ستيفن جيرارد.. «واصل المشى والأمل يَسْكُن قلبك»

كتب: محمد المصري الخميس 15-05-2014 13:54

لم يستطع مُغالبة دموعه عقب مُباراة «مانشستر سيتي»، الفوز 3-2، تقديم مُباراة مثالية في الشوطِ الأول وبقدر مُحتمل من الخسائر في الشوطِ الثاني، هدف «كوتينيو» وضع ليفربول كمرشحٍ أول للقبِ الدوري الإنجليزي لأول مرة منذ عقدين، وفي الذكرى الـ15 لمأساة «هيلسبروه»، التي راح ضحيتها 96 مشجعاً في إبريل 1989، أصغرهم هو ابن عم الذي لَعِبَ كرة القدم تكريماً لروحه، كانت الأمور أجمل من أن تُحتمل، والدُّموع هِىَ عَرق المَشاعر، ففاضِت في عَينِ «جيرارد»، قبل أن يستجمع نفسه ويُخبر رفاقه: «لا يمكننا أن ننزلق الآن، اسمعوا.. اسمعوا.. ما حدث الآن قد ذهب، يجب أن نذهب الآن إلى نورويتش ونفعل مثله ثانية».

Download Video as MP4

«لا يمكننا أن ننزلق الآن»، نفس الكلمات التي أخبر بها رفاقه عند الذهاب إلى غرفة خلع الملابس في مباراة دوري الأبطال النهائية عام 2005، حين تأخر الفريق أمام ميلان 3-0، وظن الجميع أن المباراة قد انتهت، وتمنى آخرون وجود «تشيلسي»، منافس قبل النهائي، بدلاً من الليفر كى يحمل النهائي بعض النديَّة والإثارة، ولكن ما حدث تحديداً أن كلمات «القائد» جعلت رفاقه في مزاجٍ مُلائم لتحقيقِ المُعجزات، رأسيته في مَرمى «ديدا» بالدقيقة 54 فتحت الطريق، يُلَوّح للجماهير بيده أن يشجّعوا لآخر ما يستطيعون، «لا تخف من الظلام لأنه في نهاية المطاف ستتبين لك سماءً ذهبية» كما غَنُّوا معاً لسنواتٍ، دقيقتين بعدها ويجعل «سميتشر» الأمور قريبة، قبل أن يحضر «جيرارد» نفسه ركلة جزاء في الدقيقة 60، «حتى لا تذهب أحلامَك أدراجَ الريح»، «ألونسو» يتعادل، ليفربول سجَّل ثلاثة أهداف في 7 دقائق فقط، «واصل المشى والأمل يَسْكُن قلبك»، كل كلمات الأغاني قد صارت حقيقة ولها مَعنى في ليلة أسطنبول تِلك، «لن تمشي وحيداً أبداً».

Download Video as MP4

«جيرارد» كانت تنتظره مُعجزةً أخرى كتلك هذا الموسم، فازوا على نورويتش، «فعلوا نفس الشىء» بالظبط كما قال القائد درجة الفوز بنفس النتيجة 3-2، وتبقت لهم ثلاث مباريات فقط، الفوز فيهم يجعلهم أبطال الدوري للمرة الأولى منذ 24 عاماً، الجميع تمنى ذلك من أجله، وهو تمنى ذلك من أجلِ الجَميع.

«لا يمكننا أن ننزلق الآن»أخبرهم، وما حدث في مباراة «تشيلسي» أن «جيرارد» قد «انزلق» وحيداً، لتذهب كرته إلى ديمبا با ويُحرز هدف «تشيلسي» في نهاية الشوط الأول، كيف يُمكن أن ينتهي حُلم عمره، 24 عاماً، بانزلاقة قَدم؟ ذهب «جيرارد» إلى المَرمى، أخذ الكرة، سار بها، وحيداً، إلى المُنتصف، لو فعلَ أى لاعب آخر ذلك الخطأ كان هو من سيذهب إليه، يخبره بأن الأمور ستتحسن، أنها ستكون بخير، أننا سنعود في النتيجة، وأن المُعجزات مُحتملة، لم يكن ليترك أحدا يسير وحده، لأنه دائماً بالجوار، ولكن إذا كان هو من فعلها.. فلا يوجد من يحتمل خطايا الأخ الأكبر إلا الأخ الأكبر، لا تهوينٌ هُنا أو رَبْت على الكَتف، تلك هى اللحظة التي ينبغي عليه أن يمشي دون أحد.

لم يكن «ليفربول» في البداية مُرشحاً للفوزِ بالدوري، ولكن حين خسره في النهاية جرى ذلك بأصعبِ صورة، «جيرارد» ظهر في المباراة التالية بذقنٍ غير حَليقة، وجبال مُعتادة فوق كتفيه، وسارت الأمور بدرامية مُبالغ فيها بعد أن فقد الفريق تقدمه حتى الدقيقة «78» 3-0 ضد كريستال بالاس، لتصبح 3-3 في الدقيقة 88، في مُعجزةٍ مُعاكسة كانوا ضحيتها في تلك المرة «سواريز» بكى، وكان «جيرارد» هو الشخص الموجود بجواره رغم كل هذا الثقل في مساراتِ الأمور، عَلِمَ أنه ينبغي عليه أن يتحمل قسوة الذكرى إلى الأبد، وأن يبدأ، في الموسم المقبل، رحلة سيزيفية جديدة للفوزِ بالدوري مع «ليفربول».

وبعد شهر واحد على كل هذا، سيكون على «جيرارد» أن يَنْفُض كل شىء جرى، يواصل المَشى من جديد والأمل يَسْكُن قَلبه، كي يَجعل رفاقه في مزاجٍ مُلائم لتحقيق المعجزات، حين يذهب إلى البرازيل، قائد لحفنة مُراهقين متوسط أعمارهم 22 عاماً من قبيل لوك شو، جاك ويلشير، رحيم سترلينج، جوردن هيندرسون، آدم لالانا، داني ويلباك، أليكس تشامبرلين ودانيال ستوريدج.

سيخبرهم عما حدث في موسمِ ليفربول، سيقتطع جزءه الختامي ويقول لهم إن إنجلترا الآن في نفسِ النُقطة، لا يرشحها أحد للفوزِ بشىء، تواجه بأسهم أضعف منتخبين كإيطاليا وأورجواى، تماماً كما كان الليفر في مواجهة المانشسترين وتشيلسي وأرسنال عند بداية الموسم، ولكن ببعضِ الجُهد والأمل يُمكننا أن نفعل شيئا ما، دون أن ننزلق في تلك المرة.