في بداية كل بطولة يكون هناك منتخبات مُرشحة للفوز باللقب أو الذهاب بعيداً في أقل الأحوال، الآن مثلاً يتحدث الجميع عن أسبانيا، ألمانيا، البرازيل، الأرجنتين كمرشحين للقب، وفي حال خرج أي منهم في الدور الأول أو الثاني، مثلاً، فإن ذلك سيعد مخيباً للآمال الكبيرة بشأنهم.
في تاريخ كأس العالم كان دائماً هناك منتخبات مرشحة قبل البطولة للظفرِ بشيء، تصدق التوقعات أحياناً، وأحياناً أخرى تكون النتيجة كابوسية، ويفيق الجميع من آمالهم العظيمة بخيبة حقيقية، الخسارة برباعية، الخروج من الدور الأول، أو أداء باهت وأهداف قليلة.
في هذا الموضوع نستعرض 5 منتخبات من تاريخ كأس العالم كانت مرشحة للظفرِ باللقب قبل البطولة، قبل أن ينتهي الأمر بخروج مبكر ومهين.
(1) منتخب البرازيل – 1966:
طفل صغير في شوارع ريو دي جانيرو منتصف الستينات يرتدي قميص منتخب البرازيل يحمل الرقم عشرة ويلهو بالكرة في مرددا بيليه بيليه ، رجل أربعيني يجلس على أحد المقاهي يراهن صديقة أن الجوهرة السوداء سيحرز دستة اهداف في كأس العالم ببريطانيا، بيليه نفسه يتحضر ليحمل للبطولة في إنجلترا مهد كرة القدم ليثبت للعالم أجمع أن الساحرة المستديرة موطنها الأصلي هو شوارع ساوباولو وبرازيليا ، ولكن كل هذا تلاشى تماماً بفشل مدوى للمنتخب الكناري الساحر الذي سيطر على بطولتي كأس العالم بنسختيه الماضيتين حتى كاد هذا الفشل أن يطفىء بريق الجوهرة السوداء .
وكانت البرازيل حاملة اللقب للنسختين السابقتين عامي 1958 و 1962 من أقوى المرشحين لنيل لقب هذه البطولة مع وجود بيليه وجارنشيا و وبيلليني وليما اساطير الفريق ضمن التشكيلة الأساسية وتحت قيادة المدير الفني المخضرم فيسينتي إيتالو فيولا صاحب أول لقب عالمي للبرازيل في تاريخها، وعلى الرغم من كل هذا ودعت البطولة من الدور الأول بخسارتين مفاجئتين أمام المجر 3-1 وأمام البرتغال بقيادة أيزيبيو صاحب الأداء الاستثنائي في البطولة بذات النتيجة، وأصيب "بيليه" في هذه المباراة إصابة خطيرة، ما أثر بالسلب على أداء البرازيل لتخرج من الدور الأول بصحبة بلغاريا التي حققت عليها الفوز الوحيد 2-0 ، وقال بيليه بعد تلك البطولة أنه لا يريد اللعب في كأس العالم مرة أخرى، قبل أن يعود ليحمله في المكسيك بعدها بأربع سنوات.
(2) هولندا – 1990:
فرانك ريكارد ، رونالد كومان ، ماركو فان باستن ، و رود خوليت .. هل تتخيل نهائي لأكبر بطولة عالمية خالي من هذه الأسماء التي اجتمعت بقميص برتقالي موحد وبأقدام ساحرة صنعت طواحين هزت بها ارجاء اوروبا وكانت مصدر ذعر لأكبر المنتخبات العالمية ؟ كانوا أهم المرشحين لنيل كأس العالم بعد الفوز بيورو 1988، واعتقد الناس أن اقصاءهم يحتاج لمعجزة، ولكن كرة القدم تعترف بالمعجزات .
