داخل موقف «بولاق الدكرور» المكتظ بالركاب، وقف أحمد سعد ابن السابعة عشرة حاملا في يده دلوًا ممتلئاً بالمياه، وانشغل في تنظيف سيارة الميكروباص المتهالكة، ارتفع صوت المسجل بالأغانى الشعبية، فصاح بأعلى صوته «جامعة الدول.. إسعاف»، يتزاحم الركاب على الميكروباص لتمتلئ مقاعده خلال دقائق معدودة، ينتهى سعد من تنظيف سيارته ويلصق ورقة صغيرة على مقدمة السيارة وخلفيتها تعلن عن رفع سعر أجرة النقل للركاب بمقدار نصف جنيه، يتشابك معه عدد من الركاب رافضين رفع الأجرة، فيفتح سعد باب سيارته ويصرخ بلهجة حادة «اللى مش عاجبه ينزل من العربية»، يلتزم جميع الركاب الصمت معلنين قبولهم بزيادة قيمة الأجرة.
اعتاد محمد متولى، شاب عشرينى، الخروج يومياً من منزله بمنطقة إمبابة مع بزوغ ضوء الشمس، ليلحق بعمله في مدينة القاهرة الجديدة، لا يتعدى راتب متولى 1200 جنيه شهرياً، قيمة الحد الأدنى للأجور الذي تنوى الحكومة إقراره على جميع القطاعات، لكن في نفس الوقت لا يستطيع أن يعيش بها حياة الرفاهية، كما يقول.
خمس مواصلات، يستقلها متولى في رحلته من منزله إلى عمله، ينفق فيها 12 جنيهاً ذهاباً فقط، يحتمل الجوع طوال ساعات عمله خوفاً من دخول مطعم يقضى على راتبه قبل انتهاء الشهر، لذلك لا يحتمل رفع أجرة الميكروباص «ربع جنيها زيادة» على حد قوله.
«عبء لا أستطيع تحمله»، يعبر متولى عن حاله حيال رفع أجرة «الميكروباص» الذي يستقله يوميا يقول: «تخرجت من كلية التجارة بتقدير جيد جدا وارتضيت العمل موظف أمن في أحد المصانع بمدينة القاهرة الجديدة، وراتبى لم يزد جنيهاً واحداً حتى أتحمل قرار سائقى الميكروباص برفع الأجرة بناء على قرار الحكومة برفع أسعار البنزين رغم عدم امتلاكى سيارة ملاكى».
يوضح محمد زكى، موظف، أن المواطن هو الضحية لقرار الحكومة غير الموفق، بحسب وصفه، لنية الحكومة رفع أسعار الوقود، واستغلال سائقى الميكروباص القرار لرفع تسعيرة نقل الركاب، يقول: «أطالب وزير البترول بالنزول إلى الشارع ليرى معاناتنا اليومية في استقلال الميكروباصات ووقوفنا في الشارع لأوقات طويلة في انتظارها، ورغم ذلك يقرر مجلس الوزراء رفع أسعار الوقود دون النظر إلى المواطن البسيط الذي سيتحمل وحده هذا القرار من قوته وقوت أبنائه».
سائق الميكروباص، أحمد منتصر، يؤكد أنه لا بديل عن رفع أسعار أجرة نقل الركاب، إذا لم يتراجع مجلس الوزراء عن قراره برفع أسعار الوقود وقال: «رفع أسعار الوقود خراب بيت لنا لأنه لن يمكننا من دفع الأقساط المستحقة على سيارات الأجرة، إضافة إلى انتظارنا ساعات طويلة أمام محطات البنزين لتموين سياراتنا، لذلك لا يوجد حل أمامنا سوى رفع أجرة نقل الركاب حتى لا نتعرض لخسارة كبيرة لسنا الطرف الرئيسى فيها».