ماتس هوملز.. القيصر الجديد (بروفايل)

كتب: محمد المصري الأحد 13-07-2014 16:24

قبل بداية البطولة، كان المتوقع هو صورة جديدة للمنتخب الألماني، بوجودِ مواهب كبيرة ومهارية جداً من قبيل ماركو رويس، مسعود أوزيل وماريو جوتزه، يستطيعون تبديل الصرامة الألمانية التي ميَّزت أجيال متتالية إلى شيءٍ أكثر بهجة وخفة.

إصابة «رويس»، أفضل لاعب ألماني خلال الفترة الحالية، قبل بدء البطولة بأيام، والمستوى المتواضع الذي قدمه الفتى الذهبي «جوتزه» ورجل التمريرات الحاسمة «أوزيل»، جعلوا الأمور تتغيَّر، ويلعب واكيم لوف، المدير الفني لألمانيا، كرة متحفظة و«برجماتية» إلى حدٍّ بعيد، يَعود للقيمِ القديمة التي تجعل المنتخب «ماكينات» لا تخطئ، لا تحاول إبراز مهارة استثنائية، بقدرِ ما تستطيع، دوماً، أن تصل للفوز.

صحيح أن هذا لم يحدث في مبارتي البرتغال والبرازيل، وفاز المنتخب بتائجٍ عريضة، ولكن البرتغال خرجت من المباراة بعد هدفين جاء كل منهم من كرةٍ ثابتة، ومع طرد «بيبي» وإصابة «كوينتراو» وضياع «رونالدو» صار مُتاحة أن تنتهي المباراة بأكثر حتى من 4-0 بكثير، أما مباراة البرازيل فكانت أقرب للتقسيمة، المُستضيف لم يأتِ أصلاً، وإحراز 4 أهداف في 5 دقائق استغلالاً لضياعٍ الخصم كان جزءً من «الصرامة الألمانية».

في صورة كلاسيكية بتلك الصرامة يكون اللعب غالباً بأربعة مُدافعين، الأفراد الأهم في التشكيل هؤلاء الذين يأخذون كرة القدم بجديَّة، يتم الاعتماد كثيراً على الكرات الثابتة، و1-0 نتيجة فوز مُرضية بدلاً من المُخاطرة.

وفي صورةٍ كلاسيكية بتلك الصرامة أيضاً لا يكون أفضل لاعبي الفريق «أوزيل» أو «جوتزه» أو «دراكسلر»، يكون الأفضل هو «مولر» أو «لام» أو «توني كروس»، ويكون الأهم بصورةٍ أو بأخرى هو خليفة لـبيكنباور، القيصر الجديد، ماتس هوملز.

«هوملز»، بعد موسم تاريخي مع بروسيا دورتموند عام 2013 فرض نفسه فيه مع زميله «سوبوبيتش» كأفضل ثنائي دفاعي في العالم، وبعد موسم مترنَّح بسبب الإصابات في 2014 عادَ في ختامه بقوّة، وضع اسمه في لائحة أفضل المدافعين في العالم، وما قدَّمه في تلك البطولة يُدَعّم تماماً تلك الفكرة، وربما وصل إلى المستوى الأعلى في مسيرته.

أحرز المُدافع هدفين فارقين في مشوار ألمانيا، أولهم أمام البرتغال، فَتَح الباب للنتيجة العريضة والسيطرة الكاملة على مجريات اللقاء، والثاني ضد فرنسا، هدف الفوز في مُباراةٍ مُغلقة، أهَّل ألمانيا لنصفِ النهائي، ولكن الأهم فعلاً في مسيرة «هوملز» مع المنتخب، وحتى في هاتين المبارتين، هو قدرته التي وصلت إلى أعلى نقاطها في قيادة دفاع ألمانيا ليكون بتلك الصلابة، زميله في خط الدفاع «ميرتساكر» ممتاز ولكنه شديد البطء، زميله الآخر «بواتنج» يمكنه ارتكاب أخطاءً كارثية ببرودٍ شديد، وحده «هوملز» يمنح التوازن للفريق، يمنحه تلك القوة ليُدير مباراة كلاسيكية لدرجة الملل أمام فرنسا لتخرج 1-0، أو يمنع منتخبات البرتغال، أمريكا أو البرازيل –قبل حتى الانهيار- من القيام بأي محاولة جادة على مرمى «نوير».

يُمكن إدراك قيمة «هوملز» عند النظر إلى دفاع المنتخب الألماني أمام الجزائر في المباراة الوحيدة التي غابها، واضطرار مانويل نوير للعب دور الليبرو أكثر من 5 مرات، ولو كان «سليماني»، مهاجم الجزائر، أسرع قليلاً، بفارقِ ثانية في أي كرة، لطُرِدَ «نوير» ووجدت ألمانيا نفسها في موقفٍ كابوسي.

«لوف» نفسه يُدرك ذلك، بعد إحرازه لـ5 أهداف أمام البرازيل قام بسحبِ «هوملز» من اللقاءِ خوفاً عليه من أي إصابة أو تدخل يمنعه من خوضِ النهائي، كان يعلم أن فريق ألمانيا كله ربما له بديل، باستثناء القَيصر الجديد، الذي قد يجعل نسخة كلاسيكية من ألمانيا تضع النجمة الرابعة على قميصها.