مطلقة سابقًا، وعملت حين كانت من عامة الشعب مذيعة أخبار تليفزيونية غطت هجمات 11 سبتمبر بواشنطن ونيويورك، وبعدها بعامين الغزو الأمريكي للعراق. عاشت في البصرة، وتعرفت فيها إلى الإسلام ومساجده، وذاقت طعم ارتداء المرأة للحجاب، وأصبحت، الخميس 19 يونيو الجاري، ملكة جديدة على إسبانيا، بعد تنصيب زوجها الأمير فيليبي ملكًا.
ليتيثيا أورتيز، التي أبصرت النور، عام 1972، بمدينة أوفييدو، عاصمة إمارة وإقليم أستورياس في أقصى الشمال الإسباني، حسبما أفادت «العربية.نت» على موقعها الإلكتروني، لافتة إلى أنها ربما تكون أول صحفية تضع تاج الملكات على رأسها، مع أنها عاشت في وسط عائلي «من نوع لا يتوقع أحد أن تخرج منه وتدخل يومًا قصور الملوك»، طبقًا لما نشره صحفي إسباني بحث في ماضيها البعيد.
ويذكر الصحفي جيليرمي برادو ماس أن جدها وهو فرانسيسكو كاماتشو روكاسولانو، كان سائق سيارة بالأجرة في مدريد، حيث عاش وشهد بعينيه دمويات متنوعة في الحرب الأهلية، التي بدأت، عام 1936، ولم تنته بعد عامين و8 أشهر إلا وقد حصدت نصف مليون قتيل، ومثلهم تقريبا مهجّرون وفارون من الجيش والميليشيات والسكان، لذلك ترعرع التطرف بكثيرين عانوا من ويلاتها على كل صعيد.
وممن عانوا أكثر كانت عائلة والدتها، ماريا دي لا بالوما رودريجز، التي عملت ممرضة طوال حياتها، وكذلك عائلة والدها خيسوس خوسيه أورتيز، الذي عمل صحفيًا وفي القسم الإداري براديو محلي في «أوفييدو»، التي انتقل منها إلى مدريد، تاركًا فيها زوجته وبناته الثلاث: ليتيثيا بعمر 14 وإيريكا وتيلما، ثم التحقت به ليتيثيا وتيلما، وعاشتا بعيدًا عن الأم التي طلقها زوجها فيما بعد، من دون سبب معروف، ومن دون أن يعلم أنه زرع في بناته الصغيرات بذور أذى نفسي كبير، نما سرًا في إحداهن، فقضت منتحرة.
وحين كانت «ليتيثيا» طالبة عمرها 16 عاما في العاصمة الإسبانية، تعرف إليها مدرس لغة وآداب، اسمه ألونسو غيرّيرو بيريز، وكان يكبرها بـ10 أعوام تقريبا، فمالت عواطفها إليه، واستمرت طوال 10 سنوات تلميذته في النهار وصديقته الحميمة في الليل.
ثم انتقلت، عام 1990، إلى جامعة في مدريد درست فيها الإعلام التليفزيوني حتى الماجستير، وبالمثل سلكت نفس الخطوات في دراستها الصحافة فيما بعد، وتزوجت، عام 1998، من أستاذ المدرسة الحميم، لكن الزواج مقبرة للحب أحيانًا، لذلك انتهى بين الاثنين كل ارتباط. وتشير «العربية» إلى أنه بعد عام واحد فقط انهار بنيان الحب، وانتهى الزواج تحت ركام الطلاق، وهي في عز الشباب، بالكاد عمرها 27 سنة.
ومضت «ليتيثيا» تشق الحياة بمفردها، مقيمة وحدها في شقة ضيقة بالإيجار، فاشتغلت في الفرع الإسباني لمحطة «بلومبيرج» التليفزيونية، ثم في نظيرتها قناة «24 ساعة» التابعة لمحطة «إسبانيا» والمتخصصة فقط في الأخبار، وبعدها انتقلت مراسلة للقناة في واشنطن، ومنها غطت هجمات 11 سبتمبر.
وبعدها استدعوها لتغطية غرق ناقلة إسبانية اسمها «بريستيج» وتسربت حمولتها من النفط فأحدثت كارثة بيئية مازالت إسبانيا تعاني من توابعها للآن، ودفعت وقتها بولي العهد الأمير فيليبي، لينتقل إلى موقع ما حدث للإشراف بنفسه على عمليات المكافحة، وهناك وسط الكارثة عرف أمير أستورياس الحب السريع في مذيعة تصغره بـ4 أعوام، وانجذب بكليته إليها، خلافًا لفتيات تعرف إليهن بالعشرات.
اللقاءات بدأت، عام 2002، واستمرت بين الاثنين سرية، لا يدري بها دائما إلا قلة من المقرّبين، وفي بدايتها فاجأ الأمير أبويه، الملك خوان كارلوس، الذي تنازل له عن العرش، مايو الماضي، وكذلك والدته الملكة صوفيا، وكلاهما بعمر 76 الآن، كما فاجأ شقيقتيه الأميرتين إيلينا وكريستينا (51 و49) بعلاقته بالمطلقة سابقًا ومذيعة الأخبار.
وسألوه عنها، وأخبرهم أنها ليتيثيا أورتيز، النحيفة، التي تظهر على شاشة الأخبار كل يوم تقريبًا، ثم علموا أنها في أواخر عام 2002 بأفغانستان تغطي أخبار الحملة الأمريكية على «القاعدة» وطالبان، وبعدها بعام تابعوها وهي في مدينة البصرة تغطي منها الغزو الأمريكي للعراق، البلاد، التي دخلت فيها إلى مسجد لأول مرة بحياتها، وفيها ولأول مرة أيضا ارتدت الحجاب.
وفاجأ الأمير الإسباني أيضا، حين كشف، عام 2003 عن الحب، الذي توّجه في أواخر العام بخطوبة أثمرت، عام 2004، عن زواج مرت عليه 10 سنوات قبل شهر، والزواج أثمر بدوره عن ولادة أميرتين: ليونور وصوفيا، وعمرهما الآن 9 و7 سنوات، وهما أول أميرتين تلدهما أم ليست تابعة لأي أسرة مالكة في تاريخ إسبانيا، إلا أن «العربية» لم تتأكد من هذه المعلومة، باعتبار أن التاريخ الإسباني عرف أيضا أميرات ولدن من أمهات من عامة الشعب، حتى وأجنبيات، إلا أن ذلك كان في زمن بعيد.
ولم تكن الحياة مدرارة بالعطاء الكريم دائما على أميرة أستوريا المقبلة، الخميس، على وضع التاج الملكي الإسباني على رأسها، فإضافة إلى طلاق والديها، ألمت بها فاجعة قبل 7 سنوات، وكانت من نوع مأساوي يصعب أن تنساه: في 7 فبراير 2007 انتحرت شقيقتها الصغرى إيريكا، وكانت بعمر 31، وتركت طفلة وحيدة اسمها كارلا، من خطيب كانت تقيم معه، ثم انفصلا وغادر إلى الأوروجواي.
تعرفت بعده إلى آخر، وهي معتلة سرا بما لم يكن يعرفه أحد غيرها، واتضح فيما بعد أنها كآبة كانت تعل فيها من طلاق أبويها وهي طفلة، إلا أنها احتدمت عليها مع الزمن، وجعلتها ضعيفة المقاومة، وحين وجدت نفسها ذلك اليوم وحيدة في البيت، وبقربها عبوة حبوب مهدئة، قامت وأفرغت معظمها في فمها، ولم يعلموا بمفارقتها الحياة إلا بعد 13 ساعة.