5 يونيو 67: هزيمة أم نكسة؟

السيد أمين شلبي الإثنين 02-06-2014 22:18

سيظل ما تعرضت له مصر فى 5 يونيو 1967 جرحاًً عميقاً فى عقل وقلب المصريين، وستظل حتى الأجيال التى لم تعاصره تتوقف عنده وتتساءل عما أصاب القدرة العسكرية المصرية من شلل فى خلال 6 ساعات، أجهز فيها العدو على القدرة الجوية وهى على الأرض، منهياً بذلك أى قدرة على المقاومة.

وقد تفتح الوعى الوطنى لكاتب هذه السطور فى أوائل الخمسينيات، وإن كان قد وعى أيضا فى نهاية الأربعينيات ثلاثية الاحتلال الأجنبى وفساد الملك وتهرؤ الأحزاب، ولذلك استقبل، شأن كل المصريين، تحرك الجيش فى يوليو 1952، الذى تطور بالتأييد الشعبى الكاسح إلى ثورة حقيقية، وآمن بقيادتها التاريخية متمثلة فى شخص جمال عبدالناصر، وقد ظل هذا الإيمان حتى 1967 حين أظهر الحدث انهيار النظام، فقد كانت مصر متورطة لسنوات فى حرب اليمن بشكل أنهك جيشها، وإقليميا كان العالم العربى مقسما، ودولياً كانت القوة الأعظم وهى الولايات المتحدة فى خصومة مع مصر منذ الخمسينيات وكان رئيسها، ليندون جونسون، ينتظر الفرصة «لاصطياد» خصمه، جمال عبدالناصر.

وفى أعقاب الحرب مباشرة، كان التساؤل الرئيسى والجدل حول ما إذا كان ما حدث هزيمة أم نكسة؟. الواقع أن حجم ما حدث للجيش المصرى يبدو فنيا أنه هزيمة، غير أن النظر فى تطوراته يوحى بغير ذلك، فالهزيمة تعنى أن الطرف المهزوم قد استسلم وقبل نتائج الهزيمة وما فرضته من أوضاع، غير أن الأمر كان عكس ذلك بالنسبة لمصر وجيشها، فبعد أيام من الحرب وعلى المستوى الجماهيرى، كان خروج ملايين المصريين رفضا لاعتزال عبدالناصر هو فى الحقيقة رفضا للهزيمة وعدم القبول بها، ودعوة لاستنهاض الجيش ومقاومة الاحتلال، وهو ما بدأ مباشرة بعملية إعادة بناء الجيش وتغيير قيادته، وإدخال الأجيال المتعلمة فى صفوفه، والاشتباك اليومى مع العدو عبر سيناء، وكانت معركة إغراق المدمرة إيلات رمزاً على ذلك، وحيث تطورت إلى ما أصبح يعرف بحرب الاستنزاف، رغم التضحيات فقد أثبتت هذه الحرب إرادة وتصميم مصر على رفض الهزيمة، وقد تورط بعض المؤرخين فى انتقاد حرب الاستنزاف، ولكن التطورات أثبتت أنها كانت الأساس الذى بنيت عليه وعلى خبراتها حرب أكتوبر 1973 وإثبات العسكرية المصرية نفسها فى إنجاز عسكرى أوصل الجيش المصرى إلى سيناء، ويستخلص القادة العسكريون الذين عاصروا حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر أنه لا يمكن فصل الأخيرة عن الروح والإرادة وإعادة التنظيم والتخطيط الذى خلقته حرب الاستنزاف.

غير أنه إذا كنا قد استخلصنا أن ما جرى لمصر فى 5 يونيو عام 1967 لم يكن هزيمة نهائية وإنما نكسة تم تجاوزها، فإن هذا لا ينفى أن ندوبا ستظل عالقة بنا وكذلك الدروس التى قدمتها حول نظام الحكم وأسلوب اتخاذ القرارات المصيرية الكبرى.

* المدير التنفيذى للمجلس المصرى

للشؤون الخارجية.