استوقفنى هذا الكلام فى حوار الأستاذ حمدين صباحى مع الأستاذين خيرى رمضان ومجدى الجلاد. قارن بين جلوسه مع محمد مرسى وأداء التحية من وزير الدفاع السيسى للرئيس السابق. سرقتنى أفكار وخواطر. نسيت الموضوع. ذكّرنى به مجدداً. ما قاله الأستاذ عمرو أديب فى برنامجه القاهرة اليوم. قال إن السيسى ملزم بأداء التحية لكن صباحى ليس مجبراً على أن يقابل مرسى. بينما أتصفح بريدى عثرت على فكرة لنفس الموضوع. فى رسالة الدكتور العزيز يحيى نور الدين طراف. قررت أن أفسح المكان له.
يقول صاحب الرسالة: «قال حمدين صباحى لمجدى الجلاد وخيرى رمضان إنه يقول لأنصار المرشح المنافس الذين قالوا إنه جلس مع مرسى، إنه لما فعل ذلك كان المرشح المنافس (بيضرب له تعظيم سلام). وكنت أنأى بصباحى عن مثل هذا الرد؛ فهو إن أراد أن يرمى منافسه بسهم، فقد كان حرياً به أن يتقيد بأدب الحوار بين الكبار، وهو ألا يطلق لسانه علانية بإساءة لمنافسه، فى الوقت الذى لم تسبق له من منافسه أى إساءة، فهو عندئذ إنما أصاب نفسه وليس منافسه. فالسيسى فى حواره المذاع على الأمة حين اضطره المحاوران لذكر صباحى، لم يذكره إلا بخير، لذا كان على صباحى أن يسلك نفس المسلك؛ فلو أنه أراد أن يتناول شخص السيسى رداً على ما يزعمه أنصار السيسى عن شخصه، فقد كان أليق بهذا الرد أن يأتى من أنصار صباحى، وليس منه هو شخصياً.
كما أن تأدية القائد العام التحية العسكرية للقائد الأعلى أياً من كان هى فريضة وليست مهانة؛ ومن عجب أن يقول مرشح رئاسة الجمهورية مثل هذا القول. ولا يتفق مع مثل هذا المنطق إلا مرسى وإخوانه الذين رأيناهم يغضون من الاحترام الواجب للقاضى فى قاعة المحكمة ؛ فهل يقر حمدين مثل هذا التصرف منهم فى قفص الاتهام، وهل كان يريد كذلك من السيسى أن يتجاهل الدولة ونظمها، فيغض مثلهم من احترامه للقائد الأعلى ولا يؤدى له التحية؟. وماذا لو توسد صباحى المنصب الرفيع؛ ألن يجد نفسه مضطراً فى الكثير من الأحيان لاتباع بروتوكولات يكرهها، لكن يفرضها الموقف والمنصب، منها تحية علم دولة الرئيس الضيف الذى ينزل فى ضيافته، والوقوف احتراماً عند عزف سلامها الوطنى، حتى لو كانت دولة إسرائيل، أم أن سيادته سوف يظل جالسا فى مكانه، لأنها بزعمه عادت دولة الكيان الصهيونى».
انتهت الرسالة. مستشارو الأستاذ حمدين لابد أن يساعدوه على تجنب هذه الأخطاء.
الرد الذى قاله لا ينفى فى نهاية الأمر أنه كان يتعاون مع الإخوان. لا يمكن مقارنة دور أصحاب المسؤولية مع من ليسوا فى موقع مسؤولية. لا يقبل السياسيون غير المنضمين للحكومة التفاعل مع المسؤولين الإسرائيليين. لكن المسؤولين المصريين الرسميين يقبلون. لا هذا يعنى أن الفريق الأول وطنى. ولا ذاك يعنى أن الفريق الثانى خائن. مثال إضافى. يدافع المتطوعون فى الجمعيات غير الحكومية عن تلقيهم دعما خارجيا. يقارنون بين أنفسهم وبين ما تتلقاه الحكومة من معونات. أنا شخصيا أوافق على تلقى التمويل. لكن أرفض المقارنة. الدولة غير الجمعية. صباحى غير السيسى.