متى ينام إبراهيم محلب؟

فاطمة ناعوت الأحد 29-06-2014 21:35

هذا رجلٌ لا ينام. ما بين مكتبه بمجلس الوزراء مع شعاع الشمس الأول، واجتماعاته مع رجال الحكومة، وبين جولاته الميدانية ليعاين بنفسه مشاكل المواطنين التى أورثتها حكوماتُ سابقةٌ وعهود، وعقود، أغرقت مصرَ فى لُجّة التسيّب والفوضى، حتى جاءها رجلٌ نشط قرّر أن يُصلح ما أفسده السابقون. لا ينتظرُ التقاريرَ فى مكتبه المكيّف، بل يجول بنفسه ليعيش معاناة المواطن اليومية، فكان قدوة طيبة لمرؤوسيه الوزراء، فبدأوا يومهم، مثله، فى السابعة صباحًا وركبوا المترو مع المواطنين وتفقّدوا الأسواق والطرقات.

لا أصدق أن نبوءتى، أو بالأحرى رجائى من الله، يتحقق بهذه السرعة! بتاريخيْ: ١٣ مارس، ٢٠ مارس ٢٠١٤، كتبت بجريدة «الوطن» مقالين عنوانهما على الترتيب: «أمّى وأحمد رشدى»، «نحتاج ألفَ أحمد رشدى»، تذكّرت فيهما (بحسرة) وزيرَ الداخلية اللواء «أحمد رشدى» الذى كاد يُعيد للشارع المصرى انضباطه، لولا أن أُطيح به بعد سنوات ثلاث، أصلح خلالها ما تكرّس فى عقدين من فوضى. وكنتُ أصلّى لله أن يهبنا مثل ذلك العظيم الذى أحبّ مصرَ فأحبه المصريون، لأنه قدّم نموذجًا للمسؤول الشريف. وبعد شهرين استجاب الله دعائى ومنحنا هذا المثقف الوطنى، الذى يترأس حكومتنا الراهنة.

رفعتُ إليه الأسبوع الماضى مظلمة سكّان مشروع «بيڤرلى هيلز» بالشيخ زايد، ضدّ شركة سوديك المالكة حيث لم تلتزم بالعقود التى أبرمتها معهم منذ ١٦ عامًا، فشيدت الجامعَ، واستولت على الأرض المنذورة للكنيسة! فاتصل رئيس الوزراء فورًا بـ«سوديك» وطالبها بتنفيذ بنود العقد الذى سوّقت به عقاراتها. ثم هاتفنى وقال إن الحق عائدٌ لأهله ولم تعد لتلك الممارسات العنصرية مكانٌ فى مصر الجديدة بعد ثورتين هائلتين ضد الفساد والظلام.

وكان للرجل المحترم سابقةٌ مشرّفة مماثلة، فى فترة توليه وزارة الإسكان، حين استولت الدولةُ على أرض مخصصة لكنيسة بحى التجمع، فأمر بأرض بديلة فورًا، ليشعر أقباطُ مصر المسيحيون، لأول مرة، أنهم فى دولة بدأت ترعى حقوقهم التى ظلّت فى مهبّ الأهواء والنزعات العنصرية عقودًا طوالا.

الجمعة الماضية، اتصلت بمكتب المهندس محلب فى الثامنة مساء، لأسأل السكرتارية عما تمّ فى قضية بيڤرلى هيلز، وهالنى أن رد بنفسه، دون سويتش، ولا بطانة ولا حاشية تعزله عن المواطنين. وطمأننى أن الأمور ستعود لنصابها فى أقرب وقت. نسيتُ ان أسأله: «تخرج من بيتك فى السادسة صباحًا، وتعود بعد منتصف الليل حتى أيام الجمعة، فمتى ترى أسرتك، ومتى تنام؟».

مهندس إبراهيم محلب، شكرًا لك. أخيرًا أثق أن غدّا مشرقًا تدخله مصرُ التى وضعت قدمها على طريق التحضّر، أخيرًا.

Twitter: @FatimaNaoot