سيد حجاب: لا مصالحة مع الإخوان قبل هزيمتهم بالكامل (حوار)

كتب: عادل الدرجلي السبت 17-05-2014 11:44

نحن أمام عصر جديد للإنسانية تخرج فيه من عصر الرشد إلى عصر الحكمة، والشعب تجاوز فكرة ديمقراطية التمكين وانتقل إلى ديمقراطية التبديل، هكذا بدأ الشاعر الكبير سيد حجاب حديثه، مشيراً إلى أن ثورتى 25 يناير و30 يونيو أسقطتا مخططا استعماريا كبيرا فى المنطقة وتقسيمها على أساس عرقى أو دينى.

وأكد «حجاب» أن الشعب لم يعد يعطى تفويضا أو شيكاً على بياض لأحد، وأن المشير عبدالفتاح السيسى حين تراخى فى تنفيذ تفويض مواجهة الإرهاب خسر حزءا كبيرا من شعبيته، لافتاً إلى أن حمدين صباحى، مرشح من الثورة ولكنه لا يحتكر حق الحديث عنها، وأضاف أن السيسى مرشح اختارته الثورة.

وإلى نص الحوار:

■ كيف ترى المشهد السياسى الحالى؟

-المشهد السياسى الآن عبارة عن عالم جديد ينسحب مستخدماً كل الأسلحة لمقاومة عالم قديم يسقط، فما حدث فى 25 يناير و30 يونيو، ثورة غير مسبوقة فى تاريخ الإنسانية وافتتاحية لعصر جديد للإنسانية بأكملها تخرج فيه من عصر الرشد إلى عصر الحكمة.

■ ألا ترى أن أعدادا كبيرة من العصر القديم كانت مشاركة فى ثورة العصر الجديد فى 30 يونيو؟

-فى 30 يونيو بعض القوى التى تنتمى للعالم القديم ممثلة فى أصحاب المصالح فى النظام القديم، بالإضافة إلى الاستعمار فى المنطقة والممثل فى إسرائيل وقطر، أو بعض من لهم مصالح مع الاستعمار مثل كثير من الدول أو الأنظمة العربية، فإن هذا جزء من المعادين لما يحدث فى مصر أيضا، هذان النوعان شاركوا فى 30 يونيو ويحاولون الآن إعادة استنساخ النظام القديم مضافاً له بعض التحسينات التزيينية.

■ وهل سينجحون فى إعادة النظام القديم؟

-لا أظن أنهم سينجحون، فما حدث فى الثورتين شىء جديد ومهم حدث فى المعادلة المصرية، وهو أن الشعب المصرى دخل المعادلة وأصبح رقماً صعباً، ونحن الآن أمام صراع ما بين الشعب المصرى الطامح إلى المستقبل وبين قوى قديمة على مستوى العالم تحاول إعادة استنساخ النظام القديم.

■ ومن هم أطراف هذه القوى العالمية فى الداخل؟

-جزء أساسى منها الدولة القديمة، وهذا العالم القديم المتشبث بمراكز السلطة موجود ويهدف لإعادة إنتاج العالم القديم على أساس الدولة التى تحكم الشعب، فى حين أن الشعب يأمل فى دولة تخدم الشعب.

■ وماذا سيكون تأثير هذا الصراع على الانتخابات الرئاسية؟

-الجميل فى هذا الشعب أنه لم يعد يعطى تفويضاً أو شيكاً على بياض، فنلاحظ مثلاً حين تراخى المشير عبدالفتاح السيسى فى تنفيذ التفويض الذى طلبه لمواجهة الإرهاب، خسر جزءا كبيرا من شعبيته فى الشارع، ومن الواضح لقراء المشهد أن السيسى هو الأكثر حظاً فى الفوز بالرئاسة، وسيكون تحت ضغط جهتين مختلفتين، جهة تحلم باستعادة النظام القديم، وأخرى تحلم بجمال الجديد، وبين هذين الضغطين، أظن أن الضمانة الحقيقية لأن يجتذب السيسى باتجاه ما هو جديد هو يقظة الشعب ورفضه إعادة النظام القديم.

