تعددت الشهادات وتنوعت وأحيانًا اختلفت وتضاربت حول الأسباب والمقدمات، التي أدت لوقوع نكسة 1967، لكنها تظل الحدث الأسوأ في تاريخ مصر وبخاصة مع تداعياتها الخطيرة، التي نعيش آثارها إلى اليوم، فخلال 6 أيام فقط احتلت إسرائيل من الأراضى العربية ما لم تكن تحلم به.
وخلفت «النكسة» آثارًا سيئة في نفوس العرب والمصريين، بعدما وقعت «زي النهاردة» في ٥ يونيو ١٩٦٧، حين شن سلاح الجو الإسرائيلي هجومًا مباغتًا على جميع المرافق الجوية المصرية ودمرها خلال ٣ ساعات، فضربت المطارات والقواعد الجوية وحطمت طائراتها وحدث ارتباك لدى القوات المصرية بسبب قرار الانسحاب العشوائي.
وكما أشرنا فهناك أكثر من شهادة مهمة حول «النكسة» لقادة عسكريين عاصروها، ومن هذه الشهادات، شهادة اللواء أركان حرب مصطفى ماهر أمين، الذي قال إن «الرئيس شارل ديجول أخطر الرئيس عبدالناصر بأن إسرائيل ستهجم على مصر في الساعة التاسعة والنصف صباح الخامس من يونيو، أثناء تناول الطيارين إفطارهم».
وقال إن «عبدالناصر رفض توجيه ضربة جوية استباقية»، فيما كانت هناك شهادة أخرى للفريق أنور القاضي، رئيس هيئة العمليات للقوات المسلحة، يقول فيها: «كان من المفترض أن يوجه الطيران المصري ضربة جوية مفاجئة ضد مطارات إسرائيل ودفاعاتها الجوية وحشودها مع أول ضوء في فجر ٢٧ مايو، وصدرت الأوامر بالفعل لكن فجأة وفى الساعة الثالثة صباحًا صدرت أوامر أخرى من القيادة العليا بإلغائها عقب مقابلة جرت بين عبدالناصر والسفير السوفيتي، الذي أبلغه رسالة القادة السوفييت لمنع مصر من بدء أي عمليات عسكرية».
ويكمل «القاضي»: «إنه في يوم ٢٢ مايو أعلن الرئيس عبدالناصر بصفته القائد الأعلى إغلاق خليج العقبة أمام الملاحة الإسرائيلية، دون الإعداد لتوابع لهذا القرار من استعدادات عسكرية وانسحبت قوات الطوارئ الدولية نزولًا على رغبة مصر».
ورغم النكسة فالمصريون ثأروا لكرامتهم عبر عمليات الاستنزاف ونجحت القوات المصرية في إلحاق خسائر فادحة بالاحتلال في حرب الاستنزاف في معركتي رأس العش ورأس العين، ودمروا المدمرة إيلات وفجروا الحفار الإسرائيلي في المحيط الأطلنطى ونجحوا في تدمير ميناء إيلات فضلًا عن عمليات (المجموعة ٣٩ قتال) في الجيش المصري بقيادة العميد إبراهيم الرفاعي.
وقد أعادت هذه العمليات الثقة للجنود المصريين ومهدت لحرب ٦ أكتوبر ١٩٧٣، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية في نهاية حرب الاستنزاف قد سارعت لإنقاذ إسرائيل عبر مبادرة «روجرز» لوقف إطلاق النار.