حالة من الغضب الشعبى، سادت غالبية دول العالم عقب الاعتداء الإسرائيلى الوحشى على سفن قافلة الحرية المساندة لغزة، وعلى الرغم من هذه الاحتجاجات إلا أن ردود فعل المسؤولين كانت أكثر من صادمة، إذ لم تتجاوز بيانات الإدانة غير المباشرة، كما فعلت الأمم المتحدة وأمريكا، أو المواقف المتخاذلة للدول العربية، فى الوقت الذى سارعت فيه السلطات الإسرائيلية لاستخدام أشهر أسلحتها، وهو وسائل الإعلام لتنشر خلال محطات التليفزيون ومواقع الإنترنت شريط فيديو يحمل تسجيلا لأفراد على متن سفن قافلة الحرية وهم يتشاجرون مع الجنود الإسرائيليين، وأذاعت بيانات لتوضيح أن أفراد القافلة هم من بادروا بالعنف تجاه الجنود الإسرائيليين.
وقد اعتاد الإسرائيليون استخدام كل الوسائل الممكنة ومنها الكتب لترسيخ صورة معينة عنهم، وبصرف النظر عن بعض الكتابات التى تهاجم الدولة اليهودية وأساطيرها بقيادة مجموعة المؤرخين الذين يواجهون دوما انتقادات واسعة، مثل «شلومو ساند»، إلا أن الغالبية العظمى من كتَّاب إسرائيل فى العالم يحتشدون لعرض أكبر عدد من الكتب التى تحاول كسب الرأى العالمى، وخلال السطور القادمة نحاول استعراض بعض الكتب التى صدرت الشهور القليلة الماضية عن إسرائيل.
Israel test الاختبار الإسرائيلى
صادر عن دار نشر Richard vigilante 320 صفحة
يطرح الكاتب «جورج جيرالد» فى كتابه فكرة أن كل ما تعانيه دولة إسرائيل من صراع مع الدول والشعوب الأخرى يرجع إلى تفوق الشعب اليهودى على مدار السنوات فى مختلف المجالات العلمية والسياسية، خاصة أن إسرائيل خلال السنوات الأخيرة – وفق الكتاب - بدأت تلعب دورا محوريا فى قيادة التقدم والحضارة الإنسانية من خلال مساهماتها الاقتصادية والتكنولوجية فى العالم.
يبدأ جيرالد كتاب «الاختبار الإسرائيلى» بإلقاء الضوء على حالة العداء التى عانى منها اليهود، حتى استطاعوا تحقيق حلمهم بتكوين دولة إسرائيل، التى بدأت منذ عام 1977 فى تبنى مشروع قومى لتنظيم الرأسمالية الصهيونية، وطبقا للإحصائيات التى قدمها جيرالد فقد شهدت إسرائيل طفرة اقتصادية تكنولوجية كبيرة فى السنوات الأخيرة خاصة مع قدرة اليهود غير العادية فى التعامل مع المشاريع الإنتاجية ورأسمالية السوق الحرة، ورغم ذلك فلاتزال دول العالم المختلفة ترفض الاعتراف بنجاح هذه الدولة الوليدة وتقابل تفوقها بالاستياء، بل إن جيرالد وضع عددا من الأسباب لتفسير هذا العداء وفى مقدمتها القدرة الإبداعية للشعب اليهودى، رفض اليهود للمسيح، رفض رسالة الإسلام وفكرة الخلافة الإسلامية، وأيضا أخلاقيات التوحيد التى تحكم سلوك اليهود كشعب الله المختار!
الكاتب «جورج جيرالد»، حاصل على جائزة التميز فى الأعمال الحرة، وهو خريج جامعة هارفارد الأمريكية، وصحفى فى مجلة فوربس الاقتصادية الأمريكية.
Obama,s betrayal of Israel خيانة أوباما لإسرائيل
صادر عن دار نشر Encounter books 48 صفحة.
