أكد إعلاميون مشاركون في منتدى الإعلام العربي الذي انعقد في دبي الأسبوع الماضي، أن غالبية الإعلاميين في الوطن العربي غير مؤهلين لكيفية التعامل مع القضايا السياسية، ومعظمهم لا يتعاملون بموضوعية أو حيادية.
وسلط المنتدى الضوء على واحدة من أهم القضايا التي أثرت في الإعلام العربي وهي قضية مصداقية وسائل الإعلام، خاصة بعد الأحداث التي عرفت بالربيع العربي وكيفية الالتزام بقواعد وأخلاق المهنة، والفصل بين واقع متحيز من بعض وسائل الإعلام العربية، والمفروض والمرجو أن يقوم على الموضوعية سواء في الطرح أو المعالجة أو كيفية التناول في ندوة بعنوان «الإعلام العربي.. سؤال المصداقية» والتي شارك فيها عدد من الأكاديميين حيث أكد باسم الطويسي، عميد معهد الإعلام الأردني، أن المصداقية مفهومها نسبي ويعتمد علي تفسير المتخصصين والممتهنين لكنه في النهاية هو خلاصة التوازن والحياد والدقة والموضوعية والحرفية.
فيما أكدت فدا باسيل الإعلامية في قناة «بي بي سي العربية» أن أمر المصداقية أصبح على المحك، وأن الإعلام سقط في فخ التوجيه، وفقد دوره المتوازن الباحث عن الحقيقة، وهو الأمر الذي أكدته الدكتورة نجوي كامل، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة قائلة: إن الإعلام العربي لا يعرف معنى الحياد لكنه يتبني المواقف وهو ما لا يعني الانحياز الكامل لقضية ما، مضيفة أن بين الانحياز والحياد مساحة يمكن معالجتها بالمهنية.
وطالب عدد من المشاركين في المنتدى بإيجاد نوع من الرقابة على وسائل الإعلام الجديد على شبكة الإنترنت رغم ما تقدمه من أخبار لحظة وقوع الحدث للحد من الشائعات التي تنتشر وتؤثر سلبًا على المجتمعات وقد تسبب الأذى لبعض الأشخاص، لأن المعلومة تنتقل بشكل سريع دون التحري عن مدي دقتها أو مصداقيتها.
ولكن البعض خالف الرأي السابق في أن الرقابة على الإعلام الجديد ربما تحد من حرية المستخدمين وبالتالي من حرية الرأي والتعبير.
ومن جانبه، أكّد رئيس مجلس إدارة «مجموعة MBC» الشيخ وليد الإبراهيم أنه يخشى على الإعلام العربي من النظرة الضيقة إلى المنافسة، ومن بعض الوسائل الإعلامية التي تأخذ الإعلام في اتجاهات خاطئة، مؤكدًا في الندوة التي أدارها الدكتور عادل الطريفي، رئيس تحرير جريدة الشرق الأوسط، أنه مع استقرار مصر، وكل ما يحفظ أمنها ومصلحتها الوطنية.
لافتًا إلى أن المشير «عبد الفتّاح السيسي هو مثال للجرأة والإقدام ومواجهة التطرّف»، داعيا «الشعب المصري ليقول كلمته في الانتخابات الرئاسية»، مؤكّداً أنه مع ما سيقرّره الشعب المصري.
وقدّم الإبراهيم رؤيته حول مستقبل الإعلام العربي، مؤكّداً أن ثورة المعلومات والاتصالات والتكنولوجيا تحمل مزيجاً من الفرص والتحدّيات لكن يبقى الإنسان هو محور التطوّر التكنولوجي وغايته.
وتناول ما يحدث هذه الأيام في مصر، متطرّقًا إلى ما تتعرّض له المجموعة من حملة غير مبرّرة، تتمحور بشكل أساسي حول مسألة تعاقدها مع «اتحاد الإذاعة والتليفزيون».
وقال رئيس «مجموعة MBC» إن تنفيذ اتفاقية التعاون المشترك يؤدّي عملياً وتدريجياً إلى عودة التليفزيون المصري إلى سابق عهده من التطوّر والأداء والمنافسة والعائدات الإعلانية، مؤكّدًا أن مثل هذا الأمر «لا يُرضي بعضهم، لأن لا مصلحة فعلية لديهم في نهضة التليفزيون الرسمي».
وكشف عن مفاوضات جرت في الآونة الأخيرة مع عدد من وسائل الإعلام الخاصة في مصر، بهدف الاستثمار فيها أو امتلاكها، قبل اتخاذ القرار بالتعاون مع «ماسبيرو»، متسائلاً: «هل كنا جيّدين ومفيدين لمصر حينما كانت تلك الوسائل الإعلامية – المعترِضة اليوم - تتفاوض معنا وتبحث عن شراكتنا، وأصبحنا فجأة «ضد المصلحة الوطنية»، عندما قرّرنا التعاون مع التليفزيون الرسمي المصري (ماسبيرو)؟!».
ودعا المعترضين على اتفاقية التعاون إلى انتهاج درب المنافسة الشريفة، في سوق إعلامية وإعلانية تكون مفتوحة، ويكون المعلِن والمشاهد فيها هما الحكم، وإليهما الاحتكام».
وشدّد على أن «MBC مصر» هي قناة مصرية خالصة، وتحتل اليوم المركز الثاني بين الفضائيات المصرية، مشيراً إلى أنه مع استقرار مصر، وكل ما يحفظ أمنها ومصلحتها الوطنية.
أما عن ردود الأفعال حول انضمام الإعلامي د. باسم يوسف إلى «MBC مصر»، فاعتبر أبراهيم أن الجدل الذي أُثير حول «البرنامج» يعود أساساً إلى الاحتقان في الشارع المصري، لافتاً إلى أن «من غير المنصف تحميله أكثر مما يحتمل، ومضمون حلقات (البرنامج) يُحدّدها باسم يوسف وفريقه، ونحن لا نتدخّل فيها».
