هدى شعراوى المسكوت عنها.. وبيرم التونسى يبحث عن الزمن الجميل

الخميس 03-06-2010 00:00

«من هفوة أو كلمة هايفة نتحمق ونقوم.. نسب وندب، ويدور العراك بالشـوم.. وكل محموق وله فرقة تقوم بهجوم.. من قبل ما تعرف الظالم من المظلوم.. تبقى الشرارة حريقة والسحابة حسوم».. بهذه الأبيات لبيرم التونسى بدأ بلال فضل حلقة هذا الأسبوع من برنامجه عصير الكتب الذى يذاع على«دريم 2».

قال بلال «إن هناك أشخاصاً متمسكون بمقولة الزمن الجميل، هذه المقولة تعد طريقة لاستمرارهم فى الندب والعويل دون أن يبحثوا لأنفسهم عن طريقة لتغيير واقعهم القبيح، خاصة أن تكلفة اليأس أرخص من الأمل، فالزمن الجميل فى علم الغيب كى نحاول صنعه دائما، وما يقال عن تغير المصريين وأنهم يعيشون واقعاً سيئاً غير حقيقى، وأشعار بيرم هى الدليل على ذلك، وقال أيضا «يسـرنى ويهنـيـنى.. أدفع ضرايب على عينى.. أدفع ألوفى وملايينى.. لكن تعالـوا حاسبونى.. أكون سعيد وأكون شافـع.. لو تتصرف على شىء نافع.. مثـلاً مصانـع ومـدافـع.. ولا على القصر العينى.. واقطع لكم لحم كتافـى.. وأبيع هدومى ولحافى.. ولااشوفش جايع ولا حافى.. يغـمـنـى ويبكينى». وقد استعرض عددا من الأبيات الشعرية التى كتبها فى القضايا المصرية مثل التعليم، والبطالة، المتعصبين الذين سبوا النبى عليه الصلاة والسلام، بالإضافة إلى الاتهامات الموجهة إلى الصحافة والصحفيين.

وأضاف: «نحن ننعى أنفسنا ونتكلم دائما عن الزمن الجميل، مثلا زمن بيرم التونسى، فى الوقت الذى كان بيرم نفسه، ينعى الزمن الماضى، وكأننا كتب لنا أن نعيش عويلا دائما، ونبحث عن أشياء نعتقد أنها كانت موجودة»، وختم فقرته بأبيات بيرم التى قال فيها «يا مصرى ليه ترخى دراعك والكون ساعك.. ونيل جميل حلو بتاعك يشفى اللهيب.. خلق إلهك مقدونيا على سردينيا.. والكل زايطين فى الدنيا ليه انت كئيب.. وادى العراق نصب النصبة ودخل العصبة.. وأرضك انت دهب خصبة من غير أنابيب».

وفى فقرة المظاليم، والتى قدم فيها فقرة تسجيلية عن الكاتب جمال مشعل، قال بلال: «كل منا يحب مصر على طريقته، على الرغم من أن أغلب تلك الطرق قد تؤدى إلى التهلكة، لأن هناك كثيرين يدعون حب مصر، لكنهم ينزلون فيها نهبا وتخريبا، وعدد منهم يحبونها بصدق، ومنهم جمال مشعل، والذى قرر أن يعمل موسوعة كاملة بمفرده، كتب فيها عن كل قرية ونجع فى مصر، وبمساعدة من المجلس الأعلى للثقافة تحت عنوان (موسوعة البلدان المصرية)».

قال جمال مشعل، عضو اتحاد الكتاب: «أنا مواليد 1958 من محافظة الدقهلية، استغرقنى عمل كتابى 10 سنوات كاملة، زرت فيها كل قرى محافظات مصر وعزبها ونجوعها، وكانت فكرة موسوعة البلدان بدأت عام 1995، ويضيف: «ما يفرق بين موسوعتى والموسوعات القديمة مثل المقريزى، أنها جميعا تحدثت عن وصف المكان، وفى الخطط التوفيقية تحدث على مبارك عن القرى لكن قرى القاهرة فقط، وآخر موسوعة لمحمد رمزى عام 1945، والذى أعتبره أفضل من كتب عن القرية المصرية، وقد تعلمت منه، لأنه مؤرخ قوى، وقد أكملت على ما وضعه محمد رمزى، مع اضافة نبذة متوسعة عن كل قرية، وتطورها السكانى والتعديلات التى حدثت فيها من تغيرات إدارية والمدن العمرانية الجديدة، والمدن المتكاملة الجديدة، على عكس ما كتبه، حيث كان يكتفى بذكر القرية ونبذة مختصرة عنها»، لافتا إلى أن القرية ككلمة لها تاريخ قديم حيث كانت فى العصر العثمانى تسمى «تربيعة» ثم تطورت مع محمد على وسميت باسم العزبة فى عصر الخديو عباس.

