مخطئ من يعتقد أن عملية الجرف الصامد التى شنتها إسرائيل ضد المدنيين فى غزة هى عملية عادية وغير مبررة.
من يتابع ردود الأفعال الدولية، سواء فى واشنطن أو فى نيويورك يفهم ما بين السطور، فواشنطن لا تريد أى تحرك دولى من خلال مجلس الأمن، والأمين العام للأمم المتحدة، بان كى، يطلب من السيسى ولأول مرة فتح المعابر أمام الجرحى دون طلب رسمى من مجلس الأمن أو إدانة مسببات الفعل، ثم يلمح إلى أن قطر وتركيا ستتحركان من أجل التهدئة.
هذا التحرك القطرى التركى الأممى بدا وكأنه من أجل صالح الشعب الفلسطينى، لكنه أشبه ببرميل بارود قابل للانفجار فى أى وقت، فالقاهرة والرياض مشغولتان بمشاكل داخلية، كان محور قطر وتركيا وحماس والإخوان من ورائها، السعودية تواجه تحديات صعبة على حدودها الشمالية، وسط توقعات بانفجار الوضع الداخلى فى أى وقت، أما القاهرة التى ما لبثت أن تضع قدميها على أعتاب الاستقرار الأمنى بعد أن ضعفت موجة العنف والاضطرابات التى يقف من ورائها محور الشر فى الدوحة وأنقرة، من هنا ستجد القاهرة نفسها بين مطرقة محور الشر مدعوما من تل أبيب وواشنطن، وسندان الضغوط الشعبية المتعاطفة مع الشعب الفلسطينى رغم التصرفات غير المسؤولة التى ارتكبتها حماس ضد جيش وشرطة وشعب مصر.
فى حال ما إذا اتخذت القاهرة موقفا مناصرا لحماس، فإن ردة الفعل الشعبى الداخلى لأسر شهداء الشرطة والجيش والتى لم تجف دماؤهم حتى اليوم ستكون صعبة وقاسية.
وفى حال صمت القاهرة.. فسيكون هذا الصمت إعلانا رسميا بانتصار قطر وتركيا وإسرائيل فى اللعبة التى رسموها مع قادة حماس بإطلاق صواريخ على إسرائيل حتى ترد إسرائيل عليهم بعملية يختبرون بها القاهرة والرياض، وتقود نتيجتها «حالة من الفوضى الداخلية فى البلدين».
أمام السيناريوهين السابقين تقف المساعى العربية والإسلامية حائرة أمام أبواب مجلس الأمن، ما بين فشل فى إصدار بيان رئاسى وآمال ترنو إلى صياغة مشروع قرار يحظى بإجماع عربى إسلامى أولا، ثم دولى ثانيا.
مشروع القرار المرتقب تمت صياغته وإبراقه إلى العواصم، وبين انتظار رد العواصم وشبح الفيتو الأمريكى يبقى الحال كما هو عليه.. وهنا يجتاز السيسى والملك عبدالله الامتحان الصعب، أما تميم وأردوغان فسيخرجان فى ثياب «المحرم»، الذى اعتاد لعب دور «المحلل الشرعى» للزوج الأمريكى- الإسرائيلى.
* الأمم المتحدة- نيويورك