كينيا تستبعد نشوب حرب مياه ..وترفع شعار: «المفاوضات هى الحل»

الإثنين 07-06-2010 00:00

رغم تعمدها استباق محادثات القاهرة التى أجريت الشهر الماضى بين رئيس الوزراء الكينى والرئيس حسنى مبارك، بالتوقيع على الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل، تؤكد كينيا على كل المستويات السياسية أن المبادرة الجديدة لن تؤثر سلبا على مستقبل علاقاتها مع مصر والسودان. ويعتبر رئيس لجنة الدفاع والعلاقات الخارجية فى البرلمان الكينى «إدان كينان» أن أى معاهدة متعددة الأطراف من هذا القبيل «ستكون مفيدة ولصالح الجميع».

ويقول: «العلاقات الدولية ينبغى أن تكون مفيدة لجميع أطرافها، لكن الاتفاقات السابقة لحوض النيل التى تم التوقيع عليها فى الحقبة الاستعمارية كانت تصب لصالح بلد واحد فقط كان يملك حق الفيتو، لذا فإن الاتفاق المطروح للتوقيع حاليا أفضل لأن جميع الدول ستستفيد منه».

وفى الوقت الذى مازالت فيه مواقف دول المنبع والمصب متباعدة، استبعد كينان إمكانية نشوب أى صراع مسلح بشأن مياه النيل فى القريب، قائلا «كم دولة تستطيع أن تحاربها مصر؟ من المستحيل أن تحارب مصر 5 دول فى العالم المتحضر، ومصر تدرك ذلك وهذا هو السبب فى إطلاقها حملة دبلوماسية عدائية».

وسعى كينان – فى حديثه إلى «المصرى اليوم» – إلى طمأنة الجانب المصرى على مستقبل الأمن المائى أثناء وبعد توقيع الاتفاق، مؤكدا أنه يتفهم حاجة مصر إلى المزيد من الحماية من مياه نهر النيل لأنها «بلد صحراوى»، إلا أنه شدد على ضرورة وجود «نقطة التقاء فى مجال حماية البيئة والأمن الإقليمى لتجنب تفاقم النزاع».

والملاحظ فى إدارة الحكومة الكينية لأزمة المياه هو تصدر وزارة المياه لواجهة المشهد فيما يتعلق بالجوانب الفنية لتفاصيل الاتفاق، مقابل غياب أى دور سياسى لوزارة الخارجية الكينية.

ورفض مساعد الوزير للشؤون الخارجية «ريتشارد أنيونكا» الإجابة على سؤال «المصرى اليوم» بشأن رؤية الدبلوماسية الكينية لمستقبل العلاقات مع دولتى المصب، مصر والسودان، مكتفيا بالقول: «هذه مسائل ذات حساسية دبلوماسية ومن الأفضل أن يجيب عليها وزير الخارجية موسيس ويتانجولا بنفسه». ولاحظت الأوساط الإعلامية المحلية تعمد ويتانجولا التزام الصمت حيال الأزمة منذ اندلاعها أوائل هذا العام، وامتناعه عن التعليق عليها أمام وسائل الإعلام.

أما «أوديامبو ماكولو»، الخبير القانونى المتخصص فى قضايا البيئة، فرأى أن حل الأزمة يتمثل فى قبول مصر والسودان للاتفاقية مع التحفظ على النقاط المختلف عليها بحيث لا تكون ملزمة لهما، لحين إجراء مزيد من المفاوضات حولها إلى أن تتوافق جميع البلدان على كيفية حل الخلاف.

وقال إن الخلاف الرئيسى فى الاتفاق – الذى لم يعد ينقصه سوى توقيعان ليدخل حيز التنفيذ – حول المادة 14 (ب)، التى تريد مصر أن تنص على الحقوق والاستخدامات التاريخية من مياه النيل. لكن البلدان الأخرى ترى أن هذا التعديل هو ما يحول بينهم وبين استخدامهم لمياه النيل، ولذلك يجب النظر فى الحقوق المصرية فى سياق حقوق البلدان الأخرى.

وفى مقابلة مع «موانجى كينجيرى»، مساعد وزيرة الموارد المائية الكينية، الذى مثل البلاد فى معظم مفاوضات حوض النيل، بما فى ذلك اجتماع عقد قبل شهرين فى مدينة شرم الشيخ، قال إن كينيا تنتهج سياسة حث مصر والسودان للتوقيع على المعاهدة قبل نهاية العام الجارى.

وفى الوقت نفسه، تعمل الحكومة الكينية بدأب لتقريب وجهات نظرها مع الجهات المانحة من الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة بشأن الاتفاق الإطارى لحوض النيل الجديد. وقال كينجيرى: «سألونا إذا كنا نهدف إلى التوقيع على المعاهدة لكنهم لم يضغطوا علينا حتى لا نقوم بالتوقيع».

وبينما بدا كينجيرى متفائلا فلم يتوقع أن تتفاقم الأزمة بين الجانبين، حتى إذا لم توقع كل من مصر والسودان على الاتفاق، تحدث عن تطلع الحكومة الكينية للبدء فى مشاريع للرى على الأنهار التى تصب فى بحيرة فيكتوريا.

وكانت وزير الموارد المائية «تشاريتى نجيلو» قد أكدت أن الاتفاق الجديد سيساعد الحكومة فى التقدم بطلب للحصول على تمويل من الجهات المانحة الأجنبية، إذا وافقت «لجنة حوض النيل»، التى سيتم تشكيلها بمقتضى الاتفاق الإطارى. لكن الوزيرة لم تذكر متى ستبدأ الحكومة فى تلك المشاريع. ووفقا لرئيس قسم القانون العام والدولى فى جامعة نيروبى، الخبير فى العلاقات الدولية الدكتور كينديكى كيثور، فإن المفاوضات هى السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة.

ورغم استبعاده احتمالية نشوب نزاع مسلح بين دول المنبع السبع فى مواجهة مصر والسودان حال عدم توقيعهما، إلا أنه استدرك «الصراعات بشأن المياه واردة داخل الدول أكثر منها على المستوى الدولى، لأن هناك مصالح مشتركة على الصعيد الدولى تربط بين الدول مثل المصالح التجارية والاجتماعية والثقافية التى تمنع نشوب الصراعات حتى مع نشوب خلاف حول الموارد».