في الخامس والعشرين من يونيو عام 1982، استضاف ملعب «المولينون» بمدينة خيخون الإسبانية واحدة من أسوأ المباريات سمعة في تاريخ كرة القدم، تلك التي فاز فيها المنتخب الألماني على نظيره النمساوي بهدف نظيف، في ختام لقاءات الدور الأول للمجموعة الثانية من مونديال إسبانيا.
أطلق على تلك المواجهة «مباراة العار»، والسبب أن فوز المنتخب الألماني بفارق هدف أو اثنين كان سيمنح الفريقين بطاقة التأهل عن المجموعة الثانية للبطولة، أما أي نتيجة أخرى فكانت ستؤهل أحدهما برفقة المنتخب الجزائري، الذي كان يترقب النتيجة وهو يملك نفس رصيد النمسا ويتقدمان على ألمانيا بنقطتين (وقتها كان الفائز يحصد نقطتين وليس ثلاثًا كما هو الحال الآن) بعد فوزه قبلها بيوم في أوبييدو على تشيلي «3-2».
خرجت الجزائر من البطولة وبدت المؤامرة واضحة للعيان، وهو ما دفع الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» منذ ذلك الحين إلى إقامة مباراتي الجولة الأخيرة في نفس التوقيت للحيلولة دون وقوع تلاعب جديد في المستقبل، لكن الغصة ظلت في حلق «الخضر» الذين شاهدوا حلمهم في بلوغ الدور الثاني بمشاركتهم المونديالية الأولى يتداعى بصورة ظالمة.
افتتحت الجزائر مبارياتها في البطولة على نفس الملعب بفوز تاريخي على ألمانيا، المتوجة أعوام 1954 و1974 و1990، بالفوز على نفس ملعب خيخون بهدفين لرابح ماجر ولخضر بلومي، مقابل هدف لكارل هاينز رومينيجه.
شارك «ثعالب الصحراء» مرتين أخريين في المونديال عامي 1986 و2010 دون توفيق كبير، حيث انتظر الفريق إلى نسخة البرازيل 2014 كي ينفض الغبار عن أفضل صورة له، وفي غياب للمؤامرة حقق حلما انتظر 32 عاما بالتأهل إلى دور الـ16، دون أن يعلم أن القدر سيقدم له فرصة الثأر واضعا في مواجهته خائنه القديم: منتخب المانشافت.
حطم فريق «الأفناك» في البرازيل العديد من التابوهات، حيث أنهى الغياب العربي عن الدور الثاني للمونديال على مدار عقدين، وسجل للمرة الأولى في تاريخ العرب وأفريقيا أربعة أهداف بنفس اللقاء، في الفوز على كوريا الجنوبية «4-2»، بعد خسارة لم تكن واجبة أمام بلجيكا «1-2»، قبل أن يقطع تذكرة التأهل بالتعادل بهدف أمام روسيا في الجولة الأخيرة.
احتلت الجزائر المركز الثاني في المجموعة الثامنة، لتجد في المواجهة ألمانيا المرشحة للقب وبطلة المجموعة السابعة بفوز كاسح على البرتغال بقيادة كريستيانو رونالدو برباعية نظيفة مع الرأفة، ثم تعادل بهدفين أمام غانا وفوز بهدف على الولايات المتحدة.
وفازت الجزائر على ألمانيا في المباراتين اللتين جمعتا المنتخبين حتى الآن، لكن مواجهة، الإثنين، من نوع آخر.
ستكون مباراة ملعب «بيرا ريو» في بورتو أليجري بين اثنين من أعلى مدربي البطولة خططيا، البوسني وحيد خليلودزيتش، مدرب الجزائر، والألماني يواخيم لوف، فيما ستتحول المواجهة في الملعب إلى صراع بين فريقين لا يتعبان يقود أحدهما سفيان فيغولي وإسلام سليماني «هداف الأفناك بهدفين» ورفيق حليش والحارس رايس مبولحي، والآخر توماس مولر «هداف المانشافت بأربعة أهداف» وفيليب لام وميروسلاف كلوزه، الساعي للانفراد بلقب الهداف الأول لبطولات كأس العالم.
ويعرف لوف ما ينتظره، حيث يؤكد: «إذا كان هناك من يصدق أو يعتقد، وأعتقد أن ذلك شعور عام بين الجماهير، أن الجزائر خصم سهل وأنه يمكننا البدء من الآن في التفكير بالمنافس التالي، فهو إذن يرتكب خطأ فادحا».
ويؤكد كلا الفريقين اللذين يلتقي المنتصر منهما مع الفائز من مباراة فرنسا ونيجيريا، أنه لا معنى للثأر بعد مرور 32 عاما، لكن بالتأكيد أجواء ملعب المولينون ستبقى حاضرة في بورتو أليجري.