صلح نهائي بين «الدابودية وبني هلال» بحضور محلب والطيب

كتب: أحمد يوسف, محمود ملا, وائل محمد الأحد 29-06-2014 16:52

يسدل الاثنين الستار على الخصومة الثأرية الأكثر دموية في تاريخ النوبة، والتى استمرت قرابة ثلاثة أشهر، عقب الأحداث التي شهدتها منطقة السيل الريفى بين أبناء دابود وبنى هلال مطلع إبريل الماضى، وأسفرت عن مقتل 26 شخصاً وعشرات المصابين، صاحبتها عمليات التمثيل وحرق الجثث، وتلاها حادث انتقامى منذ أيام انتهى بمقتل شخصين والتمثيل بجثتيهما، حيث دفع الحادث الأخير إلى التحرك السريع لوقف فورى لأعمال القتل المتبادل.

وتجري مراسم الصلح النهائية، الاثنين، بين الدابودية وبنى هلال في الصالة المغطاة بطريق السادات، وتقتصر المراسم على اعتذار الطرفين دون تقديم الكفن، ويحضرها المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، والإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، ومحمد إبراهيم وزير الداخلية، وعادل لبيب وزير التنمية المحلية، والدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، لإنهاء حالة الاحتقان بين القبيلتين وبدء صفحة جديدة في العلاقة بين الجانبين بعد إقرارهما التصالح الرسمى من ولاة الدم من كل جانب وكبار رموز العائلتين، وأخذ إقرار نهائى على الطرفين بالموافقة على الصلح، ووضع شروط جزائية كبيرة في حال إخلال أي طرف.

كان اللواء مصطفى يسري، محافظ أسوان، قد أعلن خلال مؤتمر صحفى السبت، وخلال الليلة الأولى من شهر رمضان المعظم بقاعة ديوان عام المحافظة، عن إتمام المصالحة النهائية بين أبناء دابود وبنى هلال، في حضور اللواء سعد زغلول، مساعد وزير الداخلية لمنطقة جنوب الصعيد، واللواء حسن السوهاجى، مدير أمن أسوان، والدكتور منصور كباش، المنسق العام للجنة المصالحة، وأعضاء اللجنة وممثلى قبيلتى دابود وبنى هلال، على أن تجرى المراسم الرسمية للصلح اليوم والتى ستقتصر على اعتذار الطرفين لكل منهما عما حدث.

وبدأ المؤتمر بالوقوف دقيقة حدادا وقراءة الفاتحة على أرواح الضحايا الذين سقطوا في الأحداث، واختتم المؤتمر بالدعاء من الشريف السيد الإدريسى رئيس رابطة الأشراف الأدارسة بالعالم العربى والإسلامى، المتحدث باسم لجنة المصالحة، لأبناء القبيلتين بأن يعم السلام والمحبة بينهما واستغلال المناسبة الطيبة بحلول شهر رمضان المعظم في صفاء النفوس.

وعقب انتهاء المؤتمر، شهدت القاعة فرحة عارمة، تبادل خلالها الطرفان الأحضان والقبلات، وسط صيحات التكبير والتهليل، وتعانق وتصافح القيادات وأولياء الدم من القبيلتين، وتبادلوا التهنئة مع محافظ أسوان ومدير الأمن والقيادات الأمنية لجهودها في إتمام المصالحة.

وأكد المحافظ في كلمته أن الاستجابة السريعة والمخلصة للتوقيع على الصلح عكست مدى الوعى والإحساس الوطنى الصادق بالمسؤولية، ليعطى القدوة والمثل للشباب وللأجيال القادمة، وتؤكد أن نبذ العصبية والقبلية والعنف هو السبيل الوحيد لنعيش جميعاً في مجتمع آمن لا يعرف التفرقة والفتن والخوف على حياة ومستقبل أبنائه.

وأضاف أن الطريق إلى المصالحة كان شاقاً وصعباً، لكنه بالتوحد والترابط والتماسك نستطيع عبور أي حوادث مهما كانت قسوتها وآلامها، خاصة عندما تتنافى هذه الأحداث مع قيمنا وتعاليمنا الدينية، وأيضاً تتعارض مع سمات وأخلاق أهلنا في أسوان الذين يشتهرون بالطيبة والبشاشة والصفاء في المعاملة.

وطالب المحافظ مصطفى يسرى، أبناء أسوان، بالاعتصام بحبل الله وعدم الالتفات للدعوات الخبيثة التي تستهدف الإضرار بسلامة واستقرار الجبهة الداخلية للوطن، لافتاً إلى أن ما حدث بعيد تماماً عن الصورة الحقيقية لنسيج هذا المجتمع الذي لم يعرف يوماً هذه السلوكيات الهدامة.

وشدد المحافظ على أن الدولة لن تسمح بتكرارها مرة أخرى، خاصة أن القانون سيأخذ مجراه تجاه كل من ارتكب جريمة أو خطأ في حق نفسه ومجتمعه وأهله، لأن العدل هو أساس الملك والحصن المنيع الذي سيكفل الحقوق للجميع. ووجه المحافظ الشكر لرئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، وفضيلة الأمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، ووزراء التنمية المحلية والداخلية والأوقاف، ومديرية أمن أسوان والقوات المسلحة لمتابعتهم المستمرة لجهود المصالحة منذ بدء الاشتباكات ودعمهم لاحتواء تداعياتها.

من جانبه، قال الدكتور منصور كباش، رئيس لجنة المصالحة، إنه على الرغم من قسوة الأحداث التي وقعت إلا أنها كانت سبباً في أن جمعت القبائل والدولة بكل أجهزتها مع بعضها البعض.

وأشار «كباش» إلى أن الصلح نهائى وبات، وأقره الأطراف وأولياء الدم بكامل أهليتهم وبحضور اللجنة المشتركة من العائلتين، على أن يتبادل أبناء الدابودية وبنى هلال الاعتذار لأولياء الدم في كل منهما، مع إقرارهما بشروط الصلح، ومنها التزام أي طرف يخرق هذه الشروط العرفية بغرامة مالية وأدبية.

ولفت إلى أن نفس هذا الالتزام ينطبق على أي حالات إساءة من أفراد القبيلتين بعضهما البعض، أو في حالة الاعتداء على عقار أو ملكية خاصة بهما، وفى حالة نشوب أي خلاف من أحد الطرفين تلتزم اللجنة المشكلة من كل طرف بالتواصل وإبداء المساعدة لسرعة حل الأزمة أو اللجوء للجنة العامة للمصالحة لاتخاذ ما يلزم.

وأوضح «كباش» أن محضر الصلح شمل أيضاً التزام الطرفين بعدم إثارة أي صراع جماعى بينهما، وفى حالة عدم الالتزام سيتم توقيع غرامة مالية قدرها مليون جنيه، تلتزم القبيلة بدفعها بالكامل، مع الالتزام القانونى وتحمل تبعات أي تصرف غير مسؤول.

وأعلن أحمد عبدالصمد، ممثلا عن قبيلة بنى هلال خلال المؤتمر، عن قبول بنى هلال أي شروط تطلبها عائلة قتيل قرية الكوبانية، مشيراً إلى أن بنى هلال تقر وتقبل أي تراضٍ تراه قبيلة الكوبانية.