القتل بدم بارد.. من غزة إلى الفرافرة

أكرم عبد الرحيم الثلاثاء 22-07-2014 21:47

ترتفع دعوات المصلين بالدعاء ليلا ونهارا، تدعو لمصر ولأهالى غزة فى آن واحد، فقد بكينا بدل الدموع دما على شهدائنا فى الفرافرة وغزة، لكن الفرق أن الأولى بأيدى عروبتى ودينى ممن يحلمون بعودة الخلافة على رقاب العباد وكأنهم أنبياء الله فى أرضه، وهم فى ضلال بعيد، والثانية بأيدى عدو غادر مجرم، لا عهد له، ولا ذمة.

وفى رأيي أن المقاومة الفلسطينية أخطأت خطأ كبيرا لرفضها المبادرة المصرية التي طرحتها مصر لوقف التصعيد الإسرائيلي ضد قطاع غزة، فى الوقت الذى وافقت فيه السلطة الفلسطينية وإسرائيل، بينما رفضتها فصائل المقاومة الفلسطينية، واعتبرتها حركة المقاومة الإسلامية «حماس» خنوعًا وركوعًا على الرغم من أنها لا تختلف كثيرا عما قدمته فى 2012 مما ساهم فى مزيد من القتل والدماء ..

بينما تناقلت وكالات الأنباء العالمية استمرار رفض المقاومة الإسلامية حماس المبادرة المصرية. وتناولها العالم كالاتى:

«أوباما يصف حماس بأنها تعرقل مساعى السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، ويأسف لسقوط القتلى من الجانبين».

«الأمم المتحدة تطالب بوقف العنف وتطالب ببدء الحوار».

«الاتحاد الأوروبى يبدى دهشته من رفض المبادرة المصرية ويطالب بوقف إطلاق النار».

«روسيا تناشد الطرفين ضبط النفس وتطالب بوقف العدوان».

«جامعة الدول العربية تؤكد خطورة العدوان على الشعب الفلسطينى وتطالب بوقف إطلاق النار».

الخارجية الإسرائيلية: «إسرائيل تدافع وتتمسك بالرد على الإرهاب».

السؤال الذى يفرض نفسه: ماذا تريد حماس وإسرائيل؟

بالطبع ما أزعج إسرائيل هو التقارب الأخير بين فتح وحماس لأنه ليس فى صالحها، فهى تعتبر حركة حماس إرهابية، وسرايا القدس، والفصائل الأخرى إرهابية لأنها تدعم المقاومة ضدها، رغم أن سرايا القدس رحبت بالتقارب الفلسطينى، واعتبرتها إسرائيل خطوة تهدد أمنها بعد أن رأت أن حماس قدمت لها «صكا» على بياض للتفاوض الأحادى، وشق الصف الفلسطينى بين حمساوى وفتحاوى.

ثانيا والأهم: أن إسرائيل تريد فصل الضفة عن غزة، بعد استقلال حماس بغزة بحيث إنها تفاوض الفلسطينيين فى رام الله، وتقتل الفلسطينيين فى غزة وتملأ الدنيا ضجيجا أنها تركت 42 % من الأرض على غير الحقيقة، فاليهود فى كل شبر من فلسطين، والجدار العازل مزق الأرض، والمستوطنات التهمت ما تبقى من الأراضى الفلسطينية، كما أنها منعت الفلسطينيين من الإقامة فى القدس الغربية.

ثالثا: المقاومة الفلسطينية لم تستفد من التقارب بين فتح وحماس، وتركت لقادتها التصرف تجاه الاستفزازات الإسرائيلية بعد التذرع باختفاء 3 إسرائيليين ومن بعدها العثور على جثثهم، وهو ما دفعها للدخول فى معركة غير متكافئة كان من نتائجها سقوط مئات القتلى والجرحى، وهدم العشرات من المنازل، وتشريد وعزل سكان غزة عن العالم، ولم تفلح الأمم المتحدة، ولا الجامعة العربية، ولا العديد من المظاهرات، والرحلات المكوكية للرئيس أبو مازن بصفته الرئيس الشرعى للبلاد فى وقف العدوان.

أما فى مصر فقد هاجم أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي المبادرة، وقالوا إن «السيسي يدافع عن إسرائيل ويحاول نزع سلاح المقاومة الفلسطينية»، على حد تعبيرهم، فى حين يرى الآخرون أنها أفضل من المبادرة التى قدمتها مصر فى نوفمبر 2012.

المبادرة المصرية فى عهد مرسي كانت تحت عنوان «تفاهمات خاصة لوقف إطلاق النار في غزة»، وجاءت في 4 نقاط، وتضمنت آلية التنفيذ 3 نقاط.

أما المبادرة فى عهد السيسي الحالية فقد أطلق عليها «المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار في غزة»، وجاءت في 4 نقاط، وآلية التنفيذ جاءت في 3 نقاط.

ونصت بنود مبادرة مرسى على الآتى:

1- تلتزم إسرائيل بوقف كل الأعمال العدائية على قطاع غزة برًا وبحرًا وجوًا، بما في ذلك الإجتياحات وعمليات استهداف الأشخاص.

