كثير ما تحفل الكتابات الأدبية بتفاصيل والأحداث، تجذب القاريء وتبقيه على حرف مقعده، ورغم أن القراءة متعة يعشقها البعض، إلا أن آخرين يفضلون رؤية هذه الروايات في شكل مجسد على الشاشة، وهو ما تحقق لهم على مدار السنوات، ويستمر هذا الموسم الرمضاني متجسدًا في مسلسلات «دهشة» و«سجن النسا».
تحويل الكتابات الأدبية لمسلسلات ليس بالجديد على الدراما المصرية، فعلى مدار السنوات تحولت كثير من الأعمال الأدبية لكتاب مشاهير كنجيب محفوظ ويوسف السباعي وغيرهم، لأعمال فنية، وكذلك في السنوات الأخيرة تم تحويل أعمال أدبية كمسلسل «عايزة اتجوز»، الذي قامت ببطولته الفنانة هند صبري في رمضان عام 2010، والمأخوذ عن كتاب «كيف تصطادين عريسًا»، للكاتبة غادة عبد العال، وكذلك مسلسل «فيرتيجو»، والتي قامت ببطولته «صبري» أيضًا عام 2012، فيما كان مأخوذًا عن رواية تحمل نفس اسم المسلسل للكاتب أحمد مراد.
وفي العام الماضي، شهد رمضان حضورًا أدبيًا كذلك، فتم عرض مسلسل «موجة حارة»، والمأخوذ عن رواية «منخفض الهند الموسمي»، للكاتب أسامة أنور عكاشة، وقام ببطولته الفنانين إياد نصار وخالد سليم، كما تم أيضًا عرض مسلسل «ذات»، في نفس العام، والمأخوذ عن رواية لصنع الله إبراهيم تحمل نفس الاسم، حيث قامت ببطولته الفنانة نيللي كريم.
وقد لاقت هذه النوعية من المسلسلات، نجاح كبير طوال العقود السابقة، فلم يختلف الأمر هذا الموسم الرمضاني، حيث عمل الفنان يحيى الفخراني على تقديم مسرحية «الملك لير»، ذلك العمل الأدبي التراجيدي للأديب الإنجليزي الشهير شكسبير، في شكل مسلسل تلفزيوني، بعد «تمصير» القصة ومعالجتها ليقدمها في إطار صعيدي، بعد أن قدم الرواية الأصلية من قبل على المسرح. وتدور القصة الأصلية حول ملك بريطانيا «لير»، الذي كان من أقوى فرسان عصره، لكنه حين يتقدم في السن يقرر تقسيم ملكه بين بناته الثلاث، فيما يترتب على ذلك أحداث درامية وتراجيدية كثيرة.
وفي النسخة المصرية، يستبدل الفخراني شخصية الملك بشخصية الرجل الصعيدي الثري، الذي يقرر توزيع تركته على بناته الثلاث في حياته، فيما يكتشف خطأه عندما تأخذ كل منهن ميراثها ويعاملونه بعدها بجحود، مما يترتب عليه تصاعد الأحداث الدرامية.
وكما الحال مع «دهشة»، فقد اختارت المخرجة كاملة أبو ذكري التواجد في رمضان هذا العام كمخرجة لأحد الأعمال المقتبسة من رواية أدبية، فقامت بإخراج مسلسل «سجن النسا»، والمأخوذ عن مسرحية تحمل نفس الأسم للكاتبة الراحلة فتحية العسال، وتدور أحداث القصة، والمقتبسة من وقائع حقيقية، حول عدد من النساء تقودهم الظروف الإجتماعية للقيام بجرائم مختلفة تؤدي بهم إلى السجن، لتتغير حياتهم وتتصاعد الأحداث الدرامية، خاصة بعد إندلاع ثورة يناير. وتقوم ببطولة المسلسل الفنانة نيللي كريم، والتي يبدو أنها رغبت في تكرار التجربة بعد نجاح عملها السابق ذات.
وتبقى هذه المسلسلات، رغم بعض التحفظات على الإضافات والتغييرات والحذف من تفاصيل الروايات لأسباب فنية ودرامية، تقدم شكل مختلف للدراما وتلقي الضوء على أعمال أدبية جيدة قد تظلم في سوق الكتب، بعد احجام كثير من المصرين عن القراءة، إلا أنها تنال الشهرة بعد تجسيدها على الشاشة، فيعود بعض المشاهدين لقراءة الكتب والروايات، مما قد يكون ذو وقع جيد على الواقع الثقافي المصري.
%MCEPASTEBIN%