ورداً على سؤال عن إمكان إطلاق المجموعة قناة إخبارية عالمية، تساءل الإبراهيم ما إذا كانت «الجزيرة الإنكليزية» ناجحة فعلاً في الولايات المتحدة الأمريكية كي نقتدي بها، معتبراً أن «المحطة لم تتمكّن من حجز مكانها لدى المشاهد الأمريكي، خصوصاً عند مقارنة تكلفتها وأدائها بنظيراتها»، خالصاً إلى أن «من غير المنطقي إنشاء قنوات لا جدوى اقتصادية لها».
ولفت آل ابراهيم إلى تبوُّؤ قناة «العربية» الموقع الأول بين القنوات الإخبارية في المنطقة، وتسجيلها أعلى نسب مشاهَدة، ونيلها ثقة المعلِنين وعالم المال والأعمال، ووصول عدد متابعيها مؤخراً إلى أكثر من 27 مليون مشترك مسجّل على شبكات التواصل الاجتماعي. واستغل آل ابراهيم المناسبة ليوجّه رسالة إلى «صديقي أبو خالد الأمير الوليد بن طلال»، عندما اعتبر أن «العربية» هي قناة «الحُكّام»، و«الجزيرة» قناة «الشعوب»... فسأل: «هل أصبح عدد الحُكّام 27 مليونًا؟».
في مجال آخر، قدّم آل ابراهيم رؤيته حول مستقبل الإعلام العربي، مؤكّداً أن «ثورة المعلومات والاتصالات والتكنولوجيا» تحمل مزيجاً من الفرص والتحدّيات، لكن، يبقى الإنسان هو محور التطوّر التكنولوجي وغايته».
أما بالنسبة للإنتاج الدرامي عبر عدد من الأعمال التاريخية الضخمة، لفت آل إبراهيم إلى أنه يقوم شخصياً بمتابعة العملية الإبداعية في المجموعة عن كثب، ومعها الأفلام الوثائقية الكبرى والمسلسلات والبرامج، خصوصاً التي تحمل طابعاً تاريخياً، وتسعى إلى تخليد ذكرى كبار الرموز والشخصيات.
كما وصف آل ابراهيم مسلسل «سراي عابدين» بأنه أكبر إنتاج درامي عربي على الإطلاق، يفوق بضخامته مسلسل «عمر» من حيث التكلفة.
وتابع: بفضل دعم الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم شخصياً، وتعاوننا مع مدينة دبي للإعلام، تمكّنا عبر استديوهاتنا الجديدة في مدينة دبي للاستديوهات، من الاستفادة من أحدث التقنيات السمعية – البصرية، الفائقة الجودة، ليظهر «سراي عابدين» بطريقة مُبهِرة، ويشكّل «مفاجأة» رمضان المقبل.
وفي معرض إجابته عن سؤالٍ حول «الإعلام الجديد» والـ«نيو ميديا»، أشار آل إبراهيم إلى أن عدد متابعي خدمات وشبكات التواصل الاجتماعي والمنتديات العائدة لـ«مجموعة MBC»، بمنصّاتها الثابتة والتفاعلية والمتحرّكة، بلغ 122 مليون مشترك.
وعلى صعيد متصل، أكد إبراهيم العابد، مدير عام المجلس الوطني للإعلام في الإمارات، الذي تم تكريمه بمنحه لقب شخصية العام الإعلامية، أن الشباب يمثلون ثقلًا كبيرًا لا يستهان به وما يلفت الأنظار تفاعل هؤلاء الشباب مع الإعلام الجديد بكل أشكاله، معتبرًا هذا التفاعل إيجابيًا ويمكن توظيفه في خدمة قضايا الشباب في مجالات الإبداع وتنمية المجتمع وتطويره، مشيرًا إلى أن هناك نماذج سلبية وإيجابية في الإعلام الإلكتروني وأن النموذج الإيجابي الذي يسعى إلى نشر المعرفة في إطار المسؤولية المهنية والأخلاقية هو الذي يجب مساندته.
إبراهيم العابد الذي عمل في الإعلام طيلة 40 عاما يرى أن الإعلام العربي يعيش مرحلة تحول عميقة فرضتها التكنولوجيا والطفرة الكبيرة في مجال الاتصالات والتي أحدثت ثورة في عالم المعلومات.
وقال إن الإعلام العربي يعيش مرحلة تخبط وعدم وجود ضوابط تحكم اتجاهاته مطالبًا بأن يعود إلى مساره الحقيقي والتأكيد على الالتزام بالحيادية والموضوعية والمعايير المهنية والأخلاقية بعيدًا عن الميول السياسية.
وكان للتحريض الإعلامي نصيب في ندوات المنتدى، حيث تم بحثه ومناقشته من خلال جلسة حملت عنوان «التحريض الإعلامي فتن بلا حدود» وناقشت الجلسة حالة التحريض التي تسيطر على المشهد الإعلامي العربي، خاصة في السنوات القليلة الماضية.
ومن جانبه، قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، في تدوينة له على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي«تويتر»، إن صياغة وتداول ونشر المعلومات شهدت ثورة في الشكل خلال السنوات الماضية، ولكن يبقى المضمون الحقيقي والكلمة الصادقة هو ما نبحث عنه دائماً، مضيفاً : «لقد تغيّر تعريفنا للإعلام، واختلفت نظرتنا للمؤثرين الحقيقيين فيه.. وتغيّر واقعنا الاجتماعي والسياسي.. ولا بد من استيعاب وفهم هذه المتغيرات».