بالصور.. المقريزي أطلق على عيد‏ ‏الفطر ‏«الحُلل».. والملك فاروق كان يصلي بـ«الغوري»

كتب: ميلاد حنا زكي الثلاثاء 29-07-2014 13:10

مازالت‏ ‏ذاكرة‏ ‏مصر‏ ‏تحتفظ‏ ‏بتفاصيل‏ ‏الاحتفالات‏ ‏الرسمية‏ ‏التي‏ ‏تجمع‏ ‏فيها‏ ‏كل‏ ‏طوائف‏ ‏الشعب‏ ‏واحتفظت‏ ‏بمذاقها‏ ‏حتي‏ ‏الآن، ‏من‏ ‏بينها عيد‏ ‏الفطر، الذي‏ أطلق عليه المقريزي «عيد‏ ‏الحُلل» لتوزيع‏ ‏الملابس‏ ‏فيه‏ ‏على‏ ‏جميع‏ ‏موظفي‏ ‏الدولة‏.

‏وترجع مظاهر الاحتفال بعيد الفطر‏ إلى ‏قدوم‏ ‏الخليفة‏ ‏المعز‏ ‏لدين‏ ‏الله‏ ‏وكان‏ ‏الخليفة‏ ‏حريصا‏ ‏على‏ ‏أن‏ ‏تعد دار‏ ‏الفطرة‏ ‏الكميات‏ ‏اللازمة‏ ‏من‏ ‏كعك‏ ‏وحلوي‏ ‏وكعب‏ ‏الغزال‏ ‏لتوزيعها‏ ‏وإعداد‏‏ ‏الخراف‏ ‏والدجاج‏ ‏والحمام‏‏ ‏ابتداء‏ ‏من‏ ‏شهر‏ ‏رجب‏ ‏حتي‏ ‏نصف‏ ‏رمضان‏ ‏وكانت‏ ‏صلاة‏ ‏العيد‏ ‏تؤدي‏ ‏في‏ ‏مصلي‏ ‏العيد‏ ‏خارج‏ ‏باب‏ ‏النصر‏.

عيد الفطر فى الدولة الفاطمية

‏هكذا‏ ‏نجد‏ ‏أن‏ ‏خلفاء‏ ‏الدولة‏ ‏الفاطمية‏ ‏توسعوا‏ ‏في‏ ‏الاحتفاء‏ ‏بختام‏ ‏رمضان‏ ‏ومقدمة‏ ‏العيد‏ ‏خصوصا‏ ‏أن‏ ‏عيد‏ ‏الفطر‏ ‏عندهم‏ ‏هو الموسم‏ ‏الكبير، ‏وفي‏ ‏عصر‏ ‏الإمبراطورية‏ ‏العثمانية‏ ‏كان‏ ‏من‏ ‏المعتاد‏ ‏تناول‏ ‏السمك‏ ‏والفسيخ‏ ‏في‏ ‏أول‏ ‏أيام‏ ‏العيد‏ ‏ومازالت‏ ‏هذه‏ ‏العادة‏ ‏شائعة‏ ‏إلي‏ ‏يومنا‏ ‏هذا‏ ‏ويشير عبد‏ ‏الرحمن‏ ‏الجبرتي في كتاب «رمضان‏ ‏في‏ ‏الزمن‏ ‏الجميل» ‏ للكاتب عرفه‏ ‏عبده، إلي‏ ‏أن‏ ‏مدافع‏ ‏القلعة‏ ‏كانت‏ ‏تطلق‏ ‏طوال‏ ‏أيام‏ ‏العيد‏ ‏الثلاثة‏.

عيد الفطر فى الدولة الفاطمية

‏أما‏ ‏عن‏ ‏الرحالة‏ ‏الأجانب‏ ‏في‏ ‏عيد‏ ‏الفطر‏ ‏فيقول‏ ‏البريطاني‏ ‏إدوارد‏ ‏لين أو منصور‏ ‏أفندي كما أطلق عليه، إن‏ ‏المسلمين‏ ‏كانوا‏ ‏يحتفلون‏ ‏في‏ ‏الثلاثة‏ ‏الأيام‏ ‏الأولي‏ ‏من‏ ‏شهر‏ ‏شوال‏ ‏بالعيد‏ ‏الصغير‏ ‏الذي‏ ‏يعلن‏ ‏فيه‏ ‏انتهاء‏ ‏صوم‏ ‏رمضان‏ ‏فيحتشد‏ ‏المصلون‏ ‏بعد‏ ‏طلوع‏ ‏الشمس‏ ‏مباشرة‏ ‏في‏ ‏أبهي‏ ‏حلة‏ ‏في‏ ‏الجوامع‏ ‏ويؤدون‏ ‏صلاة‏ ‏العيد‏ ‏وتهنئة‏ ‏الأصدقاء‏ ‏في‏ ‏المساجد‏ ‏والشوارع‏ ‏ويتبادلون‏ ‏الزيارات‏ ‏المنزلية‏ ‏كذلك‏ ‏يقدم‏ ‏أرباب‏ ‏البيوت‏ ‏ثيابا‏ ‏جديدا‏ ‏لخدمهم‏ ‏الذين‏ ‏يحصلون‏ ‏أيضا‏ ‏على العيدية من‏ ‏الزوار‏ ‏الذين‏ ‏أتوا‏ ‏للتهنئة‏ ‏بالعيد‏، ‏ويحرص‏ ‏الجميع‏ ‏على‏ ‏ارتداء‏ ‏ملابس‏ ‏جديدة‏ ‏حتي‏ ‏أدني‏ ‏الطبقات‏ ‏فهو‏ ‏تقليد‏ ‏يشمل‏ ‏الجميع‏ ‏ولو‏ ‏اقتصر‏ ‏الأمر‏ ‏علي‏ ‏شراء‏ ‏حذاء‏ ‏جديد‏ ‏فقط‏ ‏ويأكل‏ ‏معظم‏ ‏أهل‏ ‏القاهرة‏ ‏في‏ ‏أيام‏ ‏العيد‏ ‏الكعك‏‏ ‏وكميات‏ ‏هائلة‏ ‏من‏ ‏المكسرات‏ ‏ومعظم‏ ‏محلات‏ ‏البلد‏ ‏تغلق‏ ‏أبوابها‏ ‏خلال‏ ‏أيام‏ ‏العيد‏ ‏.

