«ها هو يأتي يوم الثلاثين من يونيو في ذكراه الأولى وعدد كبير من الشباب الذي كان يجوب الشوارع بمظاهرات ضد النظام مطالبا بالحرية لهذا الوطن، حبيسين السجون بعد أن أصبح التظاهر تهمة، إننا لا نندم على المشاركة بل والدعوة لها، لأننا ما شاركنا إلا إيمانا منا بحق هذا الشعب في الحرية من نظام وضع مصلحته على حساب دماء أبناء هذا الوطن وقوت فقرائه»، كان ذلك جزء من رسالة الناشطة والمحامية ماهينور المصري، من داخل محبسها في سجن النساء بدمنهور في الذكرى الأولى لـ«30 يونيو» التي أطاحت بحكم «الإخوان» بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عن الحكم.
«ماهينور» عضو «الاشتراكيين الثوريين»، المولودة في 7 يناير 1986 بالإسكندرية، واحدة ممن آمنوا بالثورة وأهدافها، ورفضوا الظلم والاستبداد، دفعت ثمن مواقفها عن رضا وقناعة وإيمان، لم تكن المظاهرات العمالية تخلو من وجودها، وهي تهتف «الإضراب مشروع ضد الفقر ضد الجوع» وكانت من أوائل النشطاء الذين تظاهروا أمام قسم سيدي جابر في الإسكندرية بعد مقتل الشهيد خالد سعيد قبل ثورة 25 يناير، «ماهينور» التي دافعت عن حق المعتقلين، وقادت المظاهرات للدفاع عنهم، تقبع خلف قضبان السجن بتهمة التظاهر.
وقضت محكمة جنح مستأنف سيدي جابر، الأحد، برئاسة المستشار شريف حافظ، بحبس «ماهينور»، 6 أشهر، وتغريمها 50 ألف جنيه بتهمة خرق قانون التظاهر، لم تكن هذه المرة أول عهد لـ«ماهينور» أو «ست البنات» كما يحب أن يطلق عليها أصدقائها، بالسجن، فسبق اعتقالها في عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك، والمعزول محمد مرسي، والمؤقت عدلي منصور، والحالي عبدالفتاح السيسي.
«ليس لدينا خيار سوى الاستمرار في الدفاع عن حقنا وحق غيرنا في الحرية، ولكني أرفض وبشكل قاطع أي تصريحات مساندة لقضيتي من حكومات وأشخاص ينتمون لنظم سياسية هي في الأساس نظم قمعية استبدادية، وأرحب بالدعم الشعبي البعيد عن السياسات الحكومية»، هكذا تحدثت ماهينور في رسالتها الثانية من خلف القضبان، لتعلن مواصلة الدفاع عن أفكارها، وعن حق الشعب في الحرية والعدل.
مثلها مثل الزعيم الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا، فازت «ماهينور» البالغة من العمر 28 عامًا، أواخر يوليو بجائزة «لودوفيك تراريو» التي تقدم سنويا لمحامي لتميزه في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، وأعلنت لجنة التحكيم التي اجتمعت في العاصمة الفرنسية باريس، منح جائزة عام 2014 لـ «ست البنات» قائلة: «سجنت تباعا من قبل كل من مبارك ومرسي والسيسي»، ومن المقرر أن تسلم الجائزة في مدينة فلرونسا بإيطاليا في 31 أكتوبر المقبل.
أثناء نظر جلسة محاكمتها في 28 يونيو الماضي، هتفت «ماهينور»: «ثورة حتى النصر، ثورة في كل شوارع مصر»، و«التظاهر لينا حق، القانون بتاعكم لا»، وردد خلفها بعض المتضامنين معها من النشطاء والمحامين، وتداول نشطاء على «فيس بوك وتويتر» صور الناشطة السياسية التي أطلق عليها البعض «راهبة الثورة»، و«قديسة خلف القضبان» وهي تقف في ثبات وقوة وتهتف بشجاعة.
في رسالتها الأولى من السجن كتبت «ماهينور»: «يجب ألا ننسى هدفنا الأساسي وسط معركتنا التي نخسر فيها الأصدقاء والرفاق، يجب ألا نتحول إلى مجموعات تطالب بالحرية لشخص وننسى هموم ومطالب الشعب».