المحاولات التى تجريها الأحزاب والقوى السياسية الراهنة منذ أكثر من شهر للتحالف السياسى، ومن باب أولى الانتخابى، لايزال مصيرها مشكوكاً فيه حتى الآن. هذا الشك أتى كنتيجة منطقية لسببين، أحدهما خارجى والآخر داخلى.
فخارجيًا، نحن أمام قانون انتخابات غريب يتسم بسيادة كاملة للنظام الأغلبى، وقد أخذ ذلك شكلين، فنحو خمس مقاعد البرلمان مخصص وفق القوائم المطلقة التى هجرتها كل الأنظمة الانتخابية فى العالم. وباقى المقاعد (الأربعة أخماس) بالنظام الفردى. هذا الأمر الذى لم تعتده الأحزاب أربك المشهد الانتخابى. وزاد الطين بلة أن تلك القوى السياسية لم تعرف حتى الآن حدود الدوائر الانتخابية سواء فى النظام الفردى أو نظام القوائم. ولعل المشكلة أن النظام السياسى القائم وجهابذته أعضاء لجنة إعداد قانون الانتخاب قد تورطوا فى أزمة وقت واضحة. فالدستور يلزم بدء الإجراءات الانتخابية فى مدة لا تجاوز 6 أشهر (م 230) من إقرار الدستور، ولما أزف الوقت دون تحديد الدوائر لوى هؤلاء ذراع الحقيقة واعتبر مجرد تشكيل لجنة الانتخابات هو إجراء انتخابى!! وكل ما سبق أربك الأحزاب والقوى السياسية.
أما الأسباب الداخلية لصعوبة التحالفات الانتخابية فترجع إلى ثلاثة أمور. الأمر الأول: رغبة كل قوة سياسية فى الاستحواذ على أكبر نسبة من المرشحين، خاصة فيما يتعلق بإعداد القوائم المطلقة، هنا تبدو كل قوة تفترض أن لها شعبية جارفة على الأرض، وأن كبر حجمها فى القائمة يزيد من أعداد تواجدها فى البرلمان، ومن ثم سيكون لها كلمة فى تشكيل الحكومة القادمة، رغم علم الكثير منها أن شعبيتها شبه مفقودة، لأن غالبية المواطنين المصريين هم من المستقلين.
الأمر الثانى: أن بعض القوى السياسية تسعى إلى الاستحواذ على مسمى للتحالف باسم حزبها. وهنا يبدو موقف الوفد المصر على تسمية أى تحالف باسم «الوفد» ماثلاً للعيان. رغم أن التاريخ يثبت أن الوفد يرفض فى ختام كل مفاوضات إبان كل انتخابات، منذ تحالفه مع الإخوان عام 1984، المشاركة فى أى تحالف انتخابى.
الأمر الثالث: الذى يصعب من التحالف بين القوى السياسية قبل انتخابات مجلس النواب، هو الخلاف على فصائل التحالف نفسها. وهنا نشير بشكل محدد إلى فلول نظام مبارك. فبعض الأحزاب السياسية تعتبر البعض ضمن الفلول، وبعضها لا يضعه، وبعضها الثالث يضع معايير ملتبسة فى هذا الفرز. وكل ما سبق جعل الفلول يخرجون ألسنتهم للجميع ويعلنون أنهم سيشاركون فى الانتخابات بمفردهم، ما أثار خوف مقاطعيهم منهم.