أنور الهواري أول رئيس تحرير لـ«المصري اليوم»: الصحيفة تحتاج جراحة كبرى

كتب: ماهر حسن السبت 21-06-2014 20:28

قال أنور الهوارى، أول رئيس تحرير لـ«المصري اليوم»، بعد مرور 10 سنوات على إصدار الجريدة، إنها في حاجة لجراحة كبرى، مشيرا إلى أنه قبل إصدار العدد الأول، كانت هناك لقاءات وأفكار وتحديات، وأطر عامة يريد أن يرسيها، لتقديم مدرسة مستقلة بذاتها، تضيف جديدا للمشهد الصحفى، الذي بدا ساكنا ونمطيا، وعن ملابسات التأسيس، والرؤى، التي استندت لها الجريدة، وخطابها المغاير، المعنى بالمهمشين، وذكرياته منذ إصدار العدد الأول، والإضافة المهنية، التي قدمتها الجريدة، للمشهد الصحفى، وما تميزت به، وما حققته، بشأن مفهوم الصحافة المستقلة، وطبيعة المواجهات والتعارضات، بين وجهة نظره، والمؤسسين، وإلى أي حد استطاع الحفاظ على المسافة الفاصلة بين الإدارة والتحرير، كان هذا الحوار مع أول رئيس تحرير لـ«المصري اليوم».

■ ما رأيك في «المصري اليوم» بعد 10 سنوات من ولادتها؟

- منذ سنتين وحوارى لم يتوقف مع المهندس صلاح دياب، وقلت له الصحيفة تحتاج للتحول من التطور الأفقى للتطور الرأسى، أي التأسيس الثانى، وتحتاج جراحات كبرى في لغة الكتابة، ولا أعنى اللغة اللفظية، وإنما الطرح الصحفى، وتكنيك الكتابة، أي الكتابة الجاذبة الشافية الوافية؛ كما الحال في «نيويورك تايمز»، وأنها مؤهلة لتحقيق هذه النقلة؛ فلما بدأت نفت فكرة «الأخبار الصغيرة، السائدة في الصحافة القومية آنذاك، من خلال الاعتماد على الخبر المخدوم بالتغطية والمتابعة والتحليل والرأى؛ لكنها تحتاج الآن التمدد الرأسى، أي الانتقال من الكم إلى الكيف، وتحتاج إلى تأسيس ثان؛ خصوصا في لغة الكتابة، التي أقصد بها الكلمة والصورة والكاريكاتير والإخراج، ما يجعل من الورق الميت كائنا حيا بهيجا، وبالطبع جميعنا يعلم أن الصحف اليومية تتنافس على التوزيع، وأرى أن مجدى الحفناوى، رجل توزيع محترم، خبير بشأن معدلات التوزيع، المقدرة بنحو 650 ألف نسخة.

■ لكن هناك صحفاً اقتربت من توزيع مليون نسخة؛ مثل الجمهورية في عهد محسن محمد، والوفد في عهد مصطفى شردى، هل معنى ذلك أن الصحف الأخرى لم يكن توزيعها يتجاوز الألف؟

- الظروف اختلفت، وكذا المجتمع السياسى؛ فالوفد عندما اقتربت من المليون نسخة، كان هناك فؤاد سراج الدين، ووحيد رأفت، وإبراهيم فرج، وممتاز نصار، وكان الشعب متألقا، وكان الناس ينتظرون «الوفد»، وكانت «الأهرام»، تضم لطفى الخولى وحسين شعلان ومكرم محمد أحمد وصلاح منتصر وزكريا نيل وإحسان بكر ويوسف إدريس وبنت الشاطئ ونعمات أحمد فؤاد وغيرهم.

