حكاية بنت اسمها ماهينور

نور الهدي زكي الأربعاء 28-05-2014 23:08

توقفت أمام الاسم غير المألوف، ماهينور، اسم لشابة صغيرة ربما جاوزت العشرين من عمرها، عرفتها من صوتها المرتفع بالثورة والغضب، ثائرة من يومها، ويومها أو أيامها كانت قبل وبعد ثورة يناير، شابة، غاضبة ونقية وعفية، كان فى إمكانها أن تعيش مطمئنة ومرفهة وهى بنت أسرة ميسورة الحال، وتلقت تعليما جيدا وتحدثت الفرنسية والإنجليزية، وسكنت فى حى راق. فقدت ماهينور إحدى عينيها وهى طفلة، ولم تدرك الطفلة حينها أن نضالا كُتب عليها أن تخوضه، وأن القدر يعدها هى وغيرها لمواجهة كبرى، مواجهة مبارك، والمجلس العسكرى والإخوان، ومواجهة تمتد حتى الآن.

أشعلت ماهينور غضب الشباب فى الإسكندرية ضد مبارك، وشق صوتها صمت الإسكندرية بهتافها (مصر فى عهدك سجن كبير)، شق صوتها صمت الإسكندرية ضد طوارئ مبارك، وكانت من أوائل من كشفوا وقائع مقتل خالد سعيد، وأوائل من أعدوا لثورة يناير وتنسيقية ٣٠ يونيو، وتلقت صفعة على وجهها من ضابط أمن دولة وهى تصرخ رفضا للتوريث وكشفا لقتل خالد سعيد، ولم تدخر جهدا ولا وقتا فى مساندة العمال فى شركات البترول بمنطقة وادى القمر فى الإسكندرية عندما اعتصموا وثاروا ضد الأغنياء أصحاب الأعمال الذين أكلوا حقوقهم.

تجرعت الشابة مرارة وظلم السجن فى سنة مرسى، اتهموها بتهم لا يقدر عليها إلا العصابات والمجرمون والهاربون من الحياة إلى المجهول (مثلهم كده)، اتهموها باقتحام قسم شرطة وإتلاف محتوياته، وفتح باب الحجز لتهريب محتجزين، وتعطيل العمل داخل القسم، والتجمهر وتعطيل المرور وضرب وترويع المواطنين والاعتداء على الضباط، ونسوا فقط قلب نظام الحكم.

والآن ونحن نستعد لبناء دولتنا الجديدة التى لا يجوز أن تسجن فيها ماهينور وغيرها، والآن ونحن نطلب إشارة للمستقبل الذى ينتظره شباب وشابات دفعهم حبهم للعدل وغيرتهم على الوطن وكراهيتهم لمن حاولوا سرقة ثورة كما سُرق وطن بأرضه ومياهه وموارده وشبابه وعقوله، والآن ونحن على أبواب عهد نتوسم فيه الحرية والعدل والمواطنة والمساواة وحقوق الإنسان وكل ما دفع شبابنا ثمنا لأجله من أيامهم وعيونهم، عهد نراهن عليه ونبدأ البناء معه، عهد لا مكان فيه للانتقام من الشباب والانتقام من ثورتنا أو ثورتينا، عهد ليس فيه عوز ولا امتهان للكرامة ولا قتل لخالد سعيد ولا سجن لماهينور، عهد مصر الجديدة أو مصر الجميلة، قولوا يا رب.