■ من مرشحك فى الانتخابات الرئاسية؟

-كلاهما أقدره وأحترمه كجزء من القوى الوطنية، فالسيسى بموقفه فى ثورة 30 يونيو نال لنفسه شرف أن يكون بطلاً شعبياً، وفى المقابل حمدين صباحى أعرفه منذ زمن طويل وأعلم مدى صدقه وإخلاصة ووطنيته، يبقى الفيصل فى اختيارى برنامج الاثنين الاقتصادى الاجتماعى تحديداً، وأيضا الرجال المحيطون بكل منهم سيكونون أمراً حاسم فى انحيازى لأى مرشح.

■ لماذا أكدت على البرنامج الاقتصادى والاجتماعى دون غيره من البرامج؟

-لأهميته، فكلمة ثورة تعنى التغيير الجذرى لمناهج الحياة، للاقتصاد وعلاقته بالإنتاج، وتركيب مؤسسات الدولة، فكل هذا يجب أن يتغير لحساب فكر هذه الثورة من عيش وحرية وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية، وبالتالى رمانة الميزان فى هذه المسألة هو مدى الانحياز للشعب أو للرأسمالية ومن ينحاز للشعب أنا والشعب معه ومن ينحاز لمصالح جزئية سواء كانت حزبية أو طبقية فأنا والشعب لسنا معه، فأنا رجل عجوز ولست من أصحاب المصلحة فى المستقبل وهذا يجعلنى واقفا على البر وكل همى هو أولادى وأحفادى والأجيال القادمة ليعيشوا حياة كريمة.

■ متى يتوقف عنف الإخوان؟

-من المؤكد بل من الضرورى إنهاء هذه الحالة وأتصور أن السيسى حين حصل على التفويض لم يحسن استخدامه لإنهاء ما وعد به، وبالتالى هو لم ينجز حتى الآن ما وعد به، من التصدى للإرهاب المحتمل وهذا يعنى فشله فى إدارة الملف الأمنى حتى الآن، وكان عليه ألا يتراخى فى تنفيذ هذا التفويض وأن يسعى لهيكلة الداخلية لتتصدى معه لموجة الإرهاب، وما ألاحظه فشلا متكررا، وهو ما يعنى أن الداخلية لا تعى حجم المخاطر التى تواجهنا ولا تعى حدودها فى أن تتصدى للإرهاب دون أن تقمع الشعب والحقوق الإنسانية للمصريين، وهذا يعنى أنه حتى الآن فشل فى مواجهة المخطط الإرهابى فى المنطقة، بالإضافة إلى تقدم الحكومة أيضاً فى فترة وجوده كوزير فيها، بقانون التظاهر الذى يصرف كثيراً من القوى الثورية عن الالتفاف حول ثورتهم ويدفع بهم إلى صفوف المعارضة، كل هذا يعنى أنه لم يحسن إدارة هذا الملف، ويظل من المهم إحسان إدارة هذا الملف من خلال إعادة هيكلة الداخلية.

■ هل سيكون لجماعة الإخوان دور فى الانتخابات الرئاسية المقبلة من وجهة نظرك؟

-من المؤكد أنهم وكل أتباع القديم من القوى المتمترسة داخل الدولة من البداية سيحاولون تفجير خارطة الطريق، فقد حاولوا تفجير لجنة الخمسين من الداخل ولم يفلحوا وحاولوا تعطيل مسيرة استكمال خارطة المستقبل، ومازالوا يحاولون، ولن تتوقف عن العنف إلا عندما تجد القوى الشعبية التى تحكم بالفعل وبالطريقة المتغيرة فى الخطاب، بعد تجفيف منابع الإرهاب وتنفيذ العدالة الانتقالية كما ينبغى.

■ هل تتوقع مرور الانتخابات الرئاسية بنزاهة؟

-بالنزاهة التى تعنى نزاهة الصناديق والإشراف عليها وليس نزاهة المناخ المفضى للانتخابات، لما نراه الآن من محاولات المتمسحين بالسيسى ونراه من محاولات القوى القديمة حتى الآن بالتدخل، فالإعلام الرسمى يكاد يكون متحيزا، والإعلام الخاص إعلام مصالح خاصة ويعبر عن أصحاب مصالح، وهذا لا يعنى عدم وجود شرفاء يحاولون البحث عن الحقيقة.

