اتسمت العلاقات «المصرية ــ الأمريكية»، منذ ثورة 25 يناير 2011م، بما يمكن أن نسميه الحيرة والتردد اللذين بدآ منذ الأيام الأولى للثورة، التى ظنت فيها السيدة هيلارى كلينتون أن نظام مبارك مستقر، إلا أن باراك أوباما حسم الأمر، عندما أبهرته ملايين جموع الشباب المصرى وشجاعتهم فأعلن تأييده لثورتهم وطالب الرئيس الأسبق، مبارك، بالتنحى.
وقد جاءت فترة حكم الإخوان لتتصور الإدارة الأمريكية أنها حصلت على نظام جاء بالانتخاب وأبدى تعاونه مع الإدارة الأمريكية وأكد ذلك بتوسطه وضمانه للهدنة بين إسرائيل وحماس.
ومن أجل هذا تغاضت الإدارة الأمريكية عن سوء إدارة حكم الإخوان، حتى عندما وضع الرئيس نفسه وقراراته فوق القانون والقضاء، اعتبرت الإدارة أن هذا «جزء من العملية السياسية المصرية»، ثم فوجئت الإدارة الأمريكية بثورة 30 يونيو ولم تدرك دوافعها ومغزاها ووقفت موقفاً سلبياً، خاصة بعد تدخل الجيش وتحولات 3 يوليو، وتأكدت هذه المواقف السلبية بقرار الإدارة وقف تسليم أجزاء مهمة من المساعدات العسكرية لمصر.
غير أن الإدارة، خاصة مع تقدم مصر فى تمثيل خارطة الطريق والموافقة الشعبية الواسعة على الدستور، دخلت فى عملية إعادة تقييم علاقاتها مع مصر، انتهت بقرار تسليم طائرات الأباتشى إلى مصر.
ورغم هذا كانت الإدارة تطالب النظام فى مصر بمراعاة ضمان التمثيل السياسى الواسع وحق التعبير والتجمع.
وعلى مستوى الكونجرس الأمريكى فى الوقت الذى ارتفعت فيه أصوات تنبه بأهمية مصر وأهمية علاقات أمريكا معها، إلا أن مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ تقدموا مؤخراً بمشروع قانون لخفض المساعدات الأمريكية لمصر بمقدار 400 مليون دولار.
وامتدت الحيرة الأمريكية فى العلاقة مع مصر إلى مراكز البحث والمحللين، ففى الوقت الذى يوجه فيه ممثلون لمراكز الأبحاث رسائل لأوباما تنصحه بعدم تسليم مساعدات عسكرية لمصر، اعتبر باحثون آخرون خطأ هذه النصيحة بأن الولايات المتحدة لا تستطيع تمثيل خططها فى المنطقة دون التعاون مع مصر وتنصح بأن تنتهز الإدارة انتخاب رئيس جديد لمصر لفتح صفحة جديدة معها.
■ فهل تأخذ الإدارة بهذه النصيحة؟ وهل تعتبر زيارة كيرى بالوعود الاقتصادية والعسكرية التى قدمها بداية لهذه الصفحة؟ أم أن العلاقات «المصرية ــ الأمريكية» ستظل تخضع لضغوط جماعات الكونجرس وتفسيرها لمفاهيم حقوق الإنسان وحريات التعبير؟
■ فى تصورنا أن هذه الحيرة الأمريكية سوف تُحسم عندما تستمر مصر فى استكمال خارطة المستقبل وتنجح فى تأسيس نظام ديمقراطى وتنموى متقدم لمنطقتها، وتؤكد نفسها إقليمياً وتمارس دوراً فعالاً فى قضايا منطقتها.
*المدير التنفيذى للمجلس المصرى للشؤون الخارجية