يجد الكاتب «مايكل ايه ليدن» فى نفسه القدرة على تحليل سياسة الرئيس أوباما تجاه منطقة الشرق الأوسط، باعتباره قد شغل منصب مستشار داخل مجلس الأمن القومى بوزارة الخارجية الأمريكية لسنوات، بجانب عضويته فى مؤسسة الدفاع عن الحريات، فعلى الرغم من أن زيارة الرئيس أوباما للقاهرة العام الماضى جاءت بعد أقل من ستة أشهر على توليه منصب الرئاسة الأمريكية، إلا أن ليدن يجد أن هذه الخطوة تدل على عدم فهم لحالة العداء التى تواجهها إسرائيل من جانب الدول العربية والإسلامية، مثل إيران التى تسعى لامتلاك أسلحة نووية تهدد سلامة الدولة اليهودية، على حد قوله، وأن مجرد المهادنة مع هذه الدول من شأنها القضاء على سياسة الولايات المتحدة وتهديد الأمن الإسرائيلى، وعلى الرغم من كون أوباما قد أعلن من القاهرة أن الدعم الأمريكى لإسرائيل غير قابل للكسر،
إلا أن الكاتب اعتبر أن هذه العبارة التى أثارت توتر العرب لا تكفى عند التعامل مع الدول العربية، ويضرب مثالا للدلالة على صحة وجهة نظره بما سبق وصرح به ياسر عرفات، رئيس السلطة الفلسطينية السابق، بأنه تعلم من حرب فيتنام، فقد استطاع الفيتناميون إنهاك القوات الأمريكية وإحراجهم أمام العالم، بل أحدثوا تحولا خطيرا فى ميزان القوى لصالحهم، وهم الدولة الأضعف عسكريا أمام الولايات المتحدة، وهو ما يمكن أن يتحقق فى الصراع العربى - الإسرائيلى إذا استمر باراك أوباما فى تجاهل ردع التطلعات العربية الإسلامية فى القضاء على دولة إسرائيل.
Saving Israel: How Jewish people can win a war that may never end
إنقاذ إسرائيل :كيف يمكن لليهود كسب حرب قد لا تنتهى
عن دار نشر Wileyفى 272 صفحة
يجد «دانيال جارديس»، الكاتب الصحفى بجريدة جيروزاليم بوست، نائب رئيس مركز شاليم، أن الوقت قد حان لتجديد الإيمان بالقضية اليهودية وإعادة الثقة للشعب اليهودى فى شرعية إقامة دولتهم إسرائيل فى أرض الميعاد، من خلال كتابه «إنقاذ إسرائيل»، والذى حصل على جائزة الكتاب القومى اليهودى بسبب تناوله لأهم التحديات التى تواجه يهود إسرائيل والولايات المتحدة فى الوقت الحالى.
ويعتبر جارديس أن أهم مشاكل إسرائيل الآن أن عرب 48 يريدون المساواة فى المواطنة مع اليهود، بينما يحاول الفلسطينيون إقامة دولتهم، لكن وجود الدولة الإسرائيلية أهم من فكرة السلام، وما على السياسيين إلا القيام بالأمور التى يؤمنون بصحتها لتحقيق هدفهم، فليس من المعقول بعد مرور كل هذه السنوات أن يكون وجود الدولة الإسرائيلية محل نقاش.
«Why are the Jewish liberals» لماذا الإسرائيليون ليبراليون؟
عن دار نشر Doubleday فى 352 صفحة
يطرح الكاتب «نورمان بودهوردز» تساؤلا حول أسباب إيمان أغلبية اليهود بالليبرالية، ولماذا يصوت اليهود دوما فى الولايات المتحدة لصالح الناخبين من الحزب الديمقراطى، مبتعدين عن الأحزاب اليمينية.
