رئيس هيئة المساحة الأسبق: إسرائيل لم تستول على غاز البحر المتوسط (حوار)

كتب: رانيا بدوي الجمعة 27-06-2014 07:39

قال الدكتور أحمد عبدالحليم، رئيس هيئة المساحة الأسبق، إن أزمة الطاقة، هي الأكبر بالنسبة للاقتصاد القومي، والأخطر على مستقبل الشعب، مشيرا إلى أن مصر ليس لها الحق فى حقول الغاز الطبيعى بالبحر المتوسط، وأن إسرائيل لم تستول عليها.

وأوضح «عبدالحليم»، في حوار لـ«المصري اليوم» أنه القول بأن حقل الغاز بالبحر المتوسط ملك لمصر مناف للحقيقة، وهو أمل زائف، غرضه سياسي، والذين يعشمون الشعب يلعبون لمصلحة تركيا، لأنها المستفيد من المطالبة بإعادة ترسيم الحدود.. وإلى نص الحوار:

■ مازالت اتفاقيات التنقيب عن التعدين فى مصر تنطوى على خلل شديد، إما لأنها توقع غبنا على المصريين، أو لأنها مُجحفة على المستثمر ما يؤدى إلى هروبه؟

- توليت منصب رئيس هيئة المساحة الجيولوجية، فى عهد عبدالهادى قنديل، وزير البترول الأسبق، بعد نقل هيئة المساحة الجيولوجية لتبعية وزارة البترول، بدلا من الصناعة،

واهتم قنديل بالهيئة، وأصدر تعليمات بإعداد اتفاقيات خاصة بالتنقيب فى مجال الثروة المعدنية، على أن تشبه اتفاقيات التنقيب عن البترول، وأبرم أول اتفاقية، فى مجال التنقيب عن الذهب، وهى اتفاقية «مينكس» عام 1986، وجرى صياغتها على غرار اتفاقيات التنقيب عن البترول، إلا أنها فشلت، لأن اتفاقية الذهب لا يصح، ولا يجب أن تكون مثل اتفاقية البترول.

لذا اتخذ قرارا بعدها بالعودة إلى نظام «الإتاوة»، وهو نظام معمول به فى مجال التنقيب، ويعنى الحصول على «إتاوة»، من المنبع من أول إنتاج، وجرى تطبيقها فى التنقيب عن الكبريت والبوتاش (أحد المخصبات)، وبعد تحصيل الإتاوة تسترد الشركة كامل أموالها من الإنتاج، وتسترد ما أنفقته كاملا، ثم تبدأ فى تحقيق أرباح، وفى هذه الحالة تقتسم الشركة الربح مع الحكومة، وعندما تولى حمدى البمبى الوزارة، نقل الثروة المعدنية إلى وزارة الصناعة، ونفذت الوزارة ما كنا نقوم به فى وزارة البترول، وتم إعداد اتفاقيات، على نفس النهج؛ منها اتفاقيات «ذهب سنتامين، أو الفرعونية»؛ وهى الشريك الأجنبى مع الجانب الآخر، شركة إمرا للثروة المعدنية، وأنشأ الشريكين اتفاقية تجارية، تم بموجبها تأسيس شركة «السكرى».

■ تحدثت عن تطبيق نظام الإتاوة فى منجم السكرى، وقدرها 3%، يراها البعض نسبة هزيلة؟

- معك حق، لكن هذا ليس خطأ المستثمر، إنما خطأ الجهة الإدارية المسؤولة، وخطأ الحكومة، التى تعاقدت وأقرت هذه النسبة، ما أحدث بلبلة بشأن هذا المنجم، وقام ورفع وقتها المهندس حمدى الفخرانى عضو مجلس الشعب السابق قضية لفسخ التعاقد، وأغلق المنجم 3 أشهر، حتى قضت المحكمة الإدارية العليا، بسلامة موقف الشركة، وأن الخطأ يقع على الحكومة، وكنت أرى أن الإتاوة العادلة للطرفين كان يجب أن تكون 10 %.