■ كيف يكون الانحياز للسيسى من الإعلام فى حين أن حمدين حظه أوفر فى الظهور الإعلامى نظرا لتأمين السيسى والإقلال فى الظهور؟

-مجرد صمت السيسى عن ذيول النظام القديم التى تتمسح به هو سلوك مناور، لأنه يسكت عنهم لما يمثلونه من ظهير انتخابى قوى بالنسبة له، والرهان الآن على السيسى من الطرفين من القوى الشعبية التى تنظر له على أنه فارس القوى الشعبية الذى سيبنى دولة جديدة تعمل لصالح الشعب، ومن ناحية أخرى الدولة القديمة التى ترى فيه أنه ابن لهذه الدولة والذى سيكون رحيما إصلاحيا ليس ثوريا مع جهازها الإدارى.

■ إذا أنت ترى أن هناك تحيزا تجاه «السيسي» من الإعلام؟

-مجرد أن يعلن السيسى بيان ترشحه للرئاسة من خلال تليفزيون الدولة يعد انحيازاً حكومياً، وهناك ملاحظة يجب أن أذكرها فى بيان الترشح، وهى أنه برغم من كل النوايا الطيبة التى تضمنها البيان لم ترد فيه كلمة واحدة عن حقوق الإنسان أو عن الديمقراطية، وهو ما يعطى رسالة سلبية تضاف إلى مجموعة من الرسائل السلبية الأخرى.

■ هل ترى أن السيسى خيار الصدفة أم الضرورة؟

-الحقيقة أن الأستاذ هيكل قال إن السيسى خيار الضرورة وأنا أتفق معه، فهو خيار الضرورة ولكن يجب أن يكون بالشروط الشعبية لا بشروط إطلاق اليد، حتى لا نصنع ديكتاتورا جديدا.

■ ما المواصفات الواجب توافرها فى رئيس مصر القادم؟

-أن يكون ملماً بالمشكلات التى تعيشها مصر ومنحازاً فى حلها إلى غالبية الشعب وأن يكون مدركاً للتيارات الكبرى التى تحكم عصرنا ومنطقتنا، فإذا توفر إلى جانب هذا كله، الإرادة والقدرة ستكون هناك مصر جديدة بحق.

■ هل تنتهى فكرة المصالحة مع الإخوان حال فوز السيسى بالرئاسة؟

-أظن أنه لا يمكن إجراء أى مصالحة مع الإخوان إلا بعد أن تتم هزيمتهم بالكامل، وكل الأعمال الإرهابية ستظل موجودة طالما لم نتصد لها التصدى الصحيح، وفكرة المصالحة فات أوانها بشكل عام، فالمصالحة التى لا تبنى على أساس عدالة انتقالية فكرة تلفيقية أو توفيقية لن تفضى بنا إلى خير.

■ لمن أعطيت صوتك فى الانتخابات الرئاسية الماضية؟

-فى الجولة الأولى انتخبت حمدين وفى الجولة الثانية قاطعت التصويت، فلا يمكن الاختيار بين التصويت لـ«الكوليرا» و«الطاعون»، فمن خاضا جولة الإعادة كان واضحا أن كليهما شر.

■ ولماذا لم تحسم تصويتك لصالح حمدين فى هذه المرة؟

-لأن المرشح المنافس له على الرغم من الرسائل السلبية التى تصلنى منه، مازلت آملاً فى أن يخضع للضغوط الشعبية ويقدم برنامجاً ينحاز لصالح الشعب.

■ كيف ترى وصف حمدين بمرشح الثورة؟

-هو مرشح من الثورة هذا لا شك فيه ولكنه لا يحتكر حق الحديث عن الثورة لأن الثورة شارك فيها قطاعات عريضة من الشعب لا أحد منهم يستطيع احتكار الحديث عنها أو باسمها، فهو مرشح من الثورة والسيسى مرشح اختارته ثورة 30 يونيو.