■ ماذا تعنى بأن على «المصرى اليوم» التطور رأسيا، لا أفقيا؟.. ولماذا تشير لتجربة «نيويورك تايمز»، رغم اختلاف الظروف والتركيبة السياسية والاجتماعية، ومقتضيات سوق الصحافة هنا وهناك؟.. ولماذا لا تشير لتجربة مصرية ناجحة؟

- «المصرى اليوم» حققت تمددا أفقيا جيدا، إلى أبعد مدى، ومع احترامى للجميع؛ فإنها حققت تمددا أفقيا لم تحققه صحيفة أخرى، ومازالت متفردة في هذا السياق، وبصراحة فيما يتعلق بتطوير نمط الكتابة، هناك محاولات منفردة وجيدة في «الشروق»؛ لكنها ليست متماسكة ولا تمثل قواما وملمحا عاما، ولو توسعت، لغطت صفحات كثيرة، وصارت ملمحا عاما؛ لكنها لا تقدم «الطبخة بكاملها.

■ ما موقع الشروق والوطن والتحرير واليوم السابع والدستور من المنافسة لـ«المصرى اليوم»، وفق ما وصفته بالتمدد الرأسى والأفقى؟

- أقول وأنا مطمئن «الشروق»، لا تنافس على جمهور «المصرى اليوم»، ولا تخاطب القاعدة التي تخاطبها «المصرى اليوم»، واختارت التطوير الرأسى؛ لكنها حققته في اتجاه واحد؛ وفيها صفحة اقتصاد جيدة، ومتابعات خارجية ودبلوماسية جيدة، تقدمها دينا عزت وزملاؤها؛ وهم أصلا من «الأهرام ويكلي»، و«الأهرام إبدو»، وعملهم في الصحيفتين أفادهم بشأن الاطلاع على نمط الصحافة الأجنبية، وأضافوا لـ«الشروق».

■ وما مسافة المنافسة بين «المصرى اليوم»، و«الوطن»؟

- اقفل التسجيل وأنا أقولك.

مش ح اقفله؛ لأنها شهادة مهنية لصالح الصحيفتين، لا تنطوى على إساءة أو تجريح لأحد، كما أنك لا تخشى في الحق لومة لائم.

أقول المسافة واسعة، ولن أعطيك أرقاما محددة، و«المصرى اليوم» لاتزال- بارتياح- هي الأولى، وهذا أمر لايحتاج جدالا، وأنا أعرف بدقة كم تطبع، وكم توزع، وأقول لك إنها لا تحتاج توسعا أفقيا؛ لأنها حققت المطلوب في الانتشار الأفقى، وحين قلت لك مطلوب منها الاهتمام بالتطور رأسيا، أعنى أنها مُطالبة بتغييرات جوهرية في «الشاسيه»، وإجراء جراحات في الشاسيه، الثابت منذ 2004، وأقول إن كل رئيس قسم وكل محرر جديد حقق إضافة؛ فأنت مثلا كـ«ماهر حسن»، أضفت أشياء لم تكن موجودة، الملمح الثقافى والتاريخى والتأصيلى، والحوار العميق، ومن جاءوا إلى الصحيفة قبل وبعد ثورة 25 يناير، أضافوا لمحات المشاغبة و«الشقاوة». والصحيفة تحتاج جراحات في الشاسيه؛ فهناك إقليم اختلف، وشخصيات اختلفت، والصحافة تقرير؛ فنحن نكتب عن أحداث وأشخاص وتحولات، وعندما بدأنا كانت المصادر، إما مُتاحة، ليس لها منابر، وفى 2004، مثلا كى تكتب عن حركة كفاية، تجد معظم عناصرها يزورونك، وعندما تكتب عن حزب الوسط، تحت التأسيس، كان يأتى معظم قياداته لزيارتك، أو تكتب مثلا عن عظة الأربعاء في الكنيسة، أو خبر عن مكتب الإرشاد، فيتصل مهدى عاكف ليشكرك؛ وأنت بذلك تصنع خبرا، بعدما كانت الدولة هي صانعة الخبر، وينشر عن الدولة، بينما الشعب لا يصنع الخبر، إنما يفرض عليه، وكانت التغطية «غير عادلة»؛ فقلنا إن الخبر حق لكل الناس، وليس حكرا على الأجهزة الحكومية، ولذا حين أسسنا الصحيفة، أسسنا معها أكبر شبكة مراسلين، من خلال قسم المحافظات، وكان الزملاء «بيتريقوا علينا»، ويقولون «نعمل جرنان من القاهرة، وعن القاهرة، لتقرأه المحافظات، لأن القاهرة عمرها ما حتتواضع، وتقرأ أخبار المحافظات، وكان توقعنا، الذي يشبه اليقن، أن كل خبر سينطق بما يحدث في كل شبر من البلاد، ولذا كان شعارنا: «بث حى مباشر من كل شبر في أرض الوطن»، بمعنى أن التغطية الصحفية حق عادل مكفول لك، يصلك حيث كنت، فلاحا عاملا مواطنا عاديا أو معارضا أو مؤيدا، وداخل المنظومة الرسمية للدولة؛ وكان رحمة الله عليه، كمال الشاذلى، وزير شؤون مجلسى الشعب الشورى، آنذاك، ولاحظ تغطية الصحفيين المجلسين؛ فقال لهم: «اللى يروح هناك مايجيش هنا»، ما يعنى أن هناك مهمشين داخل الحكومة، واهتممنا بهم، ونشرنا أخبارهم، وكانت الفكرة الرئيسية لدينا، أننا لا نريد أن نكون بالضرورة رقم 1، وممكن أن نكون رقم 2، فإذا كنت معتادا على «الأهرام»، أو«الأخبار»، أو «الجمهورية»، يمكنك- بحثا عن الاختلاف، أن تشترى «المصرى اليوم»، لكن فكيف أحقق الإضافة والاختلاف.

