الأنبا موسى أيقونة مصرية

محمد أبو الغار الإثنين 12-05-2014 20:05

عندما رسم البابا شنودة الأنبا موسى أسقفاً وخصه بعد ذلك بمسؤولية أسقفية الشباب، أحدث هذا القرار تأثيراً كبيراً على شباب الأقباط وعلاقتهم بشباب المسلمين وانتمائهم بقوة للوطن الأم والمشاركة المجتمعية والسياسية، وكانت روح وفكر وعمق مشاعر المحبة عند الأنبا موسى تكفى لأن تغمر كل شباب مصر من مسيحيين ومسلمين، وتؤثر فى مصر فى فترة حرجة من تاريخها.

أشرف بأننى تعرفت على الأنبا موسى منذ سنوات طوال، ومنذ اللحظة الأولى اجتذبنى بحبه وإنسانيته وسعة صدره، ولعمق إيمانه الدينى وإيمانه بمصر والمصريين، احتضن المسلمين كما احتضن المسيحيين، وكانت أسقفية الشباب تشغى بالأنشطة الثقافية والفنية والعلمية تحت رعايته. تخرج من مدرسته الواسعة الآلاف من شباب الأقباط الذين رأى معظمهم الدنيا بمنظور مختلف، رأوها بعيون وروح وحب الأنبا موسى فنجحوا فى المجتمع وفى عملهم وفى علاقتهم مع الجميع، وهم الآن يكونون أجيالاً من تلامذته من العشرين إلى من تخطوا الستين عاماً.

أذكر أننى ألقيت العديد من المحاضرات تحت رعايته فى أسقفية الشباب بالكاتدرائية وسط محبة كبيرة، وأذكر جيداً كيف أثارت تجمعات الأقباط الجامعية والتى أطلقوا عليها اسم (سى إتش)، وهو مكان داخل الجامعة بعيداً عن مناطق الطلاب المزدحمة، فاعتبر الأنبا موسى أن الطلبة والطالبات المسيحيين حين يفصلون أنفسهم عن بقية الطلبة يرتكبون خطأ كبيرا لأنهم جميعاً أبناء وطن واحد ولا يمكن أن يفصلهم الدين عن بعض، وقام الأنبا موسى بمجهود لتفكيك هذه التجمعات واندماجهم فى المجتمع الجامعى، وما زلت أذكر أحاديثى مع شباب الأقباط عن الفن والسينما والمجتمع فى أسقفية الشباب. وفى فترة التوتر السياسى قبل الثورة وأثناء الثورة كان للأنبا موسى دور وطنى عظيم فى جمع شمل الشباب الغاضب والثائر، لابتعاده عن التيار الشعبى العارم، واستطاع الأنبا موسى بالحب والحكمة وبمساعدة البعض الذين استدعاهم إنهاء الأزمة بسلام، ونجح فى الحفاظ على التصاق الشباب بكنيستهم العظيمة المؤثرة، مع ترك حرية عملهم السياسى فى الشارع ثم فى الأحزاب. واحتفل بالشباب بعد الثورة وترحم على أرواح الشهداء منهم.

بالرغم من أن الأنبا موسى هو راهب متبتل فإنه على دراية واسعة بما يجرى فى مصر من تيارات سياسية ووطنية، وأيضاً ما يدور فى العالم كله ولذا كان الناصح الأمين للشباب. والأنبا موسى كان ينعم بحب البابا شنودة وهو الآن ينعم بحب البابا تواضروس، لم يكن له تطلعات فى مناصب أو نفوذ وإنما كان وزنه الكبير فى الكنيسة يأتى من محبته ومن حب الناس كلها له.

الأنبا موسى بالنسبة لى شخصية هائلة فذة، أثرت فىّ شخصياً لعمق حبها وإخلاصها والإشعاع النورانى الذى يصدر منها، وأعتقد أن تأثيره على مصر كلها وشبابها وعلى كنيسته العريقة كان عظيماً.

تحية لروح الشباب والحب المستمر لمصر كلها.