خصص الرئيس المنتخب عبدالفتاح السيسى معظم حملته الانتخابية للحديث عن القضايا الداخلية، وهموم المواطن المصرى، وقال القليل عن العالم خارج حدود بلاده، عن استقرار ليبيا والدفاع عن الخليج.
وقد تباشرت بعض المواقع المحسوبة على النظام السورى بأن الرئيس المصرى الجديد يقف مع «سوريا»، من منطلق معاداته للجماعات الإسلامية المتطرفة، ومحاربته لجماعة الإخوان المسلمين!
فهل نعرف كيف يفكر الرئيس المنتخب حيال القضايا الإقليمية؟ لا، ليس بعد. شخصياً، زرت الرئيس السيسى مرة واحدة فى مكتبه، وذلك قبل ثلاث سنوات، عندما كان رئيساً للمخابرات الحربية، وعضواً فى المجلس العسكرى الذى تلا سقوط مبارك. كان ذلك بُعيد الثورة بفترة قصيرة. لم ألمس فيه شخصية حادة، ولا تتملكه أفكار عدوانية. بدا واقعياً وهادئاً، وإن كان قلقاً على مستقبل مصر، خوفاً عليها من الفوضى.
لا ندرى بعد مع مَنْ يقف على مسرح السياسة الدولية، لكن نتوقع أن تخرج مصر من عزلتها وتبدأ خلال الأسابيع المقبلة فى التعاطى مع الملفات الخارجية المتعددة، بعد غياب طويل منذ إقصاء محمد مرسى العام الماضى.
وحتى نعرف سياسته حيال القضية الأصعب والأكثر سخونة إقليمياً: سوريا، لا بد أن نسأل قبل ذلك عن موقف الرئيس المنتخب من إيران؛ أين يقف؟ لأسباب مصرية مباشرة نتوقع أن يكون السيسى أكثر عداءً لإيران من الرئيس المعزول حسنى مبارك، الذى أمضى معظم رئاسته على قطيعة مع نظام الملالى فى طهران.
إذا كان السيسى فعلاً يرى النظام الإيرانى خصماً، يصبح من المؤكد أنه إلى جانب الثورة السورية، وتحديداً الائتلاف والجيش الحر، أى فى صف السعودية والإمارات والأردن وبقية الدول العربية المعتدلة، فسوريا هى الذراع الطويلة لإيران فى المنطقة، وكانت الداعم لحماس والجهاد الإسلامى المواليتين لطهران، وكذلك «حزب الله».
لكن قبل عام ردد أحد المحسوبين على معسكر السيسى قوله: نحن مع الأسد، لأن هناك مؤامرة خارجية للقضاء على الجيوش العربية، فقد أُبيد جيش صدام، والآن تتم محاصرة جيش الأسد، وإن الجيش المصرى لن يقبل بهذه المؤامرة! وأنا أستبعد تبسيط النزاعات الإقليمية، فالجيوش أداة ضمن منظومة الدول.
فى تصورى أن الرئيس السيسى سيعزز كفة أقرب الحلفاء إليه، مثل السعودية، وسينصر الثورة السورية ويقلب المعادلة على إيران. ليس لأنه فقط ضد إيران، وضد الإخوان، بل أيضاً من المهم إعادة رسم المنطقة كتحالفات تعيد ترتيب المنطقة، وتؤمّن استقرارها، وبذلك سيقطع الطريق على صناع الفوضى فى المنطقة الذين كانوا سبباً فى تخريب الثورة المصرية منذ أول أسابيعها، وأعنى بهم الذين تسللوا إلى مصر من «حزب الله» وحماس والجهاديين، وفتحوا السجون وأطلقوا المحكومين من مساجين الإرهاب. لذا، فإن كل الطرق ستؤدى إلى دمشق.
* نقلاً عن الشرق الأوسط اللندنية