وكانت الفكرة الثانية، التي استوحيتها من دراسة في قسم الصحافة بجامعة كولومبيا بأمريكا، وكان موضوعها «تغطية المجتمعات المهمشة»، ووجدتها مناسبة لواقع الحال في مصر، ووجدت مصر الحقيقية كلها مهمشة، فكانت تتصدر الصحف أخبار الرئيس، ورجاله النافذين والبارزين والوزراء، وأخبار الحزب الحاكم والحكومة والبرلمان، وكان هناك وزراء لا يصيبهم نصيب في نشرات الأخبار أو الصحف وكانت الأقلية من رجال الدولة يستأثرون بالتغطية الخبرية، والباقى مهمشون، ولعبنا على هذه المنطقة من المهمشين، وزراء وبرلمانيين وقرى ومحافظات وأحزابا ومجتمعا مدنيا ومرأة وأحياء، وإذا كان لدى محررون شباب؛ فلن أنافس «الأهرام» و«الأخبار»، المخضرمين في الوزارات، ولذا أنجزت صفحة أولى مختلفة، من أخبار المهمشين، وأذكر أننى كنت أسأل عبدالحكيم الأسوانى، مؤسس ورئيس قسم الحافظات، كم «رولا»، استهلكناه في الفاكس، للاطمئنان على كثافة ضخ الأخبار؛ وكان إحساسنا أن الأمور سوف تتغير، وأنه لا ينفع أن نجعل الصحيفة للشكاوى، وحولنا صحافة الشكاوى إلى خبر، ومتاعب الناس وهمومهم، إلى تحقيقات، وذهبنا للمواطن «لغاية عنده»، وقدمنا له خدمة خبرية، وكان الملمح الثالث في التغطية، أننا لن نقتل محررا يجرى وراء وزير التعليم، بل ينبغى على الوزير أن يلهث وراء المحرر في 4 آلاف مدرسة، أي أن محرر الوزارة، لاغطى وزارة التعليم، إنما يغطى فضاء التعليم، وهكذا الأمر بالنسبة لسائر الوزراء؛ فلم ننتظر رضاء الوزراء علينا، لمتابعة نشاطهم، وجولاتهم، وكان علينا توسيع إطار التغطية؛ فهناك 440 نائبا، ويمكننا الحصول منهم على تفاصيل لا تتوافر لدى الحكومة، ويمكن الحصول على أخبار من دائرة كل نائب، لاحياء صناعة الخبر، وكانت هذه هي الفكرة الرئيسية، ورأينا أن مقالات الرأى لن تأتى بقارئ؛ فالمواطن بطبعه حكاء، ومفكر بالغريزة، وكنا نسأل في اجتماع التحرير، كيف نغرى القارئ، بدفع جنيه ليشترى الصحيفة، ودائما كنت أشعر أن شيئا ما ينقصنا، وأن مجهودا ما لم يبذل، ويذكر لـ«مجدى الجلاد»، فضلا بإضافته التحقيق الاستقصائى، وساعده في تحقيق هذا الإنجاز، صناعة التدريب في المكان، قبل مساهمة ياسر عبدالعزيز في التدريب، وساويت بين أهمية الأخبار؛ فأخبار المحافظات على نفس القدر من أهمية أخبار العاصمة؛ ولم أنظر للمحافظات باعتبارها درجة ثانية، ولعلى هنا لا أبخس حق زملاء، لم تسعفن الذاكرة لقول أسمائهم؛ فلا أنسى مايسترو التوزيع مجدى الحفناوى، وفريقه، وأنا أدين له بالفضل، ولكل فرد في الكتيبة الضاربة الأولى؛ ومنهم حسين أبوطالب، ومحمود عجاج، وعم أيمن، ومحمد عبدالله، ومحمد أبوجرير، في الإدارة، وصولا لعم مهدى في البوفيه.