■ 10 طن من الذهب تقريبا تستخرج كل عام ومازالت الشركة لم تسترد نفقاتها حتى الآن لماذا، رغم تأكيد الأوراق أن الشركة كان يجب أن تحصل على كامل إنفاقها، خلال يونيو الجارى.. فلماذا لم تقاسم الدولة الشركة فى الأرباح؟

- الشركة مرتبطة بسعر الذهب كل عام.. وكان السعر العام الماضى، ما بين 1600 إلى 1800 دولار للوقية، أما العام الجارى؛ فالسعر ما بين 1200 إلى 1300 دولار للوقية.. ووفق التعاقد كان يفترض استرداد الشركة كامل الإنفاق، ثم يبدأ اقتسام الأرباح مع الحكومة، قبل يونيو 2014، لكنهم كتبوا فى تقريرهم السنوى أن اقتسام الأرباح سيكون قبل يونيو 2015، نظرا لانخفاض سعر الذهب.

■ وما الذى يضمن صحة تقرير الشركة؟

طالبت بضرورة إنشاء إدارة مركزية لمتابعة الرقابة على الشركات الأجنبية، والمشتركة ولمعرفة.. هل نفذ الشريك البرنامج بالكامل أم لا؟ و ما تكلفه التنفيذ؟ ومدى دقة مراجعة الفواتير؟ وهل اتبع الشريك لائحة المشتريات المعتمدة من الجمعية العمومية أم لا؟.. وللأسف هذه الإدارة لم يتم إنشاؤها بعد.

■ إذن كيف تدار الأمور ومن المسؤول عن المتابعة؟

- هناك كشوف استرداد، تعد كل شهر وترسل للإدارة المختصة فى الهيئة.. ويراجعها عدد من الموظفين.

■ هل هم مؤهلون للمهمة؟

- المشكلة أنه لا يوجد شخص فاهم شىء، و كل موظف يجتهد حسب إمكانياته، إضافه إلى وجود مصالح شخصية تحكم بعض الأفراد.

وقد حضرت أحد الاجتماعات، باعتبارى عضوا فى مجلس إدارة الثروة المعدنية، وكنا نناقش موضوع حجز على شحنة ذهب كانت معدة للتصدير.. وعندما سألت من أرسل إلى الجمارك بالحجز على الشحنة فى المطار، لم يجبنى أحد، والغريب أن فى نظم الإدارة الحكومية، هناك شخص يتخذ القرار، وعندما تحاولين الوصول إليه لا تستطيعى.. فتكتشفى أنه لا أحد يعرف شيئا، وأن النظام العشوائى هو الغالب فى الإدارة، وأن البيروقراطية هى التى تتحكم فى كل شىء .. لتكتشفى أن قلة خبرة وكفاءة الموظفين تجعل خللا فى الرقابة والمتابعة .

وعندما سألت كبير المديرين عن سبب الحجز على الشحنة، وقلت له إن هذا إجراء خاطئ، وأنه يفترض عند نشوب أى خلاف مع الشريك، اللجوء للتحكيم وليس وقف تصدير شحنات الذهب، وفوجئت أن المدير لا يعرف أن هناك بند تحكيم فى الاتفاقية.. الخلاصة أنه يوجد إهمال جسيم ومصالح شخصية تفوح من الاتفاقية، لدرجة أن نص الاتفاقية باللغة العربية مختلف عن النص باللغة الإنجليزية، وهذه كارثة.

■ ما حقيقة ما تردد بِشأن سطو إسرائيل على حقوقنا فى الغاز الطبيعى فى مياه البحر المتوسط؟

هذا لم يحدث، والحقول التى تنقب فيها إسرئيل عن الغاز الطبيعى فى «المتوسط»، ليس لنا حقوق فيها؛ لأنها حقول تقع ضمن حدودهم ومياههم الاقتصادية.

■ لكن المسؤولين بوزارة البترول يؤكدون وجود خطأ فى ترسيم الحدود؟

- الحديث عن الحدود يجب أن يكون من خلال الخرائط، ووفق الخرائط، التى ساهمت فى رسمها ليس لدينا حدود بحرية مشتركة مع إسرائيل، وحدودنا مع جزء من فلسطين، المتمثلة فى غزة، وإسرائيل كدولة محتلة لفلسطين مسؤولة عن الحقوق الاقتصادية للدولة التى تحتلها، لذا أرى أن اسرائيل تغتصب حقوق غزة فى الغاز الطبيعى وليس مصر.

■ وماذا عن حقول البترول التى يتحدثون عنها «تمار ولفيتان» فى إسرائيل، وحقل أفردويت فى قبرص؟

- الخرائط ترسم بالملليمتر.. وما أشار اليه أحد المسؤولين، أن إسرائيل حصلت على 200 تريليون قدم مكعب من الغاز، هى فى الأساس ضمن حقول مملوكة لمصر، كلام خاطئ جملة وتفصيلا.

