انتقدت صحيفة «نيويورك تايمز»، الأمريكية، «الصمت المصري» في الوقت الذي يُقتل فيه جيرانها في فلسطين، قائلة إن القاهرة تبدو وكأنها «ترفع يدها» عن المهمة التي طالما قامت بها كوسيط خلال المعارك بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والتي كان آخرها عام 2012، حينما توسط الرئيس المعزول، محمد مرسي للاتفاق على وقف إطلاق النار بعد 8 أيام من إراقة الدماء في غزة.
وأضافت الصحيفة، في تقرير مطول نشرته، الخميس، أن «مصر تترك المتعاركين، خلال الأحداث الراهنة في غزة، دون توسط، وذلك على الرغم من تصاعد عدد القتلى من الفلسطينيين».
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في حركة المقاومة الإسلامية، «حماس»، قولهم إنهم «لم يروا أي علامة على وجود جهود مصرية لنزع فتيل الأزمة، وهو ما يتناقض بشكل حاد مع الأحداث السابقة في عهدي مرسي والرئيس الأسبق، حسني مبارك، فالقاهرة الآن تغلق الحدود تماماً من جانبها، وتمنع حتى مرور المساعدات الإنسانية، مما يجعل الأمور أكثر سوءاً».
ورأت الصحيفة أن «رغبة مصر الواضحة في عدم التدخل تعكس تحولاً في سياستها الخارجية في عهد رئيسها الجديد، عبدالفتاح السيسي، الذي قاد عملية عزل مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، والحليف المقرب لحركة حماس المتهمة من قبل السلطات في مصر بالتورط في مؤامرات الجماعة».
وتابعت: «مع تعهد إسرائيل بتوسيع نطاق عملياتها العسكرية وزيادة عزلتها، باتت حماس متلهفة لوجود مرسي، الذي أمَن لها حليفاً دولياً ومخرجاً لحفظ ماء الوجه في أحداث 2012».
كما نقلت الصحيفة عن مسؤول بارز في «حماس»، رفض الكشف عن هويته، قوله «لا نشعر أن مصر تلعب دوراً في الحرب الحالية، ففي النزاعات السابقة، كان ضباط المخابرات المصرية يتواصلون معنا ويتدخلون ويتحركون بسرعة، أما الآن، فنكاد لا نسمع كلمة واحدة من جانبهم».
وأشارت الصحيفة إلى رفض مسؤولين مصريين للرأي القائل بأن بلادهم تتجنب التدخل في النزاع، وإلى تصريح المتحدث باسم الرئاسة المصرية بأن بلاده «تجري اتصالات مكثفة مع كل الأطراف المعنية الفاعلة بـهدف تجنيب الشعب الفلسطيني ويلات ومخاطر العمليات العسكرية الإسرائيلية».
ونقلت عن إسكندر عمراني، مدير مشروع شمال إفريقيا في «مجموعة الأزمات الدولية»، قوله إنه «كانت هناك محاولات مبدئية لتهدئة الأمور لكنها توقفت».
وقالت «نيويورك تايمز» إن مصر اعتادت، خلال عهد مبارك، على إطفاء النيران دون أن يصل الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني إلى تسوية نهائية للنزاع، ولكن بعد إسقاطه، عام 2011، كانت هناك مطالبات واضحة بأن تعكس السياسة الخارجية لمصر التعاطف الشعبي مع الفلسطينيين بشكل أكثر دقة، مشيرةً إلى وصف وزير الخارجية حينها لحصار إسرائيل لغزة بأنه «مشين».
ورأت الصحيفة أنه على الرغم من حديث مرسي حينها عن ضرورة استمرار فتح الحدود مع غزة، فإن الإغاثة التي تلقاها سكان القطاع كانت ضعيفة، فحكومته أغلقت أنفاق التهريب، وأغرقت بعضها بمياه الصرف الصحي، بهدف السيطرة على تهريب السلاح لكنه أثر أيضاً على تدفق السلع الحيوية.
ونقلت الصحيفة عن الكاتب ميشيل حنا قوله إن «تعامل مصر مع غزة، منذ عزل مرسي، يعكس، بشكل كامل، قلق المؤسسة الأمنية، التي تقاتل المتشددين في سيناء وترى غزة عبئاً تريد إسرائيل أن تزيحه إلى مصر».