صباحي.. ظل عبد الناصر (بروفايل)

كتب: محمد كساب السبت 24-05-2014 13:03

تطوقه عباءة جمال عبد الناصر أينما غدا.. لمع نجمه في العشرينات من عمره حينما تصدر قيادة الحركة الطلابية في سبعينات القرن الماضي، وذاع صيته وقتها بخوضه مناظرة أنور السادات، ذلك الرئيس الخارج من حرب جعلته في أوج قوته وعظمته، بعد «انتفاضة الخبز» 18 و19 يناير 1977 وتوقيع معاهدة كامب ديفيد.

يطرح صباحي نفسه كمرشح رئاسي باعتباره «شايف بطن الدولة المصرية» ويتفاخر بـ 40 عامًا قضاها في الحركة الطلابية والسياسة، فهو من مواليد بلطيم محافظة كفر الشيخ (5 يوليو 1954)، ليعاصر إنجازات الزعيم الراحل جمال عبد الناصر الاجتماعية، ويصبح ملهمه الذي يرتدي عباءته في خطاباته الاشتراكية والعروبية القومية.

التحق صباحي بكلية الإعلام جامعة القاهرة وشارك في الحركة الطلابية المنادية بإنهاء حالة «اللا حرب واللاسلم» مع إسرائيل بعد خلافة السادات لعبد الناصر.

ويتباين صباحي عن منافسه المشير عبد الفتاح السيسي في موقفه من السادات، فالأول كان من المناهضين لقراراته وسياساته إبان حكمه، والثاني أعرب عن اعتزازه به ورآه في «المنام»: «رأيت أني جالس مع السادات قال لي أنا عارف إني حبقى رئيس جمهورية فقلت له وأنا عارف إني حبقى رئيس جمهورية».

وتعرض صباحي في عهد السادات خلال أحداث انتفاضة الخبز 17 و18 يناير 1977، وعام 1981 بموجة اعتقالات سبتمبر.. كما اعتقل أكثر من مرة في عهد حسني مبارك، أبرزها القبض عليه عام 1997 لمشاركته في مظاهرة ضد قانون العلاقة بين المالك والمستأجر، الذي بموجبه طرد ملايين الفلاحين من أراضيهم.

«دفع حمدين وأسرته على مدى أربعين عامًا ومازال يدفع ثمن صعب (إنسانيا) من الاعتقالات والتعذيب والتشويه والاغتيال المعنوي.. «ما أقسى غياب الزوج في السجون فكم من أعياد لم نشعر بفرحتها لأنه لم يكن فيها بيننا... وأتذكر جيدا عام 97 عندما اعتقل حمدين لانحيازه لفلاحين مصر حتى لا تُنزَع منهم أراضيهم الزراعيه, مُنِعنا من دخول سجن المزرعة أنا وسلمى ومحمد لزيارة حمدين ومعنا طعام واحتياجات له ولزملائه المعتقلين ورجعنا سيرًا على الأقدام لمسافة 2 كيلو متر في نفس الوقت الذي سُمِح فيه بدخول عربية مرسيدس سوداء لزيارة الجاسوس الإسرائيلي عزام».. كان ذلك جانب من رسالة لزوجة صباحي، سهام نجم، نشرتها حملته على «فيس بوك».. التي تعتبرها «شهادة مجروحة».

وتراجع دعمه لأقطاب دول المُمانعة العربية (العراق وسوريا وليبيا) منذ اندلاع ثورة 25 يناير، حيث رأى في الثورة الشعبية النموذج الأمثل لتغيير الأنظمة العربية، بعد أن كان مؤيدًا لسياسات رؤسائها، واعتقل مرتين، الأولى في 1990 بسبب مشاركته في مظاهرات رافضة لوجود قوات مصرية بحرب تحرير الكويت من نظام صدام حسين، والثانية بعد مظاهرات في ميدان التحرير عام 2003 ضد غزو العراق.. كما يرى حاليًا أن تغيير النظام السوري يكون بـ«تصدي الشعب واللحم البشري للدبابات» وليس عن طريق تدخلات خارجية وجماعات مسلحة.

طموح صباحي في رئاسة البلاد وولعه بحلم حكم مصر ليس وليد قراره في فبراير 2014، فسبق أن أعلن ترشحه للرئاسة قبل شهور من اندلاع الثورة في عهد حسني مبارك أكتوبر 2010، لـ«وقف مشروع التوريث» من الأب للابن جمال مبارك.