■ لكن هناك ملمحاً منقوصاً من الصحيفة عند التأسيس، وكان أشبه بمشكلة لم تتغلب عليها، وهو قسم التحقيقات؟

ـ أتفق معك، لكننى عوضت ذلك بالقصة الخبرية، وعمقتها، وكان الزملاء العاملون معى ينتمون لمدارس مختلفة، ومعنى ذلك، أن هناك لغة تنتمى لـ«العربى الناصرى» وأخرى لـ«الأخبار»، وثالثة لـ«الوفد»، وتفادياً لمشكلة الديسك المركزى، قررنا تخصيص ديسك لكل قسم، وبعد كتابة الموضوع يرسله رئيس القسم إلى مدير التحرير، وكان لدينا، في الأقسام، شباب صغير، كنت أطلب منهم قراءة مقالات صعبة في تخصصاتهم، ليزدادوا خبرة وثقافة في مجالاتهم، بسبب نقص الكوادر الخبيرة في التحقيقات، واعتمدت قاعدة من المجندين الشباب، بينما القيادة أقلية محترفة «مثل الجيش»، كى تكون «المصرى اليوم» رشيقة، وحققنا إغراءً، وتشجيعا، بمضاعفة المرتبات، واكتمل التصميم الجيد مع الأيام، وكان لدينا 16 صفحة، ونزلنا بهم في توقيت كانت مصر تمر بعطلات دراسية، وعطلات محاكم، ودخلت في صيف طويل، في بلد رئيسه شائخ، ومعارضته شائخة، والأنفاس فيه منقطعة، والخبر نصنعه، ونحلبه من ضرع «معزة شائخة»، وكتبت في أحد الأعداد:«صناعة الخبر في بلد لا حس فيه ولا خبر»، وفى ذلك الوقت، لم يكن قد تشكل المجتمع السياسى بتنوعه، لكنك تلاحظ؛ مثلا أننى رئيس التحرير، الذي أدرج أسماء مجلس التحرير في الخلف، وليس في صفحة متقدمة، ونشرت اسمى ببنط 9، مثل المحررين، ولم أغلق باب مكتبى، لحظة واحدة.

■ كيف كان إحساسك مع صدور أول عدد، وأذكر أنك قلت تعبيراً جميلاً، تصف به ميلاد الجريدة؟

ـ لا أذكر على وجه الدقة التعبير الذي قلته؛ لكن مفاده أن اليوم ولدت «المصرى اليوم»، كائنا حيا سليما قادرا على النمو والبقاء وسوف يصير ويظل قويا، وأقول «المصرى اليوم» كـ«شاسيه»، أو موتور، وفكرة، تعتبر مفهوما جديدا لصناعة الخبر.

