فى دهشة وتعجب، يشاهد المصريون ومعهم شعوب الدول العربية الشقيقة ظاهرة إيجابية وصحية تحدث لأول مرة فى المنطقة العربية ألا وهى أن رئيس الجمهورية يذهب بنفسه - برضا كامل ونفس مستنيرة ووجه غير مخزى ووطنية بلا رياء - إلى لجنة انتخابية ليدلى برأيه الانتخابى فى انتخاب رئيس جمهورية لمصر. لم يحدث هذا الأمر من قبل!! ففى العهد الملكى كان ولى العهد يخلف والده فى الملكية، ثم فى العهود الرئاسية المتتالية جاء الرئيس التالى بعد وفاة الرئيس السابق سواء كانت الوفاة طبيعية (الرئيس جمال عبدالناصر) أو عملية اغتيال (الرئيس أنور السادات) أو عملية خلع (ثورة 25 يناير 2011) أو عملية عزل (ثورة 30 يونيو 2013). لكن اليوم شاهدنا الرئيس عدلى منصور يتوجه بنفسه إلى مقر اللجنة الانتخابية ليختار الرئيس القادم لمصر. إنها ظاهرة إيجابية تستحق التسجيل وتحسب للمصريين.
مصر هى مهد الحضارة، وهى الأرض المقدسة، وهى مفصل الشرق بالغرب، بل هى أول من أسس الدولة المدنية فى عهد الملك مينا، لذلك ليس من المستغرب أن تنهض وتنفض عن نفسها غبار التخلف الذى تراكم عليها طوال عقود من الزمان. كانت البداية الحقيقية فى ثورة 25 يناير، ثم فى 30 يونيو، وتحقق الأمل فى خارطة طريق مذهلة، سطرها المصريون بوطنية صادقة تحملوا الصعاب والآلام، لكن كان الصمود هو شعار العام الذى مضى، ولما رأى الله - تبارك اسمه - قوة تحمل هذا الشعب، عوضهم بالبركات الكثيرة التى يستحقونها. فأقام من بينهم رئيس جمهورية متحلياً بالحكمة والهدوء وعدم الطمع والصدق فى الوعود، وهكذا تمضى الأيام ويشاهد المصريون روحاً جديدة تسرى فى دماء المصريين.. طوبى للشعب الذى آمن بالله، ولن يخزى الله من أتكل عليه، ولنتذكر وعد الله لشعبه: (لا تخف لأنى معك، ولا تتلفت لأنى إلهك، قد أيدتك وأعنتك وعضدتك بيمين قوتى). لقد مضى الكثير ومتبق القليل، فلنلتحف بالصبر ليتحقق الخير الذى نريده.
د. مينا بديع عبدالملك - أستاذ الرياضيات بهندسة الإسكندرية