«الغزالى».. الداعية يقاوم الاستبداد بسلاح «الاجتهاد الدينى»

كتب: شريف سمير الأربعاء 09-07-2014 18:51

ارتبطت كلمة الداعية بمكانة رجل الدين فى قلوب وأذهان المسلمين وما يمكن أن يتركه من بصمات على أفكارهم وعقيدتهم بصورة تنعكس على السلوكيات وصياغة شخصية الإنسان، ووفقا للطريق الذى يسير فيه الداعية ومنهجه فى الإقناع ومخاطبة العقول تتحدد معالم المجتمع ويتبلور حجم انسجام المستمعين إلى علمه وفقهه مع مشروعه الفكرى والدينى، وكان لهذه المقدمة ضرورتها قبل الوقوف عند تاريخ ومشوار الإمام الراحل محمد الغزالى فى رحلته الثرية بالمحطات نحو بناء أمة مسلمة ترتقى بمفهوم الدين وتسخر مبادئه وتعاليمه لمواكبة العصر كجزء من رسالته وليس خصما منها.

وتجلى مشروع الغزالى منذ نعومة أظافره عندما حظى بهذا الاسم تيمنا بحجة الإسلام «أبوحامد الغزالى» ليحمل على عاتقه شرف أن يكون خير خلف لخير سلف، وكانت بداية الرحلة مع القرآن الكريم الذى حفظه عن ظهر قلب وهو لم يتجاوز 10 سنوات، وبمرور الوقت التحق ابن التاجر البسيط بكلية أصول الدين عام 1937 وحصل منها على العالمية بعد 4 سنوات علما بأنه يدين بالكثير لمكتبة والده التى جنى منها فائدة عظيمة وعلما غزيرا صار كنزه الحقيقى فى محطاته التالية واتساع نطاق مشروعه الإسلامى.

وانتهت مرحلة التعليم الأكاديمى لتبدأ رحلة التعلم من خبرات ومدارس العلماء والدعاة الكبار، فتتلمذ الداعية «الغزالى» على يد الشيخ محمود شلتوت الذى أصبح فيما بعد شيخ الأزهر ثم عايش الشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين لفترة طويلة كان لها انعكاساتها الواضحة على أفكاره ونظرته إلى أمور الدين والحياة والسياسة، والأخيرة كان لها دورها فى تشكيل وعى ومواقف الداعية المخضرم.

وتوقف الكثيرون فى رصدهم لإنتاج «الغزالى» من الكتب والعلم عند كتابين مهمين: الأول بعنوان «سر تأخر العرب والمسلمين» لما تضمنه من جسارة وشجاعة علمية لمواجهة وتحليل الواقع العربى والإسلامى ومحاولة تشخيص أمراض شعوب المنطقة، والثانى عن «أزمة الشورى فى المجتمعات العربية والإسلامية» والذى تطرق فيه بسهام النقد القاسى للحكم الفردى والاستبداد السياسى.

ورفع «الغزالى» شعار الشورى فى كل المنتديات واللقاءات لما تمثله هذه الميزة من قدرة على رد الحاكم إلى حجمه الطبيعى كلما حاول الانتفاخ والتطاول ضاربا المثل بعصور الخلفاء الراشدين، ومن هذا المنطلق تولدت وصايا «الغزالى» العشر كروشتة علاج سريعة تنتشل المجتمعات الإسلامية من كبوتها.. ورحل «الداعية» فى 1996، وعاشت وصاياه مرتفعة الصوت تتردد أصداؤها فى كل منبر وفى كل مناسبة، وصايا اتخذها «الداعية» وسيلة ناجعة لمقاومة أى طغيان أو انفراد بالسلطة السياسية، فضلا عن رسم خارطة طريق لمستقبل المسلمين مكتوبة بحروف مبادئ الإسلام ومعبرة عن مشروع فكرى قائم على الاجتهاد الدينى المفتوح.