قال تقرير صادر عن معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، إن التطورات الأخيرة في العراق، بعد سيطرة «داعش» على مدينة الموصل، تعزز اتجاه «التقسيم الفعلي للدولة»، إلى دويلات كردية وسنية وشيعية، وأشار التقرير إلى أن مسيرة تقسيم العراق، بدأت مع سقوط نظام صدام حسين، كما أكد أن التطورات في العراق سيكون لها تأثير عابر لحدود الدولة العراقية، وأنها خلقت تحالفًا غير رسميًا بين كافة جيران العراق، والولايات المتحدة الأمريكية، وإن كان لكل منهم أسبابه الخاصة.
وقال التقرير إن «لسقوط المدن الكبرى في العراق على يد (داعش)، من الممكن أن يكون له تأثير عابر لحدود هذه الدولة»، مضيفًا أنه: «في العراق نفسه يتعزز اتجاه التقسيم الفعلي للبلاد، وهي المسيرة التي بدأت مع سقوط نظام صدام حسين بعد الغزو الأمريكي في 2003. الحكم الذاتي لكردستان هو حقيقة تعترف بها كل الأطراف الإقليمية، وسيطرة أطراف سنية على مناطق في وسط العراق من شأنه، إذا لم يتوقف، أن يؤدي لإقامة حكم ذاتي سني، فيما يسقط جنوب العراق كثمرة في يد إيران. في هذا الوضع ستتحول العراق إلى دولة مصدرة للإرهاب، حيث ستستغل المنظمات المختلفة الفاعلة على أرضه ضعف سوريا لتوسيع عملياتها في الشرق الأوسط».
وتابع التقرير: «من المفارقات، أن كل جيران العراق وأيضًا الولايات المتحدة في تحالف غير رسمي، بينما لكل واحدة منهن أسباب للقلق، على ضوء الأثر الفوري وبعيد المدى للتطورات الأخيرة، إضعاف قبضة الحكومة العراقية المركزية في المناطق السنية من الدولة ربما يخدم المصلحة الإيرانية لتوسيع نفوذها وإقامة اتصال بري تحت سيطرة إيرانية مع سوريا وحزب الله. ولكن هذا الانتصار للأطراف السنية التي لا تعتمد على مساعدة إيرانية لا يبدو في طهران كإنجاز، واحتمالات سقوط مدن هامة للشيعة كالنجف وكربلاء في أيدي المنظمة السنية تبدو في طهران وكأنها كابوسًا».
وعن الرؤية التركية للتطورات في العراق، قال تقرير معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، إن «تركيا أيضًا تنظر إلى التطورات بقلق من حيث أن سيطرة عناصر إرهابية على مناطق بالقرب من حدودها يعزز القلق، من أن يصبح الجنوب التركي، المطل في أجزاء منه على سوريا والعراق، مصدر إزعاج أمني، وهو ما من شأنه التسبب في أوضاع قد تضغط على النظام في أنقرة للقيام بعمليات عسكرية، امتنع عن القيام بها حتى الآن، كما ستكون تركيا مضطرة لمراقبة تسرب عناصر (داعش) إلى أراضيها».
من ناحية أخرى يرى التقرير أن «الأردن أيضًا يراقب بقلق التطورات في العراق، الحرب الأهلية في سوريا تسببت في لجوء أكثر من مليون سوري إلى أراضيه، والحرب في العراق في 2003 دفعت بأكثر من نصف مليون عراقي إلى الدخول إلى الأردن، بعضهم عاد بعد عدة سنوات للعراق، ولكن الوجود العراقي في الأردن مازال يتجاوز الربع مليون مواطن، سيزيدون بدون شك قريبًا على ضوء النزوح الذي بدأ من المناطق التي تم احتلالها من قبل (داعش)».
وأشار التقرير إلى أن المعبر على الحدود مع العراق، يوجد مع محافظة الأنبار، التي حقق فيها «داعش» نجاحات كبيرة منذ بداية 2014، وقال «السلطات الأردنية واجهت ذلك بنجاح، مع المخاطر التي مصدرها مشاكل داخلية، سياسية واقتصادية، ولكن التطورات الأخيرة في العراق وسوريا من شأنها أن تغير هذا التوازن الداخلي الذي تم الحفاظ عليه».
وخليجيًا، قال التقرير الإسرائيلي، إن «دول الخليج تنظر أيضًا بقلق إلى تدهور الأوضاع الداخلية في العراق، وتعزيز تواجد تنظيمات متطرفة غير ملتزمة تجاه الأنظمة المحافظة، حتى لو كانت سنية».
وأوضح التقرير أنه «من المبكر تقدير تأثير سيطرة (داعش) على آبار النفط الرئيسية في العراق، بما فيها المصافي، ولكن مع مرور الوقت، فإن هذا الأمر سيؤثر على قدرة العراق في تصدير النفط، وبالتبعية سيؤثر على استقرار أسعار الطاقة».
كما أشار التقرير إلى أن «القضية الأهم الآن المطروحة على الولايات المتحدة، هي قضية تسليح الجيش العراقي، فكميات السلاح الكبيرة، وهي في معظمها سلاح أمريكي، التي سقطت في الأيام الأخيرة في يد (داعش)، تثير تساؤل كبير حول المخاطر التي ينطوي عليها تسليح الجيش العراقي، أو المتمردين (الجيدين) في سوريا بسلاح متطور».
ولفت التقرير إلى تصريح مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط، آن باترسون، في 9 يونيو 2014، والذي قالت فيه: «يجب أن نعمل سويًا، ونتجاوز خلافاتنا لإيجاد حلول لهذا التهديد»، قائلًا إن «الولايات المتحدة تحتاج أن تأخذ الدور الريادي، ولكنها تحتاج إلى اتخاذ بعد القرارات فيما يتعلق بتسليح الجيش العراقي بأسلحة متطورة».
وأكد تقرير «الأمن القومي الإسرائيلي» أن «إيران قد تحاول تخريب الجهود المشتركة إذا لم تشملها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى ترى أنها يجب أن تحصل على مقابل يتعلق ببرنامجها النووي، وعلى الأقل في كل ما يتعلق بتخفيف العقوبات»، كما أشار التقرير إلى أن «مشاركة إيران، بغض النظر عن موقفها في سوريا وتعاونها الوثيق مع حزب الله، يبدو غير ممكن، ومن الواضح أن كل وجهات النظر الخاصة بإيران تجاه سوريا مرتبطة بالكثير من المشاكل».
وأوضح معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي أن تل أبيب «مهتمة بشكل كبير بنجاح الصراع ضد وجود (داعش) في منطقة الشرق الأوسط، حتى لو كانت عمليات التنظيم غير موجهة ضد إسرائيل في الوقت الحالي، فلا شك في أن تثبيت وجود هذا التنظيم قد يمثل تهديدًا أمنيًا محتملًا على إسرائيل».