■ ما تعليقك على تأييد عدد كبير من التيار الناصرى لـ«السيسى»؟

-هذا حقهم وأعلم أن كثيرا منهم من أصدقاء حمدين المتواصلين معه بشكل دائم وموجودين فى حملة السيسى، وشباب تمرد أنفسهم بعضهم يؤيد السيسى وبعضهم يؤيد حمدين، فهذا انقسام مجتمعى طبيعى يحدث فى هذه اللحظات الفارقة

■ ماذا يمكن أن يحدث لو تمكنت جماعة الإخوان لا قدر الله من اغتيال «السيسى»؟

-من المؤكد حتى الآن أن السيسى يمثل للجماهير العريضة فارس الأمل، ولكنها فى حالة حدوث مكروه للسيسى لا قدر الله، فإنها كما أفرزت هذه الجماهير هذا الفارس هى قادرة دائما على الفرز والتدقيق لاختيار البدلاء، فهذه الجماهير كانت ترى فى الدكتور محمد البرادعى فى وقت من الأوقات فارسا للأمل ولكنها استطاعت بسرعة أن تتخلى عنه عندما وجدت أنه ليس فارس أملها وإنما فارس أمل المشروعات الاستعمارية.

■ كيف تقيم العلاقات المصرية الأمريكية فى ظل الإفراج عن جزء من المعونة وبداية تحسنها؟

-لا تملك أى دولة أيا ما كانت عظمتها رفاهية ألا تقيم علاقات مع دولة مثل مصر لأن موقع مصر هو موقع حاكم لمنطقة بأكملها وموقعها الحالى أكتسب أهمية مضاعفة بعد أن كانت ملتقى الطرق البحرية عبر قناة السويس وملتقى الاتصالات البشرية والإنترنت فى العالم من خلال الألفى كيلو الممتدين على المتوسط والأخرى على البحر الأحمر، وهذه قيمة مضافة لعبقرية الموقع، فلا تملك أى قوى فى العالم أن تجهل إقامة علاقات مع دولة مثل مصر، والمفترض أيضا أن تقيم مصر علاقات متوازنة مع كل الأطراف.

■ لكن الموقف الأمريكى كان ضد مصر عقب ثورة 30 يونيو؟

-لأن مصر بثورتها «ضربت كراسى فى كلوبات كثيرة فى المنطقة»، فقد ضربت كرسى أساسى فى كلوب المشروع الاستعمارى فى المنطقة، وآخر فى كلوب المشروع التركى فى أن تنفتح الأسواق العربية لتركيا فتأخذها شهادة لها لتدخل بها السوق الأوروبية، وقد ضربت أيضا مشروع إسرائيل فى إقامة دولتين دولة خالصة اليهودية، وظل دولة تقام على 22% من أرض مصر، ولذلك فإن ثورة 30 يونيو أسقطت فكرة الدولتين وتعيد القضية الفلسطينية إلى التحرير وليس التقسيم، فأن ما فعله الشعب فى الثورة غير الكثير من الموازين.

■ كيف ترى الدعم العربى الخليجى لمصر؟

-بالتأكيد هناك إدراك فى المنطقة أنه كانت هناك محاولة لإخراج العرب من التاريخ والجغرافيا، وترتيب المنطقة على أساس أن هناك قوميتين فقط الأولى القومية التركية والثانية الإيرانية، إضافة إلى قومية مصنوعة تسمى القومية الصهيونية لترتيب الشرق الأوسط على أساس أن هذه هى القوى الفاعلة والأساسية وأن العرب مجرد مصدر لثروات لا يستغلونها من وجهة نظر الغرب، فهناك استشعار من العرب لهذا الخطر، فإن معظم حكام دول الخليج الحريصين على استقلالهم الوطنى وعروبتهم استشعروا هذا الخطر فى الهجمة على مصر، وبالتالى فى وقفتهم مع مصر كانوا يقفون مع مصر لحساب مصر ولحسابهم أيضاً.