منتخب طواحين الهواء عُرف بكرته الجميلة التي جعلته يتوج بلقب بطولة أوروبا لسنة 1988 باداء ساحر جعل فان باستن يحرز واحد من اجمل الاهداف في التاريخ في مرمى الاتحاد السوفيتي حينها ، كما حصد لقب هداف البطولة ، هذا الفريق خرج من دور الــ 16 لكأس العالم 90، ودون الفوز بلقاءٍ واحد، بعد أن كان أحد المنتخبات المرشحة للفوز باللقب ، وذلك بعد مشوار بدأ بعد غياب نسختين، بلقاء منتخب مصر، وانتهت المباراة بنتيجه «1-1»، وفي المباراة الثانية تعادل أيضًا مع إنجلترا «0-0»، وفي المباراة الثالثة تعادل «1-1» مع أيرلندا، ليتأهل إلى الدور الثاني بـ3 تعادلات، وودعت هولندا كأس العالم بخسارتها من ألمانيا الغربية «2-1» ، ولم يتمكن فان باستن من تسجيل أي هدف بسبب الرقابة والخشونة التي يتعرض لها في كل مباراة من لاعبين الخصم ، كما أثرت عدم فاعلية رود خوليت العائد من الاصابة على اداء الفريق وجعلته يظهر على غير مستواه المعهود .
(3) كولومبيا – 1994:
من ينسى صدة العقرب لهيجيتا ، من يستطيع أن يخطيء فالديراما بقصة شعرة الغريبة ولمساته الساحرة في الملعب ، من لا تحتبس انفاسه عندما يرى المهاجم العداء «اسبيريلا» ينطلق نحو المرمي متخطيا أقرب المدافعين للكرة ، من يستطيع تجاهل صلابة لاعب الوسط الفاريز وقلب الدفاع اندريس اسكوبار؟ منتخب كولومبيا الاستثنائي الذي تأهل لنهائيات كأس العالم سنة 1990 تحت قيادة مدير فني مخضرم يدعى فرانشيسكو ماتورانا بعد 28 عام من الغياب يسعى إلى اسعاد الشعب الكولومبي مرة أخرى بعد أن واجهت البلاد العديد من المشكلات السياسية، عاد ليجمع نخبة من ألمه نجوم البلاد ليقدم بهم افضل كرة قدم في تاريخهم ، فقد لعبوا 28 مباراة رسمية وودية، خسروا مرة واحدة، ولم يدخل في مرماهم سوى هدفين في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 1994 وكانت آخر مباراة لهم ضد الأرجنتين ويحتاجون إلى التعادل فقط للتأهل، ولكن هذا الفريق الواعد لم يكتفي بالتعادل فقط وسحق المنتخب الأرجنتيني 5 -0 وذلك على ارضه ووسط جماهيره بالعاصمة بيونس أيريس ، مما جعل أسطورة كرة القدم بيليه يرشحهم للفوز بكأس العالم 1994 .
استهل المنتخب الكولومبي مباراياته في كأس العالم بمواجهة رومانيا، التي استعدت بشكل كبير لهذا المنتخب وساهم خطأ من بديل الحارس هيجيتا في تقدم رومانيا بهدف أول لجورج هاجي صعب المهمة على كولومبيا وجاء أداءهم على عكس المتوقع، وانتهت المباراة بنتيحة 2-0 ، جاءت الهزيمة مخيبة لأمال الكثير من الكولومبيين وخصوصا رجال العصابات المراهنين الذين اختطفوا شقيق أحد اللاعبين وقتلوه وارسلوا رسالة تهديد للمنتخب انه اذا خسر مرة أخرى ستتكرر هذه الواقعه مما اصاب اللاعبين بالذعر وأثر على اداءهم في باقي المباريات، وجاءت مباراة كولومبيا أمام البلد المضيف الولايات المتحدة وأخطأ المدافع اسكوبار وأحرز هدف في مرماه كان بمثابة المحفز للطلقات الست التي خرجت من مسدس لأحد رجال العصابات الذي قتله عندما عاد إلى موطنه، ولم يشفع لكولومبيا فوزها على سويسرا بهدفين لتخرج خالية الوفاض من الدور التمهيدي للبطولة لتكتب الرهانات وعصابات امريكا اللاتينية شهادة وفاة أحد اكثر المنتخبات الواعدة في ذلك الوقت .