■ ماذا عما ذكرته وزارة البترول، بشأن حيازتها خرائط ومستندات تثبت أن هذا الترسيم لا يتوافق مع ما لديها من مستندات؟

- هذا كلام غير صحيح، وما يروج له كل من، رمضان أبوالعلا، ونائل الشافعى، والأخير مغترب مصرى مقيم فى ولاية نيوجرسى، وخالد عبدالقادر عودة، من قيادات الإخوان، كلام لا أساس له من الصحة، وكذلك كلام وزارة البترول، ليس له أساس من الصحة.

وهناك ثوابت فى ترسيم الحدود الاقتصادية، وتحكمها اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، التى تحدد المياه الإقليمية، ثم المياه المتاخمة حتى ٢٠٠ ميل بحرى للمياه الاقتصادية، إذا لم يكن أمامك جار، أما فى حالتنا مع قبرص، ولأن المسافة بين البلدين أقل من ٤٠٠ ميل بحرى، رسمنا فى ٢٠٠٤«خط منتصف»، بين أقرب نقطتين من شاطئ البلدين، على أن تكون كل نقطة على طول امتداده متساوية الأبعاد، من أقرب نقطة على خطوط الشاطئ لكلا الطرفين، والشاطئان محددان وفقاً لنقاط ترسيم الشواطئ فى القانون الدولى، أى أنه ليس هناك مجال للعبث فى الأرقام.

وانتهاء الشاطئ المصرى بموجب القرار الجمهورى رقم ٢٧ فى ٩ يناير ١٩٩٠، المودع فى الأمم المتحدة، يقف عند النقطة ٥٣، نقطة البداية فى الحدود مع غزة.

وبالتالى اتفاقية الترسيم مع قبرص، بدأت من النقطة ٥٣ فى رفح، وامتدت فى خط عمودى حتى خط المنتصف مع قبرص، ليلتقى عند النقطة ٨، وهى نقطة التقاء حدود مصر وقبرص وإسرائيل، وجميع مزايدات البحث والاستكشاف، التى طُرحت من قِبَل الثلاث دول احترمت خطوط الترسيم، ورغم أنه لا يوجد اتفاق بين مصر وإسرائيل، إلا أنه عند ترسيم إسرائيل حدودها مع قبرص فى ٢٠١١ انتهى خط المنتصف بينهما عند النقطة ٨، لكنها سُجلت باسم النقطة ١٢، التى تحمل نفس الإحداثيات، لذا ما يردده هؤلاء، يريدون به طمس الحقائق وتزيفها و إثاره المشاعر.

■ وما الدافع وراء ذلك.. فى النهاية هم يريدون مصالح مصر، وإثبات حقها فى الغاز؟

- هذا هو الظاهر.. لكن الباطن عملية تخريب ممنهجة، تهدف لإعادة ترسيم الحدود، التى هى ليست لمصلحة مصر، إنما لمصلحة تركيا.

■ لماذا ؟

- لأن تركيا من مصلحتها إعادة ترسيم الحدود، بالتالى سيدخل ضمن نطاق حدودها حقول الغاز المملوكة لبعض الجزر القريبة منها؛ خاصة أن تركيا غير معترفة بحقوق هذه الجزر فى المياه الاقتصادية؛ ومنها جزيرة قبرص، بل ولم توقع على القانون الخاص بالأمم المتحدة عام 1928.. لذا هى المستفيد الأول من إعادة الترسيم.. واسمحى لى أن أوضح للقارئ بعض الأمور والثوابت، وهى أن كل دولة لديها حقوق اقتصادية تمتد إلى 200 ميل بحرى، بعد الشاطئ الخاص بها، إلا إذا كان هناك دولة مقابلة لها أو جزيرة تمنعها من التمتع بهذه المساحة، وهذا ما حدث مع تركيا، فأمامها عدد من الجزر اليونانية، منها جزيرة كاستلو ريزو، وعدد سكانها 240 نسمة، ومساحتها 14 كيلو مترا مربع، وتبعد 140 كيلو مترا عن تركيا، وجزيرة قبرص، بالتالى لن تجدى لتركيا أى حقوق فى المياه الاقتصادية، لذا تحاول عن طريق رجالها فى مصر إثارة الموضوع لدفع المسؤولين للمطالبة بإعادة الترسيم لعل وعسى تحصل مصر على حقول غاز، فتكون النتيجة كارثية، لأن طلب مصر لإعادة الترسيم يعنى سحب اعترافها بالقانون الدولى والاتفاقية الدولية، الموقع عليها عدد كبير من دول العالم وبالتالى إلغاء الترسيم القديم.

