إنجلترا زمان كان اسمها (بريطانيا العظمى).. كانت إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس 24 ساعة.. من كندا إلى الهند مروراً بمصر.. حتى عندما استولت على أستراليا قررت ضم القارة كلها إلى إنجلترا باعتبارها جزءاً منها.. لا مستعمرة مستقلة.. من أجل ذلك كانت لها أقوى أسطول بحرى فى العالم لذا سميت (أميرة البحار).
ثم قررت أن (الاحتلال) ليس احتلال الأرض بل احتلال الشعوب.. وأهم ما فى البشر هو العقل، لذا قررت طبع (أوراق) تجذب الناس فيشترى الناس هذه الأوراق التى ستغزو عقولهم ووجدانهم.. لتتطور الأمور فيما بعد لتصبح هذه الأوراق اسمها الصحف!! وظهرت أول جريدة بالمعنى الذى نعرفه الآن اسمها (التايمز) صدر أول عدد بالطريقة المعروفة الآن عام 1785.. وكلمة (التايمز) ترجمتها الحرفية بالعربية (الأوقات) ثم تطورت الترجمة لتصبح (الزمان).. وأصبحت كلمتا التايمز والزمان اسم للصحف التى صدرت بعد ذلك فى معظم أنحاء العالم.
■ ■ ■
وكانت فرنسا - طول عمرها - تنافس إنجلترا فى محاولة سيطرتها على العالم.. احتلت فرنسا سواحل البحر الأبيض المتوسط كلها عدا مصر وفلسطين.. احتلت لبنان وسوريا وتونس والمغرب والجزائر.. وأنشأت فيها المطابع وأصدرت فيها الصحف باللغة العربية.. وكانت لبنان بالذات صاحبة أكبر عدد من الصحف.
وبعد أن تولى محمد على باشا الكبير السلطة بحوالى ربع قرن أصدر أول صحيفة مصرية عام 1828 التى تصدر حتى الآن باسم (الجريدة الرسمية) أو (الوقائع المصرية).. ثم حدث الهجوم الصحفى اللبنانى بعد ذلك على مصر.. بشارة وسليم تكلا (الأهرام) 1875.. ثم دار المعارف (مطبعة تجارية لنشر العلم والثقافة فى كل أنحاء العالم العربى) لصاحبها نجيب مترى (أديب كبير وشاعر) 1890.. ثم دار الهلال (مجلة الهلال والمصور والاثنين والكواكب عام 1892 لصاحبها جورجى زيدان المؤرخ والقصصى الكبير).. ثم روز اليوسف لصاحبتها فاطمة اليوسف عام 1925.. والجورنال ديجيبت لادجار جلاد مع (الزمان المسائية) 19 إبريل 1920.
اللورد كرومر انزعج من الهجوم الثقافى الفرنسى فأنشأ جريدة المقطم (المسائية) 1899 أصدرها ثلاثة من كبار مثقفى العالم هم فارس نمر باشا ويعقوب صنوع وشاهين ماكريوس قيل أيامها: إذا كانت (الأهرام) أنشئت بحجارة من جبل المقطم فنحن أصحاب المقطم نفسه!!
هكذا كان ومازالت أهمية الصحافة فى جميع أنحاء العالم منذ قرون.. ونحن أممنا الصحافة لتنتحر الآن.. وهذا موضوع آخر له أهميته القصوى.. فإلى العدد القادم بإذن الله تعالى.