«احلبني بإنسانية»

محمد فودة الأربعاء 30-07-2014 19:00



ثمة شعور يسيطر على قطاع كبير من المصريين في الخارج بأن بلادهم تعتبرهم مجرد بقرة لا تتوقف عن حلبها ، حتى أصابها الهزال واليأس والإحباط!
المصريون المغتربون أقل الجاليات حظوظا واهتماماً من جانب بلادهم، ولا يتعلق الأمر بأوضاع مصر الاقتصادية، فهناك دول أسوأ حالاً لكن تتعامل مع أبنائها في الخارج بكل اهتمام وإنسانية، وتثمن ما يقومون به لصالح أوطانهم،فعلى سبيل المثال المأسوي، لا تتكفل مصر بنقل جثامين أبنائها الذين يموتون في الغربة، وكم من مرة احتجنا فيها إلى جمع التبرعات حتى ننقل متوفى لا تملك أسرته ثمن عودته الأخيرة إلى وطنه، فيما أن دولة مثل الفلبين تتحمل من خلال سفاراتها كلفة نقل جثمان المتوفى وتذكرة مرافق له!
نحن في الغربة نشتري سياراتنا وأثاث منازلنا بأسعار باهظة وحين نفكر في العودة إلى بلادنا، نضطر لبيعها بثمن بخس بسبب الجمارك الخيالية، فيما أن غالبية الدولة العربية - إذا لم تكن كلها- تسمح للمغترب بإدخال سيارته الشخصية وأثاث منزله من دون رسوم تقديراً للدور الذي يقوم به من أجل بلاده!.
المصري في الخارج يعيش وقلبه معلق بوطنه، فيهتم بكل التفاصيل ولا يتأخر إذا استطاع والأرقام تثبت ذلك إذا راجعنا مصادر الدخل القومي خلال السنوات الثلاث العجاف الماضية، لذا على الحكومة الآن أن تدرك أنه مورد مهم يجب العناية به وتأهيله واستثماره ، وإشعاره بأن له وطناً يحميه ويحرص عليه.
أقول لصاحب القرار الآن، اسمح للمغترب بإنزال سيارته التي يملكها في الخارج مقابل مبلغ معقول يُسدد بالعملة الصعبة، بدلاً من إلزامه بسداد جمارك تزيد على 200% من قيمة بعض السيارات، وستوفر دخلا كبيراً لخزينة الدولة عوضاً عن العمل لصالح عدد محدود من التجار في بلد لا تصنع سيارات حتى تخاف من المنافسة!..وطبق الِمثل على الأثاث.
خصص مكتب في المطار لتحصيل رسوم تصاريح العمل -إن ظلت مطبقة-، ويمكن سدادها بالدولار كذلك بدلا من مرمطة المغترب في طوابير أمام مكاتب العمل في مناطق ربما لم يزرها في حياته ، من الآخر احترم وقته وآدميته وخذ عينيه "فتشه بالطريقة"
أسس شركة حكومية للتأمين على المغتربين مقابل رسوم تسدد حسب الدخول والشرائح، وقدم خدمة تأمين حقيقية وسوف تجد إقبالا هائلا من العمالة المتوسطة والبسيطة التي لا يؤمن عليها في الخارج ..ويمكنك كذلك تبني مشروع صندوق تكافل اختياري تٌستثمر أمواله في مصر..
ابدأ فورا دراسة احتياجات الدول الغنية من العمالة وأسس معاهد تدريب للمصريين تخّرج كوادر متخصصة محترفة مشرّفة، بدلا من الفهلويين الذين يسيئون إليك في الخارج!
أطلق حوافز حقيقية للمغتربين بتخصيص أراض بأسعار مناسبة لهم، أو مشروعات سكنية ومؤسسات تعليمية، بدلا من أن يقدم لابنه في جامعة حكومية ويكتشف أنه يدفع أضعاف ما يدفع شقيقه الذي يعيش في مصر، رغم أنه يتلقى نفس التعليم .. وكأن المغترب يفقد هويته حين يسافر وتحاسبه بلاده على ذلك!
هناك الكثير من الهموم والأفكار والحلول لكن هل من مستجيب؟!