وأقول إن العدد الأول، كان معبرا عن ماكينة «المصرى اليوم» آنذاك، كأنما كانت الإدارة تستهدف الوقوف على ما يمكن أن يحققه فريق العمل الوليد، وأنها لتقدم الدعم المطلوب في البنية التأسيسية، إذا نجحنا و«أثبتنا كرامة»؛ وفى ذلك الوقت لم يكن لدينا مقاعد كافية، واستغرق تجهيز المقر 120 يوما، وحولنا الموقع إلى ما يشبه ورشة عمل، وسبورة، وأعددنا دورات تدريبية، وكنت مؤمنا بأى شاب يأتينى دون خبرة صحفية، وقلت للزملاء يكفينى أن تولد «المصرى اليوم»، ولادة طبيعية، كائنا حيا طبيعيا، تمتلك مقومات الحياة وقوتها، لديها القدرة على النمو، وأن تولد بلا إعاقة، وطلبت ضياء رشوان وعمار على حسن وعمرو الشوبكى وغيرهم، ليكتبوا، كأقلام ناهضة بانتظام، وجميعهم ساعدنا.

■ خلال فترة التأسيس ما الكوادر الرئيسية، غير مجدى الجلاد، وعادل القاضى، التي ساهمت معك في التأسيس؟

ـ في اليوم الأول التقيت، أنا وعلى السيسى، مع هشام قاسم، والسيسى بطبعه، لم يتغير، انتظرنى ولم يقابل هشام قاسم معى، وكان السيسى وثروت محمد، يريدان المشاركة، وكانا يريدان الاطمئنان، والتأكد أن التجربة ستنطلق هذه المرة، بعد محاولة، الراحل مجدى مهنا، وأرادا ألا يتركا موقعيهما خارج مصر، إلا بعد التأكد من صدور التجربة، وكانا يعملان في جريدة «الشرق الأوسط»، وكانا معى في الرياض، حيث كنت أعمل في مجلة «المجلة»، وأبديا استعدادهما للمشاركة في التجربة، وخاض ثلاثتنا مناقشات ضارية، بشأن تصورنا لشكل ومحتوى وتوجه الصحيفة، وأوجه الاختلاف المستهدف، وأكاد أقول لك أن الميلاد الأول لشكل الصحيفة تشكل، خلال هذه الجلسات، وتحدثت مع مجدى الجلاد، وكلمنى محمد رضوان، وعبدالحكيم الأسوانى ورحبت بهما، واستدعيت أحمد الشامى من «الجمهورية»، والذى رشح لى الدكتور أحمد محمود، هو على السيسى، وقال لى، في الرياض: لو إنت عايز تنجح هات أحمد محمود معاك في الإخراج؛ فقلت له، (محمود) يعمل في كندا، وزارنى الأخير، ومعه عمرو خفاجى، وقال لى ما معناه: يا أنور إنت فيك غتاتة ورزالة في الإدارة، وكنت ناوى أمشى، أما «الغتاتة»، التي كان يقصدها، هي قناعتى بأن الإنسان ابن تجاربه، وأحمد كان قد أعطى الكثير من التجارب، وكنت أريد الاطمئنان أنه حين يصدر من عندنا مولود جديد، أن يكون منقطع الصلة عن تجاربه السابقة، ولذا رفضت أكثر من تصور له، حتى قررنا الاستقرارعلى الماكيت الأساسى، و«اللوجو»، استلهمته من لوجو، مرسيدس وبيتزا وهيونداى، ولفت انتباهى اللوجو الخاص بـ«الديلى تليجراف»، وكنت معجبا بها، ولذا تجد في «المصرى اليوم» ظلالا لـ«الديلى تلجراف»؛ ومنها أخذت العنوان الرئيسى والشارح، والصورة والمتن القصير، وألا تزيد المادة على 600 كلمة، واتفقنا على هذا، حتى أنك لا تجد في الصحيفة، علامة تعجب، أو استفهام في العناوين، وتعاونت مع الجلاد، والمرحوم عادل القاضى، في إعداد «ستايل بوك»، وحرصنا على تحقيق ثلاثى الصحافة، متن وصورة وإخراج، وكانت الصورة لدينا جزء من الكتابة، ولو سمحت لى بإبداء الرأى في الصورة الآن، في «المصرى اليوم»، فهى تحتاج استعادة وضعها القديم، لأن قراءة الصورة وتوظيفها جيدا في الصفحة الأولى، كانت من الأشياء التي أبهرنا بها القارئ، إضافة إلى طريقة التحرير، و«اللوجو»، الذي صممه لنا على سبيل الإهداء، زميل فنان في جريدة «الشرق الأوسط»، اسمه هشام، واستدعى أحمد محمود خطاطا اسمه (عم لمعى)، وعرضت «اللوجو» على «محمود»؛ فأخذ الفكرة، وعم لمعى اشتغل عليها، وأضاف محمود لمساته الجمالية، وما كنت أراه معجزا في «الديلى تليجراف»، كان محمود ينجزه في ثوان، مع لمسات تدل على شخصيته المبدعة، وأذكر أننى اتصلت به، عند بدء تأسيس «الوطن»، ورجوته ألا يترك «المصرى اليوم»، لأنه أعطاها لمسة أبهرت الناس؛ ولأنه تميز بفهمه للتحرير والمادة الصحفية، وإذا توقف قلمه فجأة، وأنت تشرح له، اعرف أنك مخطئ في شىء ما، كما أضاف «السيسى»، للرياضة في 4 صفحات، فضلاً عن صفحة الرياضة الدولية، وعبدالحكيم الأسوانى أضاف للمحافظات، وكان «الجلاد»، إداريا جيدا، وساعدنى، وكان لديه موهبة إكمال النقص في أي مادة، ولا يفوتنى التنويه للجهد الخلاق لواحد من المؤسسين وهو، حسين أبوطالب، مدير الإنتاج، ومعه محمود عجاج، وهما من المتفانين في عملهما، ولوعاد بى الزمن إلى الوراء لن أستعين إلا بمدير تحرير واحد، ذلك أن البشر هم البشر، يعنى اجعل مؤسستك خالية من صراع الأقران قدر ما تستطيع الصفاء والسلام الداخلى، لمؤسستك، وليس من الذكاء أن تلعب على أعصاب الأقران، وعلى رؤوس متساوية، وقد جربت وجود أكثر من مدير تحرير في 3 تجارب، ورئيس التحرير الشاطر يسعى لحماية مؤسسته من نوازع الأنفس قدر ما يستطيع، ما يوفر الجهد ويريح الأعصاب، ويشيع التناغم والإحساس بالعدالة.