وفي أول انتخابات بعد الثورة مايو 2012، فاجأ صباحي الجميع بعدد الأصوات التي حصدها (4 مليون و820 ألف و273 صوتًا) بعد مرشح «الإخوان»، محمد مرسي، والفريق أحمد شفيق بأصوات قليلة، ليسمى وقتها بـ«الحصان الأسود».

تمينًا برمزه في الانتخابات الماضية (النسر)، يخوض به حمدين سباق رئاسيات 2014، وزاد على شعار حملته (واحد مننا) عبارة (هنكمل حلمنا)، وتارة أخرى عبارة (حكم الثورة جاي أكيد)، مدعومًا بعدد من قوى التيار المدني، أبرزها حزب الدستور.

«مش جاي أوعدكم بالعيش بس.. أنا بوعدكم بالحرية» قالها حمدين صباحي لحظة إعلانه الترشح لانتخابات الرئاسة فبراير الماضي، فتحدث عن رغبته أن يكون «ضهرًا للغلابة، الشعب يشيل جبال بس ياخد فرصته ويطبطب عليه»..

وبخلاف «كبوة» المشير السيسي، فإن «الحصان الأسود» أو «النسر»، كما يحب أنصاره مناداته، يواجه فكي «كماشة»، الأول من المؤيدين لمنافسه الذين يعتبرون أحاديثه «دغدغة لمشاعر البسطاء» باستدعاء خطاب الاشتراكية في الستينات، وأن برنامجه الانتخابي يفتقد لجدول زمني لآليات تحقيق وعوده.

وقال ما يسمى «تحالف دعم الشرعية» قبل قراره مقاطعة الانتخابات إن حمدين صباحي «أخطر» من السيسي، في حين يرى أنصار المشير أن صباحي يناور لكسب أصوات «الإخوان»، بسبب تحالفه معهم في الانتخابات بعد الثورة ولقائه الرئيس المعزول محمد مرسي بعد فوزه في انتخابات 2012، بينما يرد حمدين بأن لن يقبل بوجود «الإخوان» كحزب أو جماعة، وأنه «لا تصالح ولا تسامح مع الإرهاب»، معتبرًا أن القضاء عليه يكون «بالعدل والحريات والأمن الكفء والجيش القوي والخطاب الثقافي الجديد.. ولما حصلت انتخابات رئاسة (في الجولة الثانية) عرض علي مرسي أن أكون نائبا له ورفضت، ولما أخذته العزة بالإثم وتنكرت جماعته للشعب المصري وقفنا ضدهم وعارضناهم ودعينا للثورة عليهم.. وكان ذلك بحثا عن مصلحة مصر وماحكمناش على حد بنيته ولكن بأفعاله».

فك «الكماشة» الثاني، يأتي من منتمين إلى كتلة الثورة، بعضهم يرى أن الانتخابات «مسرحية» تمنح السيسي شرعية حال انتخابه رئيسًا، ومعركة غير متكافئة القوى، وآخرون يرون أنه لا يختلف كثيرًا عن منافسه.. في حين قررت رموز من القوى الثورية دعمه، معتبرين أنه إذا لم يفز فيكفي أن يكون تصويتهم رسالة إلى السيسي بأنه «مش إله على أرض مصر».

بينما يرد المرشح الرئاسي بأنه «إذا ما كان يحدث الآن تمثيلية هزلية ما كنت شاركت فيها، وأقول للشباب المقاطعين، لماذا لا نجرب قوتنا».. ويعد ببناء نظام ديمقراطي قائم على الحريات «مفيش حاكم هيقدر يمنع الشعب من الحصول على حرياته أو يمن ع الشعب بالحريات» بعد التضحيات التي قدمها طوال السنوات الثلاث الماضية.

ووعد بالقصاص لدماء شهداء الثورة وتحقيق العدالة الانتقالية، وتعديل قانون التظاهر والعفو عن السجناء السياسيين.

وبعيدًا عن فكي «الكماشة».. فهناك اتجاه سائد في الشارع المصري يرى أن معركة الرئاسة «محسومة» من البداية لصالح المرشح الرئاسي المشير عبد الفتاح السيسي، عملا بمانشيت صحيفة الأخبار اللبنانية «الرئيس يترشح»، لكن صباحي يعتقد أن «المعركة لم تنته.. أعددنا ما يليق بأننا ديمقراطيين.. وأعدننا خطابًا للنصر وخطابا لقبول النتيجة (في حالة الخسارة)».

وودع «صباحي» ناخبيه بتغريدة على «تويتر» مع بدء الصمت الانتخابي، قال فيها «وما النصر إلا من عند الله».