رجل الدبابة.. «المتمرد المجهول» في وجه الصين الشيوعية

كتب: معتز نادي الخميس 05-06-2014 01:19

طوال 6 أسابيع خرج مئات الآلاف في الصين، عام 1989، للمطالبة بإصلاحات ديمقراطية في مظاهرات سلمية، وصفت، آنذاك، بأنها الأكبر من نوعها ضد الحكم الشيوعي، منذ قيام جمهورية الصين الشعبية، عام 1949.

المظاهرات شهدتها ساحة ميدان «تيان آن من» أو «ميدان السماء» في الصين، وكان رد السلطات وقتها قتل المئات في شوارع بكين، وبعد مرور ربع قرن خرجت تقول إنها اختارت المسار الصحيح من أجل الشعب.

وترسم هيئة الإذاعة البريطانية ملامح المشهد، فتكتب أن الجيش الصيني بناء على أوامر من الحزب الشيوعي الحاكم، سحق المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية في ميدان «تيان آن من»، فيما تميزت تلك الاحتجاجات بصورة «رجل الدبابة»، التي يراها موقع «دويتشه فيله» الألماني، صورة رمزية من صور القرن العشرين، وصورة تاريخية لا تنسى ومازالت تنسخ وتوزع وتستخدم وتحول لعدة أغراض رغم الرقابة الصارمة، التي يفرضها النظام الشيوعي الصيني.

ويحكي الموقع الألماني عن تجرأ ذلك الرجل في 5 يونيو 1989 قبيل الظهر وغداة سحق ربيع بكين بشكل دام، على أن يوقف زحف دبابات جيش التحرير الشعبي، في موقف يشبه رجل المدرعة في مصر إبان ثورة 25 يناير.

رجل المدرعة

الرجل الصيني كان وحيدَا في الشارع ويرتدي قميصًا أبيض وسروالًا داكنًا يمسك بكيسين في كل يد، وانتصب واقفا وسط شارع السلام الأبدي الموازي لساحة «تيان آن من»، التي طرد منها طلاب كانوا يحلمون بالديمقراطية.

وحاولت إحدى الدبابات التحرك بينما وقف الرجل الصيني أمامها يلاحقها ولا يعطيها حرية إكمال مسيرتها في الميدان، ويشير الموقع الألماني إلى أنه دخل في «حوار غريب» مع سائقها قبل أن يزيحه من مكانه مجهولون، ربما من المارة أو من شرطيين بالزي المدني.

ويكمل: «ببروزه لبضع دقائق بشجاعة في عاصمة حاصرها الجنود، تحول (المتمرد المجهول) إلى أسطورة لا تنسى، عززها اختفاؤه على الأرجح بين أيدي قوات الأمن»، ناقلًا عن المنشق المشهور «هو جيا» أن «ما فعله يرمز إلى أفكار شباب تلك الفترة».

وعن اسم رجل «الدبابة»، فقال بعضهم إنه يدعى وانج ويلين، لكن ذلك لم يتأكد، فيما لزمت السلطات الصمت الأبدي، وبعد سنة على تلك الوقائع أخرجت الصحفية المشهورة في التليفزيون الأمريكي، باربرا وولترز، فجأة صورة «رجل الدبابة» خلال مقابلة مع جيانج زيمين، الرجل الثاني في الصين، وسألته: «ما الذي وقع لهذا الشاب؟»، فحاول «جيانج» المراوغة، مشيرا إلى أن «الدبابة لم تدهسه ثم أكد أنه لا يعرف مصيره»، وفقًا لسطور «دويتشه فيله».

والتقط الصورة أحد مصوري وكالة «أسوشيتد برس»، جف ويدنر، من شرفة فندق بكين، لكن رغم أنه لم يكن الشاهد الوحيد، الذي رسم صورة «رجل الدبابة» على الشريط، كانت صورته هي، التي حازت المجد ونشرت في العالم أجمع باستثناء الصين، واختارتها «أمريكا أون لاين» واحدة من أشهر 10 صور في التاريخ.

ومنذ 25 سنة استخدمت الصورة مرات عدة من طرف منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان وعدد من المحتجين، حيث ألهمهم ذلك الرمز رغم أنه يظل غير معروفًا في الصين الخاضعة لرقابة شديدة.

وتشير هيئة الإذاعة البريطانية إلى أن الصين فرضت حصارًا تكنولوجيًا على ما يسمى «مذبحة تيان آن من»، وحُجبت كلمات البحث المرتبطة بها، وفرضت قيودًا على الدخول لموقع «جوجل»، حال رغبة أي شخص استقاء معلومات عن ذلك الأمر.

لدرجة أن صورة «رجل الدبابة» لم يكتشفها «هو جيا» إلا بعد سنوات من رواجها في العالم أجمع، وقال: «في فترة كان قليل من الناس يملكون أجهزة تصوير، هذه الصورة لا تقدر بثمن، وربما قتل رجل الدبابة أو زج به في السجن أو هرب إلى الخارج، لكن لا يهم ذلك في الحقيقة لأنني أظن أننا كلنا رجل الدبابة، ومن هذا المنظور، سيعيش إلى الأبد».