سد النهضة «4»:تقرير اللجنة الثلاثية الدولية

محمد نصرالدين علام الثلاثاء 29-07-2014 23:44

جاء في التقرير النهائى للجنة الثلاثية الدولية أن التصميمات الإنشائية لأساسات سد النهضة لا تأخذ في الاعتبار انتشار الفواصل والتشققات الكثيفة المتواجدة في الطبقة الصخرية أسفل السد، وبما يهدد بانزلاق السد وانهياره وما لذلك من آثار تدميرية وخيمة على كل من مصر والسودان. وأفاد التقرير بأن التصميم الإنشائى لجسم السد لا يسمح بمرور التصرفات المائية إلا من خلال مخارج محطة الكهرباء فقط، وأنه لا توجد أي فتحات إضافية في جسم السد لتمرير المياه، وأن هذا التصميم يهدد بعدم تمرير الاحتياجات المائية لدولتى المصب في حالات تعطل أو غلق وحدات توليد الكهرباء. وأوضح التقرير أن السعة التصميمية لمفيض سد النهضة (مفيض الطوارئ)، والذى يستخدم لصرف مياه الفيضانات العالية سعته تزيد كثيرا على سعة مفيض طوارئ سد الروصيرص في السودان، مما قد يؤدى إلى انهيار سد الروصيرص في حالة حدوث فيضانات عالية. ومن الملاحظات الإنشائية المهمة الأخرى لتقرير اللجنة الثلاثية الدولية أن الحكومة الإثيوبية لم توفر للجنة التصميمات الإنشائية للسد الركامى الجانبى الذي يقع على بعد عدة كيلومترات أمام سد النهضة، ويبلغ طوله 4.8 كيلومتر وبارتفاع 50 مترا.

وأشار التقرير النهائى للجنة الثلاثية إلى أن الدراسات الهيدرولوجية للسد لا تزيد عن كونها دراسات مبدئية تتمثل في ميزان مائى بسيط لا يأخذ في الاعتبار خصائص وسياسة تشغيل سد النهضة، وتهمل هذه الدراسات الفواقد المائية على النيل الأزرق وخاصة فواقد البخر من سد النهضة والتى تصل إلى 3 مليارات متر مكعب سنويا، والزيادة في البخر من السدود السودانية والتى تصل أيضا إلى حوالى 2 مليار متر مكعب سنويا. ولا تأخذ الدراسات الهيدرولوجية الإثيوبية في الاعتبار تأثير السدود الأثيوبية الثلاثة الأخرى المقترحة على النيل الأزرق أعلى سد النهضة (كارادوبى، ومندايا، وبيكوأبو). والدراسات الهيدرولوجية لا تأخذ في الاعتبار أيضا تأثير التغيرات المناخية على تدفقات نهر النيل الأزرق والآثار المحتملة على دولتى المصب مصر والسودان. وطالبت اللجنة بضرورة إعداد دراسة جديدة متطورة لآثار سد النهضة المائية على دولتى المصب مع الأخذ في الاعتبار العوامل السابق ذكرها بالإضافة إلى عدة بدائل مختلفة لسياسات تشغيل السد. وطالب التقرير بإعداد دراسة تفصيلية عن الآثار المحتملة لانهيار السد على دولتى المصب. وبالرغم من هذا القصور في الدراسات، فإن الدراسات الهيدرولوجية الإثيوبية أفادت بوضوح بأنه في حالة ملء السد أثناء سنوات الفيضانات المنخفضة فإن ذلك سيكون له تأثير بالغ على توفير مياه الرى في مصر وعدم القدرة على توليد الكهرباء من السد العالى وخزان أسوان لسنوات طويلة.

ومن الملاحظات الرئيسية للجنة الثلاثية الدولية على الدراسات البيئية المقدمة من إثيوبيا أن هذه الدراسات انحصرت فقط على المناطق المتضررة من سد النهضة داخل إثيوبيا، ولم تهتم هذه الدراسات بتقييم تأثير السد على تدهور نوعية مياه النيل الأزرق وتأثير تحلل المواد العضوية والتربة والغابات التي سيتم غمرها بمياه بحيرة سد النهضة على التنوع البيئى ومصايد الأسماك ببحيرة سد الروصيرص في السودان وفى بحيرة ناصر في مصر. وأضاف تقرير اللجنة أن الدراسات البيئية لسد النهضة لم تشمل تقييم آثار حجز المواد الرسوبية أمام سد النهضة على زيادة معدلات النحر في قاع وجسور النيل الأزرق خلف السد وتأثير ذلك على الزراعة وصناعة الطوب في السودان. ونص تقرير اللجنة على أن تصميم سد النهضة لم يأخذ في الاعتبار العوامل الاقتصادية والاجتماعية في تحديد ارتفاع وحجم السد، مما أدى إلى عدم طرح أي بدائل فنية للسد قد تكون أصغر في السعة والارتفاع وأكثر جدوى لإثيوبيا وأقل ضررا على دولتى المصب. وقد علقت إثيوبيا على هذه الملحوظة الأخيرة بأن أبعاد السد تمثل شأنا إثيوبيا داخليا ولا يسمح لأحد بالتدخل فيه!!

وبالطبع لم تنشر إثيوبيا نتائج هذا التقرير والذى يوضح المخاطر المتعددة لسد النهضة، ولكن من الغريب جدا ومن غير المفهوم عدم نشر حكومة الإخوان المسلمين نتائج هذا التقرير، بالرغم من أن نتائج التقرير تدعم موقفها السياسى والقانونى والفنى. وأتذكر أنه في نهاية الأسبوع الأول ليونيو 2013 تم استدعائى من خلال الأجهزة السيادية للقاء مع عصام الحداد في الاتحادية. وفى هذا اللقاء الذي حضرة مندوب إحدى الجهات السيادية وتم فيه الاتفاق على قيامى بتشكيل لجنة وطنية من علماء مصر لدعم جهود الدولة في التحرك الفنى والسياسى والقانونى والإعلامى للتعامل مع هذه الأزمة. وتم تشكيل هذه اللجنة وكانت اجتماعاتها في هندسة القاهرة وبحضور ممثل لجهة السيادية، وكان جميع أعضائها من المتطوعين لخدمة مصر وكان بعضهم يحضر من الإسكندرية مرتين أسبوعيا على نفقته الخاصة. وكان أول مهام اللجنة هو إعداد بيان متكامل عن تقرير اللجنة الثلاثية الدولية وصادفنا العديد من الصعاب لعدم تعاون وزارة الرى وحجب بيانات التقرير، وكان هذا الأمر كوميديا حيث إن أحد أهداف تشكيل اللجنة كان لدراسة التقرير وفى نفس الوقت يتم حجب التقرير عنها. من الواضح أن الهدف الحقيقى لتشكيل هذه اللجنة كان تكميم أفواه أعضائها عن التصريحات الإعلامية. عموما انتهت أعمال اللجنة بقيام ثورة يونيو المصرية.

* وزير الموارد المائية والرى الأسبق