فوازير الفرسان الثلاثة.. الكُل في «سالم»

كتب: محمد المصري الإثنين 07-07-2014 23:59

كان سَمير غانم يرأس فريق التمثيل بجامعة الإسكندرية، فازَ بمسابقةِ كأس الجامعات عام 1959، بعدها بعامٍ واحد كان من فاز به هو الضيف أحمد، رئيس فريق التمثيل بجامعةِ القاهرة، وفي العامِ الثالث خسر الثنائي الكأس لصالح رئيس فريق جامعة عين شَمس، والذي كان يُدْعَى جورج سيدهم.

كانت تِلكَ هي المرة الأولى التي يَلتقي الثَّلاثة، وكان كل منهم يحمل نبوءَة من رموزِ الكوميديا حينها، مثل فؤاد المهندس وعبدالمنعم مدبولي، بأنه «سيكون نَجماً كوميدياً شهيراً»، وذلك حين رأوا كل منهم على حِدا أثناء التحكيم في مسابقات الجامعات، وَحده المخرج التلفزيوني محمد سالم من رآهم كفريقٍ واحد، ثُلاثي يَكتمل ببعضه، في ذلك الوقت المُبكر من عام 1961.

كانت الفكرة ثورية في ذلك الوَقت، ولكن المَزَاج العام كان مُتقبلاً للمَرح، وقيمة محمد سالم في بدايات التلفزيون المصري جعلت الجميع يتقبَّل فكرته المجنونة عن جَمع ثلاثة شباب مغمورون في عملٍ كوميدي قَصير، بل وأن يُوَفّر من وراءهم فنانين بقيمة حسين السيّد، الذي كان قد كَتب حينها لصفوةِ مُطربي مصر وعلى رأسهم محمد عبدالوهاب وعبدالحليم حافِظ، ومحمد الموجي الذي لَحَّن لأم كلثوم نفسها، ليكتب «السيد» ويلحّن «الموجي» بخفّةٍ لم يعرفها الناس من قبل.

«سكيتش دكتور الحقني» حقق نجاحاً كبيراً، وشعبيَّة لا تُوصَف، صار «جورج، سمير، الضيف» ثُلاثي للمرة الأولى، وأصبحوا أنجح من أي فرقة في مصر الستينات، وكتحيةٍ للرجلِ الذي اكتشفهم وقدمهم، محمد سالم، اقترح «سيدهم» أن يُسَمُّوا أنفسهم «ثلاثي أضواء المَسرح»، على اسمِ برنامج ناجح يقدمه سالم في التلفزيون ويحمل اسم «أضواء المسرح».

لاحقاً ذاع صيت الثلاثي كثيراً، من فيلمِ «سالم» الدعائي «القاهرة في الليل»، لحفلاتِ أضواء المدينة، لمسرحياتٍ ناجحة، وصولاً لأن يكونوا عُنصراً أساسياً في أغلب الأفلام الغنائية والاستعراضية خلال هذا الوقت، قبل أن تأتي مُغامرة «سالم» الجديدة مَعهم: تقديم الفوازير.

كانت الفوازير فناً مَطروقاً في هذا الوقت، ولكن بالصوتِ فقط، انتقل من الإذاعة إلى بدايات التلفزيون مع صوت المُذيعة آمال فَهمي، وكان عُنصراً مُهماً نظراً للتفاعل الحقيقي الذي يحدث بين الصانِع والمتلقي، المُذيع والمُشاهِد، «سالم» أخذَ الأمر لنقطةٍ أبعد، أن تكون الفوازير مُمَثَّلَة، حكاية قَصيرة تحتفظ في نهايتها بهذا التفاعل، ولكنها تبقى بالأساسِ حِكاية، استعراضية أحياناً، وكوميدية دائماً.

«سالم»، ومعه الثلاثي، خلقوا نموذجاً مُبكراً جداً للـ«عادة التلفزيونية في رمضان»، و«صناعة الترفية» التي بدأت تحديداً من تلك النُّقطة، وفي وقتٍ لم يكن الناس قد عرفوا فيه «المسلسلات» بشكلها اللاحق كانت «فوازير الثلاثي» هي «التمثيلية» التي يقومون بمتابعتها بعد الإفطار، يُحبُّون الحكاية، ويتفاعلون في نهاية كل حلقة مع الفزُّورة، وينتظرونها من عامٍ لعام.

بنهايةِ عام 1970 كان كل هذا قد تغيَّر، توفّي الضيف أحمد في أبريل، وجمال عبدالناصر في سبتمبر، لم يعد الأمر فقط أن «الشكل» الذي تقوم عليه الفرقة تعرَّض لهزّةٍ، بعد أن فقدت من هو، بصورةٍ أو بأخرى، عُنصرها الأهم، ولكن أيضاً لتغيُّر المزاج العام الذي تُخاطبه، وتوقَّفت الفوازير تماماً، لمدةِ 5 سنوات، ولم يُعِدْها كـ«عادة للمصريين في رمضان» إلا رجل طَموح ومُبتكر وصانع ترفية استثنائي يُدعي فهمي عبد الحميد.