■ إذن البديل هو استيراد الغاز.. وهو حل صعب أيضا لزيادة الاحتياجات وقلة الموارد؟

- نعم.. لكن هناك حلول أخرى يمكن اللجوء إليها مستقبليا، لتوفير الطاقة، فلا يمكن الاعتماد، طوال الوقت، على مصادر الطاقة غير المتجددة، ولابد من الاتجاه للطاقة الشمسية والرياح وغيرها، وأرى ضرورة الاعتماد على الفحم ضمن الموارد؛ لأنه أرخص وطاقته الحرارية عالية.

■ وماذا عن الأضرار البيئية؟

- «لما ننضف الشوارع الأول من الزبالة، نتكلم عن أضرار البيئة» هناك أولويات.. أمريكا لم تبدأ الحديث عن أضرار الفحم إلا بعد أن حققت التطور التكنولوجى والاستقرار الاقتصادى.. نحن فى أزمة حقيقية.. مصانع مغلقة وعمالة مشردة، بسبب نقص الطاقة، وأنتم تتحدثون عن البيئة.. هناك إجراءات سلامة، من الممكن إجبار المصانع على اتباعها لحماية البيئة.. لذا أرفض الحملة التى يشنها البعض على استخدام الفحم.

■ وهل توافق على استيراد مصر للغاز من إسرائيل؟

أعتقد أن شراء الغاز من إسرائيل سيكون أرخص من أى غاز آخر، ليس فقط لقرب المسافة، إنما لوجود تجهيزات نقل سابقة؛ فيوجد أنابيب نقل للغاز، منذ كنا نصدر الغاز إلى إسرائيل، عن طريق خط السلام، الذى توقف الآن.

■ متى تكون إسرائيل جاهزة لتصدير الغاز؟

- هم جاهزون الآن.

■ هناك من يردد أن إسرائيل لن تستطيع الحصول من تلك الحقول على غاز قبل 12 سنة؟

- غير صحيح، وهذه الحقول جاهزة من الآن؛ منها حقل تمار، وأفروديت، وقد وقعت الأردن على اتفاقية استيراد غاز من إسرائيل، بسعر 6.5 دولار، لكل مليون وحدة حرارية، إضافة إلى معادلة سعرية تبلغ نحو 2.5 دولار أخرى.

■ هل ستحصل مصر على الغاز الإسرائيلى بالسعر نفسه؟

نعم سنحصل عليه، بما يعادل 9 دولارات، وهو سعر عادل، مقارنة بالسعر العالمى.. لأن السعر يحدد وفق السعر العالمى؛ فعندما كنا نصدر الغاز إلى إسرائيل، كان سعر برنت من 18 إلى 20 دولارا، لذا كنا نصدره بـ3 دولارات، والآن سعر برنت أكثر من 100 دولار، ويجب الأخذ فى الاعتبار النسبة والتناسب.

■ وماذا لو استوردنا الغاز من دولة أخرى غير إسرائيل؟

- فى هذه الحالة سأضطر إلى استيراده فى صوره سائلة.. ومصر ليس لديها مصانع تحول الغاز، من صورته السائلة إلى صورته الغازية، لذا أرى أن استيراده من إسرائيل أرخص لوجود أنابيب النقل، وهى أرخص وسائل النقل، وإن كانت الحكومة تتعاقد الآن على سفينة فى ميناء السويس مجهزة بتكنولوجيا تحويل الغاز، لضخه فى الشبكة القومية، إلا أن التكلفة ستكون مرتفعة للغاية.

■ وهل ستوافق إسرائيل على تصدير الغاز لمصر؟

- إسرائيل دولة يحكمها قانون، وقد حصلت الحكومة الإسرائيلية على موافقة الكنيست بتصدير40% من الغاز المكتشف فى هذه الحقول؛ فالغاز المكتشف يكفى احتياجات إسرائيل ويزيد، لذا يفكرون فى تصدير الفائض إلى مصر وتركيا، وهما سيكونان أكبر مستهلكين للغاز فى المستقبل.

