لماذا رفض الرئيس الموازنة العامة

خليفة أدهم الخميس 03-07-2014 21:41

يجب ألا يمر قرار الرئيس السيسى برفض مشروع الموازنة العامة بعد التعديل الذى أعدته الحكومة مرور الكرام، لابد أن نقرأ المغزى والمعنى بعناية، رفض الرئيس يعكس إصراره على المضى قدما فى انتهاج سياسات مغايرة تستهدف إصلاحا حقيقيا لبناء اقتصاد قوى يرتكز على مقومات متينة.

لم يأل الرئيس بالا بالاعتبارات السياسية قصيرة الأجل وهى فى حقيقتها سراب وانتهازية، استمرت حتى بعد ثورة 25 يناير حيث لم تشأ جماعة الإخوان الإرهابية أن تقترب من إجراء إصلاحات هيكلية للاقتصاد لتتفاقم الأزمة الاقتصادية خلال العام الذى تولى فيه حكم البلاد ليرتفع حجم الدين العام المحلى بنحو 40 % خلال عام واحد ويقفز الدين الخارجى بنحو 10 مليارات دولار، والسبب أنهم لم يكن يعملون بوازع وطنى بل من أجل تمكين الجماعة واستحواذها على مقاليد السلطة وسعيا إلى الحصول على أغلبية المقاعد فى انتخابات البرلمان والتى شاء القدر أن تقضى ثورة 25 يناير عليها وعلى حكمهم.

الرئيس السيسى بضميره الوطنى يسعى إلى إجراء إصلاحات حقيقية من أجل بناء منظومة اقتصادية قادرة على بناء دولة قوية ناهضة تحقق مصالح الفقراء فعليا لاشكليا كما هو الحال، سياسات اقتصادية تزيد الفقير تعاسة، وتظلم الأجيال والمستقبل وترهق الاقتصاد، رغم حجم الدعم الذى يستحوذ على 25 % من الموازنة العامة، ليستمر الوطن كالرجل المريض بدون أمل فى إصلاح وتطوير التعليم والعقول وليس ملء البطون أو رفع وتحسين جودة الرعاية الصحية وضخ استثمارات عامة ملائمة فى المرافق والخدمات الأساسية هى بالأساس ترتقى بمستويات الحياة للفقراء وتحقق جانبا مهما من العدالة الاجتماعية.

الرسالة الإيجابية لرفض الرئيس مشروع الموازنة العامة بسبب ارتفاع نسبة العجز المستهدف لنحو 12.2 % أى ما يقرب من 250 مليار جنيه سيتم بالطبع اقتراضها لتزيد من حجم الدين العام، ليست قاصرة على الحكومة التى طالبها بإجراء تعديلات عليها لخفض نسبة العجز، بل هى أيضا إلى المجتمع لاسيما الأغنياء، حان وقت تغيير القيم وثقافة الاستهلاك إلى ثقافة تواكب المرحلة تنطلق من العمل والإنتاج، كل مواطن يجب أن يدرك أن عليه واجبات تجاه الوطن لابد أن يقوم بها لا تقل عن حقوقه التى يطالب بها، فبدون أن يؤدى واجباته لن يمكنه أن بحصل على حقوقه، الأغنياء عليهم مسؤولية كبيرة– كما هو الحال فى الدول المتقدمة أو التى لحقت بركب التقدم – أن يعيدوا استثمار أموالهم داخل الوطن وهى تقدر بعشرات المليارات من الدولارات، وان يقوموا بالمسؤولية الاجتماعية التى أضحت إحد الركائز الأساسية فى معايير الكفاءة والحوكمة للشركات والمؤسسات العالمية فى كافة دول العالم ولم تعد عملية اختيارية، المستثمرون وأصحاب الملايين والمليارات فى الولايات المتحدة والدول الأوروبية يتبرعون بنصف ثرواتهم لمشروعات تنمية اجتماعية وللجامعات وتطوير البحث العلمى فى بلدانهم.