(4) الأرجنتين – 2002:
منتخب خارق عجزت قارة أمريكا الجنوبية بكل سحرها عن مواجهته، فصانع ألعاب كأورتيجا ومهاجمان كباتيستوتا وكريسبو وخلفهم لاعب خط وسط ساحر كفيرون ومقاتل كالقائد سيميوني كفيلين بأن يواجهوا أقوى منتخبات العالم ، فماذا لو ذكرت لك ان في الدفاع أيضا أيالا وصامويل وزانيتي ، فهل يمكن هزيمة منتخب كهذا ؟!
تمكنت الأرجنتين في ذلك الوقت من بسط سيطرتها من بداية التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2002 وحتى اخر لحظة تحت قيادة المدرب مارسيلو بيلسا صاحب الطغيان الهجومي والذي لا يعترف الا بالمناورات في منطقـة الخصم، ولم تعرف تصفيات هذه القارة منذ بدايتها سيطرة منتخب واحد مثل ما فعل زملاء باتيجول الذين بات «اللعب امامهم جحيما»، وذلك كما اختصر مدرب كولومبيا فرانشيسكو ماتورانا اراء جميع نظرائه.
بدأ راقصي التانجو مبارياتهم بكوريا واليابان باداء عادي أمام نسور نيجيريا وفوز بهدف يتيم أحرزه نجم الفريق باتيجول، ثم خسر أمام منتخب انجلترا بهدف بيكهام رغم سيطرته على أغلب أوقات المباراة، وأنهى رفاق اورتيجا وسيميوني مباريات الجولة الأولى بتعادل باهت أمام السويد بهدف لكل منهما ، لتغرب شمس منتخب يضم اقوى لاعبي العالم عن ارض محاربي الساموراي ، غروب بلا عودة .
(5) إنجلترا – 2010:
يدخل المنتخب الإنجليزي الشهير بالأسود الثلاثة المونديال الأفريقي كأحد المرشحين لحمل اللقب ،كما وصف النقاد هذا الجيل بانه القادر على إنهاء جفاف اقترب أن يبلغ نصف قرن من العمر ،فيكف لمهد كرة القدم أن تتوج مرة يتيمة بأكبر بطولة عالمية للعبة؟ وكيف يجتمع فرانك لامبارد مع ستيفن جيرارد وواين روني وفيرديناند وتيري في فريق ولا يكون من المرشحين للبطولة ؟ كل هذه العوامل مع وجود مدرب مخضرم ذو شخصية صارمة كفابيو كابيلو جعل إمكانية رفع جيرارد لكأس البطولة قوية للغاية.
ولكن النتيجة كانت اداء مخزي ومخيب للآمال من الجميع بدون استثناء، بداية من أصغر لاعب في المنتخب مروراً بالنجوم وصولاً إلى الطاقم التدريبي بقيادة كابيلو، انتصار وحيد بهدف على سلوفينيا وهدف بالصدفة في شباك الولايات المتحدة في مباراة انتهت بالتعادل وتعادل سلبي أخر مع المنتخب الجزائري، إنهاء الدور الاول بمجموعة سهلة في المركز الثاني، بهدفين فقط وهدف في مرماك، ليتم ملاقاة ألمانيا في دور الـ16 وتحدث الفضيحة الأكبر في تاريخ الكرة الانجليزية في كأس العالم على مستوى النتيجة بالخسارة 4-1 مع الرأفة في ظل مستوى سيء للغاية، لتودع انجلترا البطولة ويكتشف الأسود الأنجليز ان أحفاد هتلر لقنوهم درسا قاسيا وأوقفوا زحفهم نحو الاستحواذ على لقب بطل العالم ومنعوهم من رفع علمهم بجنوب إفريقيا واعلانها مستعمرة جديدة للأنجليز .