2- تقوم الفصائل الفلسطينية بوقف كل الأعمال العدائية من قطاع غزة، تجاه إسرائيل بما في ذلك إطلاق الصواريخ والهجمات على خط الحدود. 3- فتح المعابر وتسهيل حركة عبور الأشخاص والبضائع عبر المعابر الحدودية، وعدم تقييد حركة السكان أو استهدافهم في المناطق الجنوبية، والتعامل مع إجراءات تنفيذ ذلك بعد 24 ساعة من دخول الاتفاق حيّز التنفيذ.

4- «يتم تناول باقي القضايا إذا ما طلب ذلك«.

تحديد ساعة صفر لدخول تفاهمات التهدئة حيز التنفيذ:1- «التنفيذ حصول مصر على ضمانات من كل طرف بالالتزام بما تم الاتفاق عليه».

2- حصول مصر على ضمانات من كل طرف بالالتزام بما تم الاتفاق عليه

أما مبادرةالسيسى فقد نصت على الآتى :

1- تلتزم إسرائيل بوقف جميع الاعتداءات العدائية على قطاع غزة برا وبحرا وجوا مع التأكيد على عدم تنفيذ أى عمليات اجتياح برى لقطاع غزة أو استهداف المدنيين.

2- تقوم كل الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة بإيقاف جميع الأعمال العدائية (Hostilities) من قطاع غزة تجاه إسرائيل جواً، وبحراً، وبراً، وتحت الأرض مع التأكيد على إيقاف إطلاق الصواريخ بمختلف أنواعها والهجمات على الحدود أو استهداف المدنيين.

2- فتح المعابر وتسهيل حركة عبور الأشخاص والبضائع عبر المعابر الحدودية في ضوء استقرار الأوضاع الأمنية على الأرض.

4- باقي القضايا بما في ذلك موضوع الأمن سيتم بحثها مع الطرفين

التنفيذ:

1- تحددت الساعة 0600 يوم 15/7/2014 (طبقاً للتوقيت العالمي) لبدء تنفيذ تفاهمات التهدئة بين الطرفين، على أن يتم إيقاف إطلاق النار خلال 12 ساعة من إعلان المبادرة المصرية وقبول الطرفين بها دون شروط مسبقة..

2- يتم استقبال وفود رفيعة المستوى من الحكومة الإسرائيلية والفصائل الفلسطينية في القاهرة خلال 48 ساعة منذ بدء تنفيذ المبادرة لاستكمال مباحثات تثبيت وقف إطلاق النار واستكمال إجراءات بناء الثقة بين الطرفين، على أن تتم المباحثات مع الطرفين كل على حدة.

3- التزام كل طرف بعدم القيام بأفعال من شأنها خرق هذه التفاهمات، وفي حال وجود ملاحظات يتم الرجوع لمصر، راعية التفاهمات لمتابعة ذلك.

يلتزم الطرفان بعدم القيام بأي أعمال من شأنها التأثير بالسلب على تنفيذ التفاهمات وتحصل مصر على ضمانات من الطرفين بالالتزام بما يتم الاتفاق عليه ومتابعة تنفيذها ومراجعة أي من الطرفين حال القيام بأي أعمال تعرقل استقرارها.

وبينما تدور آلة الدمار فإن نتائج الحرب الدموية تصب فى مصلحة العدو رغم أنها لم تحقق أهدافا للطرفين.. ومن بين نتائجها بالنسبة لإسرائيل:

1- حققت لإسرائيل الردع، وأثبتت تفوقها على كل الأصعدة، وقامت بتصفية العديد من قادة حماس، ونشرت الموت فى كل بقعة من الأرض.

2- استطاعت أن تختبر مدى قدرة حماس الدفاعية والهجومية، والأسلحة النوعية التى تستخدمها، خاصة صواريخ القسام بعيدة المدى، وطائرات الاستطلاع.

3- قامت بتجربة كل أنواع الأسلحة فى حقل التجارب الفلسطينى، والتى مثلت لها أرض المعركة.

4- استطاعت تجربة مدى قدرتها فى حماية شعبها من خلال المخابئ المجهزة، وصافرات الإنذار.

5- استفادت من رفض حماس للمبادرة المصرية، وأظهرت أمام العالم أنها تريد وقف إطلاق النار فى ظل تعنت قادة حماس.

أما على الجانب الفلسطينى فقد جاءت نتائجها كالآتى:

1- استطاعت أن تثبت أنها تستطيع الرد بقوة على العدوان، وبث الرعب فى قلوب الإسرائيليين، ودفعهم للاختباء فى المخابئ لساعات طويلة.

2- الاختبار الحقيقى لعدد من الصواريخ المحلية، ومنها بعيدة المدى، طال معظم المدى بما فيها تل أبيب.

3- قتل نحو 25 جنديا وإصابة العشرات وهو ما لم تتعود عليه إسرائيل خلال حروبها السابقة فى غزة .

4- التأكيد على مدى همجية العدو الصهيونى، واستمراره فى قتل المئات من العزل من الأطفال، والشيوخ، والنساء، ونسف المنازل، وتدمير محطات المياه، والكهرباء.

لا تزال حماس ترفض، والرئيس الفلسطينى يستنجد، والعرب يتناقشون، والضحية مئات من الأبرياء يتساقطون كل يوم، والعالم ينظر إليهم بدم بارد فى انتظار صافرة الحكم الأمريكى بعد استسلام الفريسة للموت، وفى مصر تنتظر سقوط مزيد من الضحايا قبل أن يرفع سادة داعش، وبيت المقدس، الرايات السوداء على جثث الأبرياء وصولا إلى القدس لإنهاء الاحتلال.