد تحصيل ديونها، العراق تعترض وتطالبها بالتفاوض حول الديون أو إلغائها، مدعية أنها كانت تدافع عن الحدود الشرقية للوطن العربي. خلاف أخر حول النفط، العراق تتهم الكويت بالقيام بأعمال تنقيب عن النفط غير مرخصة في الجانب العراقي من حقل الرميلة المشترك بينهم، حدة التوتر تتصاعد والعراق تهدد باجتياح الكويت، وفي الثاني من أغسطس عام 1990، تخترق القوات العراقية الحدود الكويتية بالفعل، وطالبت الأمم المتحدة بالانسحاب الفوري للقوات العراقية من الأراضي الكويتية، إلا أن صدام حسين، رئيس العراق حينها، لم يستجيب، فتم إقرار عقوبات اقتصادية على العراق.

ومع تطور الأوضاع، قررت عدة دول تشكيل تحالفًا عسكريًا لمواجهة العراق وتحرير الكويت، وقد أعطيت مهلة حتى منتصف يناير 1991 لتنسحب العراق من الكويت، فلم يحدث، فتدخلت القوات العسكرية المؤلفة من 34 دولة في الأراضي الكويتية، وقد تضمنت هذه القوات فرق من الجيش المصري، وشاركت مصر في «حرب تحرير الكويت» تحت قيادة اللواء أركان حرب محمد علي بلال، ثم اللواء صلاح حلبى، وكان تعداد المشاركين من الجيش المصري 35 ألف مقاتلًا، تقسمت بين أسلحة المدرعات والمشاة الميكانيكية والصاعقة والأسلحة المتخصصة.

وكان تمركز القوات المصرية في يسار الحدود الكويتية، لحماية يمين القوات الأمريكية، وقامت القوات المصرية بالإلتفاف تجاه الحدود بهدف عزل جنوب الكويت عن شمالها، حين كان الإشتباك مع القوات العراقية التي كانت تتوقع أن تكون الهجمة الكاملة من قوات التحالف من الاتجاه الذي أتى منه الجيش المصري فاستعدوا بكامل عتادهم العسكري في هذا الاتجاه، فيما لم يعملوا حسابًا لعملية التطويق التي اتبعها الأمريكان، فكان الاشتباك الأعنف بين القوات العراقية وقوات التحالف مع الجانب المصري، والذي استطاع إثبات صلابته وقوته في مواجهة القوات العراقية التي روج لها حينها بأنها رابع أقوى جيوش العالم، ما اثبت عدم صحته أمام جنود مصر.

وقد انهزمت القوات العراقية في الأخير في أخر فبراير 1991، وكان المكسب المصري من المشاركة في تحرير الكويت هو إسقاط بعض ديونها لدى العديد من الدول منها الولايات المتحدة واليابان وقطر، فيما تحصلت مصر على منح من دول كالكويت والإمارات وألمانيا والسعودية، بالإضافة إلى الجماعة الأوروبية.

وكان الرئيس المصري حينها، حسني مبارك، قد أعلن بعد تحرير الكويت أن خسائر مصر من حرب الخليج وصلت لـ20 مليار دولار.

القوات المصرية في حرب الخليج:

قوات الصاعقة في حرب الخليج:

يذكر أيضًا أن مصر تشارك في أكثر من دولة ضمن قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام، وكانت بداية مشاركات القوات المصرية مع الأمم المتحدة عام 1960 في الكونغو، فيما تنتشر الآن معظم قوات حفظ السلام المصرية في السودان، فهل تتجه القوات المصرية إلى ليبيا؟