■ رغم ما تحدثت عنه من تناغم بين أسرة العمل، إلا أن خلافا جوهريا وقع بينك وهشام قاسم.. ما الأسباب؟

ـ أقول إننى مدين لهشام قاسم، لترشيحه لى، فكان يقرأ مقالاتى في الحياة اللندنية، أما الاختلاف المهني؛ فهو وارد، إما نتفق منهجيا، وتوجها ونستمر، أو نختلف فنفترق مع بقاء الود قائما.

دعنا من هذا، في هذا الجو الاحتفالى، لأذكر لك باقى أفراد الكتيبة الضاربة الأولى، وأذكر منهم، محمد سيد صالح، وكان يعمل في مؤسسات عربية، وكنا تحت التأسيس، وحين وجدته مؤهلا رقيته رئيس قسم، وكان يحتملنى، وكنت أعتبر أن الخبر في أي جريدة، قاطرة، وكنت مع اجتماع الأخبار، وساعدنى، وأنا مدين له بالفضل؛ لأنه حمول، وتحمل أولادا جددا، أول مرة يكتبوا، وأحبوه، وأذكر محمد سمير، الذي جاء في نفس المرحلة، وعرفناه، من خلال عادل القاضى، وساعد في التأسيس، وكان مسؤولا عن قسم الخارجى.

■ لم تتحدث عن مجدى مهنا ومجدى الجلاد؟

ـ مهنا كان رجلا حسن النية، واستفدت من تعثر تجربته الأولى، وتفاديت ذلك، وراعيته عند التأسيس الثانى، ورفضت إنجاز أعداد تجريبية، وقلت المرأة تحمل ثم تلد مرة واحدة، وليس على مراحل، وأنجزت عددا واحدا لتجريب المطبعة، ولم أرسله للإدارة.