كان الدكتور أسعد الحمراني قد أعاد نشر كتاب عبدالرحمن الكواكبى عام ٢٠٠٦ بمناسبة الذكرى المئوية لرحيل الكواكبى وبعد ذلك بعام أصدر الدكتور محمد عمارة كتابا بعنوان «الكواكبى..شهيد الحرية ومجدد الإسلام» تضمن سيرة الكواكبي وتحليل رؤاه وأفكاره، ولعله من الملفت للنظر ذلك التطابق اللافت بين ما ورد في كتاب المفكر السوري الحلبى عبدالرحمن الكواكبي «طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد».
وبين واقع الحكم في المنطقة العربية وبالأخص خلال النصف قرن الأخير رغم أن عمر هذا الكتاب يزيد عن قرن وقد كتب الكواكبى هذا الكتاب مستضيئا بسنوات الاستبداد العثمانى قبيل سقوط الخلافة العثمانية التي كانت سوريا تقع تحت وطأتها وينطبق ما قاله على أنظمة استأسدت على شعوبها ووهنت أمام أعداء الأمة.
ووفقا لما ورد في كتابى الدكتور الحمرانى والدكتور عمارة، تقول سيرة الكواكبي أنه مولود في ١٨٥٤ في مدينة حلب السورية لأبوين من الأشراف تلقى تعليمه في المدرسة الكواكبية التي كان والده مدرساً فيها ومديراً لها وعندما بلغ الثانية والعشرين في ١٨٧٦ عمل في جريدة «فرات» الرسمية، وسرعان ما تركها ليصدر أول جريدة باسم «الشهباء» في حلب بالاشتراك مع السيد هاشم العطار في ١٨٧٧، لكن الأتراك الذين كانوا يحكمون البلاد في تلك الفترة لم يتركوها أكثر من ١٦ عددا على أثر مقالاته النارية ضد الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
لم يستسلم الكواكبي فأسس جريدة الاعتدال عام ١٨٧٩ وواصل فيها مقالاته النارية حتى أغلقت هي الأخرى ومع بلوغ الصراع ذروته الكواكبى والسلطة العثمانية بحلب وبدأت المكائد تحاك ضده، قرر الهجرة إلى مصر ووصلها في ١٨٩٩ وفيها وجد المناخ الحر والجو الصحى الذي يتيح له نشر أفكاره بعيداً عن تسلط العثمانيين، لأن الاحتلال الإنجليزى في مصر كان يتيح قدراً من الحرية لأعداء الأتراك، بالإضافة إلى اجتماع القيادات العربية الثائرة والحرة في أحضان القاهرة.
ولم يكد الكواكبى يستقر في القاهرة حتى استأجر الأتراك العثمانيون أحد عملائهم فحضر إلى القاهرة ودس السم للكواكبى فأدركته الوفاة مساء الخميس «زي النهاردة» في ر١٤ يونيو ١٩٠٢ وشيعت جنازته في موكب مهيب ودفن بقرافة باب الوزير بسفح جبل المقطم على نفقة الخديو عباس الثانى وأقام له الشيخ على يوسف صاحب جريدة «المؤيد» مأتماً استمر ثلاثة أيام.