وفى فقرة المختصر المفيد استضاف بلال شاعر العامية عمرو حسنى صاحب رواية «تنفس صناعى»، رئيس تحرير مجلة قطر الندى للأطفال، حيث دار الحديث حول علاقته بالشاعر الراحل صلاح جاهين، بالاضافة إلى روايته الأولى والتى صدرت مؤخرا، وتضم عددا من المواقف المضحكة الباكية والتى كتبها من خلال خبرته كمهندس للأدوات الطبية لمدة 17 عاماً، وقال عنها بلال إنها لو ترجمت إلى اللغات الأجنبية لكان لها شأن عظيم. وعن الكتابة للأطفال قال عمرو حسنى «فيها مشكلة لأنها تحتاج إلى أن يكون الكاتب على نفس مستوى قارئه، وهو الطفل، الذى لابد من التواصل معه من خلال اللغة، وهى منطقة صعبة وفيها تحد، وتحتاج إلى قدرات عالية وموهبة حقيقية».

وفى فقرة سور الأزبكية والتى يتم فيها استضافة الناقد الشاعر شعبان يوسف قال بلال: «شخصيات كثيرة فى بلدنا تستحق أن نتحدث حولها ونبحث عنها، واليوم نبحث عن ملف (هدى شعراوى) الزعيمة النسائية». قال شعبان: السيدة هدى شعراوى التى حركت مياها كثيرة فى الحياة المجتمعية النسائية خرجت من بيت ضليع فى الحركة السياسية المصرية، وقد أخذت اسم زوجها على شعراوى، أحد رجال الحركة الوطنية أيام سعد زغلول، فلم يربط أحد بينها وبين والدها محمد سلطان باشا والذى كان سببا فى دخول الإنجليز مصر، عندما رشى عددا من العربان والقيادات العسكرية، على رأسهم عبدالرحمن حسن، وسعيد الطحاوى، اللذان خانوا عرابى، وهو ما تحدث عنه عبدالرحمن الرافعى،

إلا أن هدى شعراوى دافعت عن والدها فى مذكراتها الشخصية، على عكس الكثيرين من أبناء الحركة الوطنية والذين تنصلوا عن آبائهم الذين خانوا الحركة الوطنية، فقد اعتبرته أحد الوطنيين وأنه عمل ما عمل دفاعا عن مصر، على الرغم من أن كثيرين كتبوا عن هدى شعراوى إلا أنهم كتبوا عنها بعيدا عن شخصية والدها مثل نبيل راغب صاحب كتاب «هدى شعراوى وعصر التنوير»، والذى كان إعادة لمذكرات هدى شعراوى التى نشرت عام 1976، بعد رحيلها بـ30 عاماً.

وقال شعبان إن أحمد تيمور باشا تحدث عن والدها الذى قيل إنه حصل على 10 آلاف جنيه ثمنا لخيانته، وقد فسرت ذلك فى مذكراتها بأن تلك الأموال جاءت كتعويض عن الحرب التى دارت بينه وبين أحمد عرابى، وذلك فى كتابه «90 عاما على ثورة عرابى»، واعتبر شعبان دفاع هدى شعراوى عن والدها أمراً لا يصح: وكثيرون أمسكوا عن نقاط فى حياتهم، أو تحدثوا عنها بحياء، لكننى أرى أن هناك تعظيماً حدث لهدى شعراوى، حيث عاشت مصر فترة أراد الإقطاعيون وأصحاب الثروات أن يمتلكوا الريادة فى كل المجالات كما حدث مع لطفى السيد أستاذ الجيل، وهدى شعراوى رائدة الحركة النسائية، ومحمد حسين هيكل رائد الرواية المصرية، على الرغم من أن هناك عشرات الروايات التى صدرت قبله، وتنصيب هدى شعراوى كرائدة حركة نسائية، أغفل العديد من الجوانب،

كما ظلم نبوية موسى، والتى ألفت كتاب «تاريخى بقلمى» عن نفسها ولم يأخذ حقه، وكتاب «المثل الأعلى للأمة والدولة» لتيسير ويصا والتى كانت واحدة من الفريق النسائى الذى ضم هدى شعراوى ونبوية موسى وصدر عن الحركة الوفدية، كانوا يجنبونها، ونبوية موسى شخصية حدث ضدها اجرام لتغييب دورها، لأن حركة النهضة وقتها كانت تنحصر فى خلع أو ارتداء الحجاب، لكنها كانت تبحث عن أدوار وحقوق أهم مثل الحق فى التعليم، فى الوقت الذى دارت فيه أغلب حوارات هدى شعراوى على الحديث حول قصرها، ومصنعها الخاص بالخزف،

واختتم شعبان كلامه قائلا «نحتاج إلى تقليب الأدوار فى بعض الأشخاص لأنها أدوار وهمية وتحتاج إلى إعادة نظر، وأن نبحث عن التقييم الحقيقى لتلك الشخصيات ومنهم هدى شعراوى والتى أرى أن تنصيبها كرائدة للحركة النسائية المصرية هو محاولة لتنظيف ملف وصفحة الإقطاع، فقد امتلكت 120 ألف فدان، وعدة مصانع، قيل إنها استخدمت ريعها فى إرسال بعض البعثات العلمية، لكن لم يرد ذكر اسم عالم واحد قد تعلم بأموال هدى شعراوى، الأمر الذى يشكك فى مصداقية القول إنها صاحبة بعثات علمية».

وفى حلقة هذا الأسبوع من البرنامج رشح بلال فضل للمشاهدين قراءة أعمال الكاتب حسين أحمد أمين وتحديدا كتابى «كمياء السعادة» الصادر عن دار المعارف، و«لغة العرب وأثرها فى تكييف اللغة العربية« الصادر عن دار العين.