يضرب نورمان مثالا على ذلك بنتائج الانتخابات الأمريكية الأخيرة، حيث حصل الرئيس باراك أوباما على نسبة 78% من أصوات اليهود وهو ما مكنه من التغلب على منافسه جون ماكين، رغم كل ما يقال بأن تصويت اليهود فى الانتخابات يتأثر بمواقف المرشحين من الدولة العبرية،
ويعتقد نورمان أن اتجاه اليهود ناحية الأحزاب الديمقراطية لم يظهر بشكل واضح إلا عقب حرب الأيام الستة عام 1967 بعد عدد من الأحداث التاريخية التى دفعت اليهود فى هذا الاتجاه، فخلال القرون الوسطى عانى اليهود فى أوروبا من الاضطهاد والتشريد والتشهير، مما دفعهم مع بداية العصر الحديث نحو اليسار، حتى بدأت الاضطهادات النازية لليهود مما دفعهم للهجرة إلى الولايات المتحدة، وهناك انجذبوا إلى مبادئ الحزب الديمقراطى، الذى كان أقرب إلى نظيره اليسار الأوروبى، إلا أن حرب 67 كانت نقطة التحول الحاسمة، حيث دعم أعضاء الحزب الديمقراطى الليبرالى وجوب بقاء الدولة اليهودية والدفاع عن حدودها بل ومساندتها فى حربها أمام الدول العربية، وفى المقابل بدأت الاحزاب اليمينية المتشددة فى شن حملة معادية لدولة إسرائيل.
ويجد الكاتب أنه من المدهش شعور إدارة الرئيس أوباما بأن إسرائيل هى العقبة الرئيسية أمام السلام فى الشرق الأوسط حتى لو لم تصرح بذلك، رغم أن اليهود كانوا السبب الرئيسى فى وصول أوباما إلى البيت الأبيض.
The unspoken alliance: Israel,s secret relationship with apartheid South Africa
التحالف الخفى: العلاقة السرية بين إسرائيل والفصل العنصرى فى جنوب أفريقيا
عن دار نشر Pantheon فى 336 صفحة
فى الوقت الذى يسعى فيه السياسيون الإسرائيليون لنشر فكرة ديمقراطية ونزاهة السياسة الإسرائيلية، يأتى الكاتب «ساشا بولونسكى سيرانسكى» ليكشف فى كتابه تاريخ العلاقة بين إسرائيل وجنوب أفريقيا، والتى مرت بمراحل صعود وهبوط حتى وصلت إلى صيغة التحالفات والصفقات السرية التى تغلغلت بها إسرائيل فى قلب القارة السمراء.
فى منتصف الخمسينيات وسط موجة تحرر دول أفريقيا من الاستعمار الأوروبى، بدأت إسرائيل تسعى لإقامة جسور العلاقات الودية مع الدول الأفريقية من منطلق كسب حلفاء تخاطبهم بأنهم شعوب متشابهة، فكلاهما عانى من الاضطهاد لسنوات طويلة، إلا أن تلك الفترة شهدت تحالفات قوية بين الدول العربية، خاصة مصر مع معظم الدول الأفريقية، مما قلل من فرص إقامة علاقات مع إسرائيل، لكن مع حرب 67 بدأت موازين القوى تميل لصالح إسرائيل، وكانت علاقتها الوثيقة مع جنوب أفريقيا هى نقطة الوصل،
خاصة بعد أن بدأت أفكار تجارة السلاح مع جنوب أفريقيا، وإقامة تحالفات عسكرية بين الدولتين قامت بتعزيز نظام الفصل العنصرى داخل جنوب أفريقيا، ورغم كل ما تدعيه إسرائيل حول احترام حقوق الانسان، إلا أن علاقتها مع جنوب أفريقيا، خاصة فى مجال صفقات السلاح، انتهكت كل قرارات الأمم المتحدة وكشفت وجهها الحقيقى مع نظام الفصل العنصرى فى جنوب أفريقيا.