بنفس منطق مبارك فى تصدير الغاز لإسرائيل والذى كان قائما على ربط مصالح إسرائيل بمصر، وإذا ما أخلت إسرائيل بالاتفاقيات «أغلقنا عنها محبس الغاز»..

■ ألا تعتقد أن إسرائيل بعد أن تتحول إلى المُصدر الرئيسى للغاز لمصر، يمكن أن تتحكم فى مصالحنا، وتغلق المحبس فى أى لحظة؟

- إسرائيل يهمها أن تكون مصر قريبة منها سياسيا وأمنيا، ولديها مصلحة اقتصادية فى التصدير لمن هو أقرب جغرافيا.. وقد بدأت المفاوضات مع إسرائيل بهذا الشأن، من خلال شركة إسبانية لديها مصنع فى العريش.

■ لكن الحكومة تنفى نيتها استيراد الغاز من إسرائيل؟

- مصلحة مصر هى استيراد الغاز من المنطقة القريبة، وبالتالى تكلفته وسعره ستكون أقل؛ فسوف نستورد الغاز بـ9 دولارات كحد أقصى، وقد بدأت الاتفاقيات بشأن هذا الأمر، وهذا كلام منشور، ولدى مستندات دالة عليه.

■ لماذا لم تُنقب الحكومة عن البترول فى المياه العميقة، خاصة أن هناك خبراء يؤكدون وجود كميات لا بأس بها فى هذه الحقول؟

- الأمر ليس بهذه السهولة؛ فأغلب الحقول غير المكتشفة موجودة فى المياه العميقة، والتنقيب فى هذه المناطق تكلفته عالية للغاية، وتحتاج تكنولوجيا متطورة؛ فالسفينة التى تُنقب فى المياه العميقة تكلفتها اليومية 2 مليون دولار، غير المعدات.

■ لكن هناك شركات عالمية يمكنها أن تتولى هذه المهمة؟

- يوجد شركات عالمية مستعدة للتنقيب، لكن المشكلة ليست فى الشركات العالمية، إنما فى النظام الحكومى المتبع.. ما هو العائد للمقاول والشركات الأجنبية، التى تنقب عن البترول؛ فهى تستهدف الحصول على حصة كبيرة من البترول، لتعويض الإنفاق، وللأسف ما زلنا نستخدم الطريقة العقيمة، عند اكتشاف حقول للبترول، وهى فرض سياسة على المستثمر، مفادها الحصول على نفس نسب العائد، التى يحصل عليها فى التنقيب فى عمق 600 متر؛ كالتنقيب فى الأعماق، التى تزيد على 2000 متر، وهى 30%، للشريك الأجنبى، و70 % للحكومة، بعد خصم مصاريف التشغيل، وهى عقود عقيمة، ونسب لا تشجع المستثمر للتنقيب فى الأعماق؛ لأنها تعد مخاطرة شديدة، ولو استمرت العقود على وضعها لن نجد استثمارات فى مجال التعدين، لذا أنصح بمراجعة القوانين والإجراءات المتبعة، اذا أردنا جذب استثمارات فى مجال البترول والثروة المعدنية.

■ كيف ترى حل أزمة الطاقة فى مصر؟

- إصلاح الهيكل الاقتصادى مرتبط بإلغاء الدعم، وقد وصلنا إلى 90 مليون نسمة، ومازالت الأعداد فى زيادة رهيبة، ما يتبعها من زيادة فى نسب البطالة، إثر ندرة الاستثمارات وفرص العمل، وكلما وجد الناس الحياة سهلة، والطعام والشراب مدعومان، فلن يتورعوا عن الإنجاب؛ لأن الناس تأكل بمبالغ ضئيلة، ولا تعمل فى المقابل.. وللأسف إنتاجية الموظف ضئيلة.. ومنذ 23 سنة، هناك تفكير فى تخفيض الدعم إلى 5% فى السنة، ولو كان ذلك نُفذ وقتها، لكان ألغى الدعم بالكامل. الحل تأخر كثيرا، وأصبح رفع الدعم الآن مهمة صعبة للغاية؛ لكنه الحل الوحيد ولا بديل عنه؛ خاصة أن الدعم لا يذهب إلى مستحقيه، بل ولم يعد كافيا الاعتماد الكلى على مصادر الطاقة من بترول وغاز وفحم، لضآلة الكميات المتوافرة.. ولا يوجد حل إلا البحث عن مصادر أخرى للطاقة؛ كالاهتمام بالطاقة الشمسية والرياح والطاقة النووية.