عيد الفطر فى الدولة الفاطمية

وكان ينافس الكعك منتجات أخرى داخل البيوت المصرية خاصة في القرى الريفية كالبسكويت والقراقيش والحلويات والترمس والفول السوداني والشريك والحلبة المنبتة، وتظل الأسر تأكل هذه الأشياء في الصباح بعد العيد بعدة أسابيع، وصنع الكعك بأشكاله خاصة الشكل الدائرى الذي يرمز للشمس رمز الحياة والقوة والخير عند الفراعنة توارثته الحضارات مرورا بالقبطية فالإسلامية إبان العصر الفاطمى، وقد سبقت الدولة الإخشيدية الدولة الفاطمية في العناية بكعك العيد حتى إن أحد الوزراء الإخشيديين أقر بعمل كعك حشاه بالدنانير الذهبية وأطلق عليه «أنطن له» وتم تحريف الاسم بعد ذلك إلى «أنطونلة» وتعد كعكة «أنطونلة» أشهر كعكة ظهرت في عهد الدولة الإخشيدية وكانت في دار الفقراء على مائدة طولها 200 متر وعرضها 7 أمتار.

عيد الفطر فى الدولة الفاطمية

ووصل اهتمام الفاطميين بالكعك إلى الحد الذي جعلهم يقيمون ديوانًا حكوميًّا خاصًّا عرف بـ«دار الفطرة» كان يختص بتجهيز الكميات يبدأ من شهر رجب وحتى منتصف رمضان استعدادًا للاحتفال الكبير الذي يحضره الخليفة، وكانت ترصد لهذه الكمية ميزانية ضخمة لتصل إلى 16 ألف دينار ذهبي، وزن الواحد حوالى 4 جرامات، وكانت مائدة الخليفة العزيز الفاطمي يبلغ طولها 1350 مترًا وتحمل 60 صنفا من الكعك والغريبة وكان الخبازون يتفننون في صناعة الكعك مستخدمين أطنانا من الدقيق وقناطير من السكر والجوز والفستق والسيرج والسمسم والعسل وماء الورد والمسك والكافور.

بالإضافة إلى عادة زيارة الموتى حيث تقوم‏ ‏بعض‏ ‏العائلات‏ ‏خاصة‏ ‏النساء‏ ‏بزيارة‏ ‏مقابر‏ ‏موتاهم‏ والتى أيضا انتقلت لنا من تراث الفراعنة الأجداد، أما الغداء يوم عيد الفطر فيكون الفطير أو الأسماك المملحة وهى تراث فرعونى.

عيد الفطر فى الدولة الفاطمية

أضاف «البرت‏ ‏فارمان» قنصل‏ ‏عام‏ ‏الولايات‏ ‏المتحدة‏ ‏الأمريكية، في كتاب «رمضان» للكاتب حسن عبدالوهاب، ‏أنه‏ ‏في‏ ‏عهد‏ ‏الخديو ي‏‏إسماعيل‏ ‏أضيف‏ ‏بروتوكول‏ ‏استقبال‏ ‏الخديو ‏‏للمهنئين‏ ‏يوم‏ ‏العيد‏ ‏فذكر‏ ‏أنه‏ ‏في‏ ‏الساعة‏ ‏السادسة‏ ‏من‏ ‏صباح‏ ‏يوم‏ ‏العيد‏ ‏تبدأ‏ ‏مقابلات‏ ‏الخديو ‏باستقبال‏ ‏كبار‏ ‏ضباط‏ ‏الجيش‏ ‏ثم‏ ‏يتقدم‏ ‏الأمراء‏ ‏والوزراء‏ ‏وكبار‏ ‏رجال‏ ‏الدولة‏ ‏والعلماء‏ ‏والقضاة‏ ‏وكبار‏ ‏التجار‏ ‏والأعيان‏ ‏ونحو‏ ‏الساعة‏ ‏الحادية‏ ‏عشرة‏ ‏يتقدم‏ ‏بالتهنئة‏ ‏قناصل‏ ‏الدولة‏ ‏الأجنبية‏ ‏الذين‏ ‏تقدم‏ ‏لهم‏ ‏القهوة‏ ‏ويدخنون‏ ‏النارجيلة‏ ‏ويتبادلون‏ ‏حديثا‏ ‏وديا‏ ‏مع‏ ‏الخديو ‏ثم‏ ‏تعد‏ ‏العدة‏ ‏لخروج‏ ‏المحمل‏ ‏وموكب‏ ‏الحجيج‏ ‏في‏ ‏الثالث‏ ‏والعشرين‏ ‏من‏ ‏شوال‏.‏

وكان يقضي الملك فاروق صباح أول أيام العيد يستيقظ مبكرا ويمارس الرياضة ثم يتناول الإفطار ويقصد بعدها جامع الغوري حيث يؤدي صلاة العيد ومع الحاشية الملكية وكبار رجال الدولة ويعود بعدها إلى سراي القبة، ليستمعوا بعدها لفرقة البيادة الملكية للعزف في الأعياد بقيادة «الكافاليرى ماتيو ميلاني».