أكدت دار الإفتاء المصرية أنه يجوز للمسلم الإفطار في شهر رمضان لإجراء عملية جراحية عاجلة، مشيرة إلى قول الله سبحانه في كتابه العزيز: «فَمَن شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ».
وأضافت الدار في فتوى لها، الإثنين، أنه إذا كانت العملية الجراحية غير مستعجلة بشهادة الطبيب العدل، ولا خوف من لحاق ضرر أو مشقة بك أثناء أداء فرض الصيام في شهر رمضان المعظم قبل إجراء العملية، فلا يجوز لك الفطر في هذه الحالة بناء على الرأي الراجح لدى جمهور الفقهاء.
وأوضحت الدار، في فتواها، أن الله سبحانه وتعالى فرض صوم رمضان على كل مسلم مكلف حاضر صحيح، ورخَّص للمسافر والمريض في الفطر والقضاء بعد زوال سبب الرخصة تيسيرا عليهما، لما تقرر في أصل الشريعة من رفع الحرج والمشقة عن المكلفين، في قوله عز وجل: «وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ»، وقوله سبحانه: «مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون».
وأشارت الفتوى إلى أن أهل العلم أجمعوا على أن المرض عذر يبيح الفطر للمريض في الجملة، وليس كل مرض عذرا يباح معه الفطر، فمذهب جمهور العلماء أنه إنما يترخص بالفطر للمرض إذا كان يترتب عليه مشقة لا تحتمل عادة كأن يعجز صاحبه عن الصيام معه، أو يخشى من الصوم زيادة المرض، أو يخشى تباطؤ الشفاء، وذلك لأن الأمراض تختلف، فمنها ما لا أثر للصوم فيه، كوجع الضرس، وجرح الأصبع، والدمل الصغير وما شابه ذلك، ومنها ما يساعد الصوم على الشفاء منه، فلا يجوز الفطر لمثل هذه الأمراض، لأن الصوم لا يضر صاحبها ولا يشق عليه بل قد يفيده، وإنما رخص للمريض في الفطر دفعًا للأذى والمشقة عنه.
وأضافت الفتوى أن العلماء اختلفوا في المرض المبيح للفطر، فذهب «الحسن وابن سيرين» إلى أنه كل مرض يباح معه الفطر سواء وجد صاحبه مشقة أم لا.
وذهب «الأصم» إلى أنه لا يباح الفطر للمريض إلا لو كان إذا صام وقع في مشقة وجهد، أي لا يستطيع معه إكمال الصيام، وهذا تنزيلا للفظ المرض على أكمل درجاته.
وذهب أكثر الفقهاء إلى أن المرض المبيح للفطر هو الذي يؤدي إلى ضرر النفس أو زيادة في العلة، إذ لا فرق في الفعل بين ما يخاف منه وبين ما يؤدي إلى ما يخاف منه، كالمحموم إذا خاف أنه لو صام تشتد حماه، وصاحب وجع العين يخاف إن صام أن تفسد عينه.