كنت واحدا ممن طال انتظارهم لأن يعلن السيسى ترشحه لرئاسة مصر وكنت واحدا من الملايين التى خرجت لتؤيده وتعطيه أصواتها، وكنت واحدا ممن استبشروا بنجاح سيادته وبشروا بأنه سوف يعمل من أول يوم فى حكمه على اتخاذ القرارات التى تعيد للشارع الانضباط وللفقراء الحق فى الحياة الكريمة وللمصريين عموما إحساسهم بأن عصر الفوضى قد ولى وانتهى وكنت واحدا من الذين جلسوا صباح الأحد قبل الماضى لمشاهدة الرئيس السيسى وهو يحلف اليمين أمام المحكمة الدستورية العليا وتابعوا الوفود الأجنبية والعربية التى جاءت لتهنئ وتبارك لمصر بانتصار الديمقراطية واستمعوا للخطاب المطول الذى ألقاه الرئيس بقصر القبة بكل ما فيه من سلبيات وإيجابيات،
وكذلك كنت واحدا ممن تملكتهم الدهشة لتكليف الرئيس السيسى المهندس محلب رئيس الحكومة المستقيلة بتشكيل الحكومة الجديدة، وسر الاندهاش نبع من أن الرئيس السيسى سبق أن وعد فى أكثر من مناسبة بأنه سيفكر خارج الصندوق وسيرفض الأطر التقليدية فى التعامل مع من سيتولون مسؤولية إدارة البلاد وسيختار الأكفأ والأقدر وسيعمل جادا من أجل الخروج بمصر من ظلمة أهل الثقة إلى نور أهل العلم والخبرة، وبمنتهى الصراحة لا أظن أن المهندس إبراهيم واحد منهم وقد اتضحت هذه الحقيقة بجلاء عندما كلفه المستشار عدلى منصور الرئيس المؤقت بتشكيل حكومته الأولى والتى خرجت نسخة من حكومة الببلاوى راعية الأزمات والباب الخلفى لإعادة رموز مبارك للحكم وإذا برئيس الوزراء الجديد يختار وزراءه بلا معايير واضحة فيبقى على وزراء منتسبين للفلول ويقصى وزراء حسبوا على ثورتى يناير ويونيو ويدمج وزارات فى وزارات ويفصل وزارات عن وزارات، فازدادت المشكلات تأزما وتفاقمت معاناة الناس وسارت أوضاعهم إلى الأسوأ وبعد كل هذا الفشل يستدعيه الرئيس السيسى لتشكيل حكومته الثانية، لماذا يا سيادة الرئيس؟ هل نضبت مصر من الكفاءات كى تعيد إلينا مرة أخرى الرجل الذى لم ينجح فى معالجة ملف واحد من الملفات العاجلة أو الآجلة؟ ما هو الجديد الذى سوف يقدمه محلب هذه المرة؟
كل ما فعله المهندس محلب على طريقة كلاكيت ثانى مرة أنه أعاد إلينا وزراء كان الواجب إقصاؤهم أمثال: وزير التربية والتعليم محمود أبوالنصر والذى شهد عصره أكبر عمليات للغش وتسريب الامتحانات وظلم المتفوقين وإهدار الوقت والجهد، وزير الكهرباء محمد شاكر الراعى الرسمى للظلمة التى غرق فيها عدد من المحافظات على مدى زمنى تجاوز السبع ساعات فى بعض الأوقات، وزير الشباب والرياضة خالد عبدالعزيز صاحب الكتف القانونى الأشهر لوزير الرياضة السابق طاهر أبو زيد وأحد عباقرة توظيف الإعلام الرسمى والخاص لتلميع نفسه وتقديم الوعود تلو الوعود والتى ربما لم يتحقق منها شىء ولا أظن أنها ستتحقق، وزير الصحة عادل العدوى والذى تم تكريمه بوجوده فى الوزارة الجديدة رغم عجزه عن الوفاء للأطباء بالحصول على كادر يخصهم ورغم البلاوى التى تكشف عن سوء لا مثيل له فى المستشفيات،
الأنكد هو أن المهندس محلب قام باستبعاد وزراء عرفوا فى الحكومة المستقيلة بحسن الأداء والدأب والمثابرة ومنتهى الدبلوماسية ومنهم كان وزير الخارجية العظيم نبيل فهمى والذى رحل ليحل محله سامح شكرى سفير مصر فى واشنطون والسكرتير السابق للمخلوع حسنى مبارك كما ألغى محلب وزارة الإعلام بزعم الاستجابة لدستور 2014 لكن فى أى دستور تلغى وزارة التنمية الإدارية مركز المعلومات الوحيد والمهم فى تقييم أداء الوزراء؟ يا أيها الشعب الحالم دائما بالأمل فإذا بك تستيقظ على الكوابيس، لكن ماذا أقول؟ ! هذه هى قدرات محلب ولا عتاب عليه لكن العتاب كل العتاب على الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى كنت أتمنى أن تكون أول خطواته مبشرة بما يطمح فيه عموم المصريين.