تعيش أسرة المقدم محمد لطفي، خبير المفرقعات بمديرية أمن القاهرة، الذى استشهد خلال تفكيكه إحدى العبوات الناسفة أمام محيط قصر الاتحادية، الإثنين، الحزن مرتين، الأولى لفراقه والثانية لإهمال وزارة الداخلية دوره وتضحياته فى سبيل حماية أمن واستقرار البلاد.
يكسو الحزن منطقة وادي دجلة بالمعادي لفراق «لطفى»، حيث يثني الجميع على أخلاقه وطريقة تعامله، ويرددون: «قلما تجد شخصاً يجمع بين هذه الصفات».
ينتهي المقدم لطفي من العمل خلال الساعات الأولى من صباح كل يوم، ما جعله يغيب كثيراً عن رؤية نجليه كريم وعمر، الطالبين فى المرحلتين الإعدادية والابتدائية.
تقول نهى البديوى، زوجة الشهيد، ربة منزل، لـ«المصرى اليوم»: «زوجى قدم تضحية من أجل إنقاذ البلد من إرهاب يفتك أرواح الأبرياء، وشعرت بالحزن بسبب الطريقة التى تعاملت بها الوزارة بدءاً من عدم إبلاغنا بخبر استشهاده الذى عرفناه من شاشات التليفزيون، انتهاء بطريقة تشييع جنازته من مسجد السيدة نفيسة، وعدم إقامة جنازة عسكرية له، تليق بمكانته كشهيد للوطن».
وأضافت: «كنت جالسة أمام شاشة التليفزيون أتابع مجريات الأحداث أمام محيط قصر الاتحادية الرئاسى، وأخبار العثور على عبوات ناسفة، وضعت يدى على قلبى، لسابق معرفتى بوجود زوجى بذات المكان، وفجأة سمعت صوت الانفجار الذى أسفر عن استشهاد العقيد أحمد العشماوى، خبير المفرقعات، زميل زوجى الشهيد (الثانى)، جريت على هاتفى طلبت (محمد) لم يجب، لأول وهلة انتابنى شعور بالخوف».
وتابعت: «رأيت على شريط الأخبار خبر استشهاد زوجى بعد انفجار عبوة فى وجهه أثناء تفكيكه لها، وهذا بعد قرابة الساعة من خبر استشهاد زميله، ولم أصدق عينى لهول الصدمة، وحينها لم يؤكد لى الخبر أي من مسؤولى الوزارة وتركونا فى حيرة وقلوبنا محروقة».
وأشارت إلى أنها قررت وأفراد أسرتها الذهاب إلى مستشفى الشرطة بمدينة نصر، وكانت المشكلة أن العاملين بالمستشفى نفوا تماماً استشهاد زوجها، بينما كانت عملية تشريح جثمانه تجرى للوقوف على أسباب الوفاة، «وعندما ألححت فى السؤال أكثر من مرة، أكدوا لى أنه مصاب بإصابات طفيفة من جراء انفجار عبوة ناسفة، وبعد مرور ساعات، قرابة صلاة العصر، عرفت باستشهاده، لكنهم منعونى من رؤية جثمانه وتقبيله قبل وضعه فى نعشه لتشييع جثمانه إلى مدافن العائلة بمدينة 6 أكتوبر».
وأكدت أنها تلقت صدمة ثانية بسبب إهمال الوزارة، حيث لم يحضر مندوب عن الوزارة لإبلاغنا بتشييع الجنازة من مسجد الشرطة بالعباسية، وجرت مراسم التشييع من مسجد السيدة نفيسة، وغابت عنها قيادات الوزارة والوزير.
وأضافت: «ما حدث ضاعف من حزننا على فراق زوجى الشهيد، وعندما توجه أبى بسؤال أحد الحاضرين بمديرية أمن القاهرة عن سبب عدم إقامة جنازة عسكرية أكد له أنها تحتاج إلى إجراءات تأمين كبيرة، وفى ذات الوقت كانت الصفحات الأولى بالجرائد القومية تعلوها مانشيتات بأخبار تشييع جنازة عسكرية بخلاف الحقيقة، والغريب أن أحداً من قيادات الوزارة لم يفكر فى تقديم العزاء لنا».
وتابعت: «كنت متأكدة من أن زوجى سيموت شهيداً، لأنه مخلص لعمله ولم يكن يأخذ راحته الأسبوعية بسبب الظروف التى تمر بها البلاد، من محاربة للإرهاب وعدم استقرار وضع الأمن، وكان يأتى المنزل خلال الساعات الأولى من الصباح يومياً، وينظر إلى نجليه وهما نائمان، كأنه يودعهما، والدموع كانت تملأ عينيه عندما يتلقى خبر استشهاد أحد زملائه».
وطالبت زوجة الشهيد بتنفيذ رئيس الجمهورية، عبدالفتاح السيسى، وعده بالقصاص العادل والسريع لدماء الشهداء من رجال الجيش والشرطة والمواطنين، وأكدت أنها تتمنى مقابلته ونجلاها، لتقديم شكواهم إليه، حيث لم تصرف وزارة الداخلية للشهيد معاشاً استثنائياً كبقية الشهداء.
كريم ومحمود، نجلا الشهيد، قالا إنهما حزينان على فراق والدهما الذى كان بمثابة كل شىء لهما فى الدنيا، ثم رفضا الحديث ودخلا فى نوبة بكاء، كانا يشاركان أصدقاءهما على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى لقطات فيديو استشهاد والدهما أثناء تفكيكه لعبوة ناسفة بمحيط قصر الاتحادية، وتساءلا: هل يستحق هذا المصير فى النهاية؟!.