قال الرئيس عبدالفتاح السيسي، إن مصر شعرت بالألم عندما تم تعليق عضويتها في الاتحاد الأفريقي، لكنها لم تتوقف عن انشغالها بهموم ومصالح القارة السمراء، موضحاً أن مصر لا يمكن أن تنفصل عن وجودها وواقعها الأفريقى.
وأضاف السيسي في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للقمة الأفريقية، الخميس، أنه يثق بأن القادة الأفارقة أصبحوا يدركون أن «30 يونيو» كانت ثورة شعبية مكتملة الأركان، متعهداً بأن تواصل مصر بذل أقصى الجهد بالتعاون مع الأشقاء الأفارقة للعمل على تسوية النزاعات ودعم كافة مجالات التنمية.
وتابع: الإخوة والأخوات رؤساء الدول والحكومات إنه لمن دواعى الفخر أن أكون بينكم اليوم، ممثلاً لشعب مصر الذي طالما يعتز بانتمائه لقارته الأفريقية، والذى عهدتموه دوماً رفيقاً للنضال والعمل الأفريقى المشترك، فانتماء مصر لأفريقيا ليس فقط لاعتبارات التاريخ والجغرافيا، بل هو ارتباط جذور وهوية وعلاقات مستقبل ومصير، وملحمة مشرفة من النضال المشترك دشنها الآباء المؤسسون عبدالناصر ونكروما وسيكوتورى وبن بيلا وهيلا سلاسى، وقائمة طويلة من القادة العظام وصولاً لمانديلا في سبيل تحرر شعوب القارة ورفعة شأنها بين الأمم، واستناداً إلى رؤية طامحة لأفريقيا والعالم تقوم على قيم العدالة واحترام كرامة الإنسان.
وقال السيسي: «تعود مصر إليكم اليوم ولديها ما يحكى عنها بكل فخر واعتزاز، وكلها ثقة في أن ما مرت به من صعاب وما حققه شعبها من إنجازات هو رصيد مشترك لشعوبنا جميعاً، كما أنها على وعى تام بأنه كما التحرر والاستقلال ملحمة بطولية مشتركة خاضتها أفريقيا منذ عقود، فإن ثورة الشعب المصرى في 25 يناير و30 يونيو كانت من أجل أهداف تمثل تطلعات مشتركة لشعوبنا نحو التنمية والديمقراطية والعدالة والكرامة الإنسانية، وهى القيم التي عبر عنها دستور مصر الذي تم إقراره في بداية العام الجارى».
وأضاف: «مصر وإن غابت لبعض الوقت عن المشاركة في أنشطة الاتحاد الأفريقى فإنها لن تتوقف يوماً عن الانشغال بهموم وقضايا قارتها، فمصر لا يمكن أن تنفصل عن وجودها وواقعها الأفريقى، مصر التي ساهمت في تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية عام 1963 ولم تبخل يوماً بعقول أبنائها أو بقوة سواعدهم لبناء الكوادر والقدرات الأفريقية، إلا أنه لا يخفى عليكم أن شعب بلادى قد تألم حينما رأى الاتحاد الأفريقى يتخذ موقفاً مغايراً لإرادته حينما رأى إخوته الأفارقة لا يبادلونه التضامن والمساندة والتأييد، والآن وبعد أن تابعتم بلورة استحقاقات خارطة مستقبل الشعب المصرى، وتحديداً إقرار الدستور المصرى وإنجاز الانتخابات الرئاسية، فإننى على ثقة بأن كافة الإخوة الأفارقة باتوا يدركون أن 30 يونيو كانت ثورة شعبية كاملة مكتملة الأركان، انحازت فيها القوات المسلحة المصرية لإرادة الشعب وليس العكس، وإننا لسعداء أن نشهد بدء الاتحاد عملية مراجعة وتطوير لنصوصه ذات الصلة بما يضمن مساندتنا لإرادة شعوبنا».
وتابع: «إن ثورة 30 يونيو تضافرت فيها جهود جميع المصريين بحق لتجنيب البلاد حرباً أهلية، والحيلولة دون انجرافها نحو مصير مجهول، انساقت إليه للأسف بعض دول المنطقة، وتدفع شعوبها اليوم الثمن فادحاً على مرأى ومسمع من الجميع، وفى مقدمتها دول القارة الأفريقية التي يجاور بعضها هذه الدول ويشارك شعوبها مأساتها. لقد نجح الشعب المصرى العظيم في تجنب مثل هذا المصير بتوحده والتفافه حول هدف واحد متمثل في خارطة مستقبله، تحقيقاً لآماله وتطلعاته في مستقبل أفضل».
وأكد في كلمته أن نجاح دول القارة في تحقيق معدلات نمو تجاوزت إجمالاً متوسط النمو العالمى خلال السنوات الأخيرة، رغم الأزمات الاقتصادية والمالية، هو أبلغ دليل على ثراء المجتمعات الأفريقية بالموارد الاقتصادية والبشرية، موضحاً أنه في نفس الوقت تشهد المبادلات الاقتصادية العالمية مع أفريقيا اختلالات لابد من العمل على إصلاحها، خاصة أن صادرات القارة من المواد الأولية بلغت سنة 2012 قرابة 80% من إجمالى صادراتها، وهو أمر يتطلب تعزيز الجهود الوطنية والقارية لدعم وتطوير الصناعة، ونقل وتوطين التكنولوجيا والاهتمام اللازم ببرامج التعليم المهنى.
وقال السيسي: «تمثل التنمية الزراعية والأمن الغذائى تحديات مهمة لطالما واجهت بلداننا، ومن هنا فإن اختيار هذا الموضوع ليكون محوراً لقمتنا إنما يعبر عن وعينا بأهمية تعزيز الاستثمارات في هذا القطاع الحيوى، الذي يمثل مصدراً لنصف الدخل القومى في أفريقيا، ويستوعب أكثر من 70% من قوة العمل على مستوى القارة».
وأضاف: «مصر ستواصل دورها وعطاءها الأفريقى بما يعزز ويدعم التعاون بين أبناء القارة الواحدة، فكما كانت سباقة لإنشاء الصندوق المصرى للتعاون الفنى مع أفريقيا منذ ثمانينيات القرن الماضى، عملت على مدار العام الأخير، ورغم ما واجهته من صعاب تعلمونها جيداً، على إنشاء الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية التي ستبدأ أنشطتها في الأول من يوليو المقبل».